عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
الشعراء الأعضاء .. فصيح > المغرب > الطاهر الصوني > يا أبتي إني رأيت

المغرب

مشاهدة
637

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

يا أبتي إني رأيت

الآن يا أبتي بلغت الأربعينْ
حين اعتنقنا و افترقنا...
كنت أبحث
في المطرْ
عن وجهك المسكونِ بالحزن الجميلْ
في جبتي أشتات وهم عابر
والطيف فرْ
كل الدفاتر مُزِّقت
وقصائدي شُِنقت
وهام الحرف بين الطين،
يسكب دمعه،
بين الحفرْ
ومضت سنونٌ و الثرى يرثيكَ
يعلن كل يوم أنني لكَ
أنتظرْ
لازال في قلبي بقايا من رؤاكْ
والحزن يسكنني،
وملح الريح
في جسدي
انتشرْ...
فيك احترفت الجوع يا أبتي،
جربت في يدك المشانق،
وارتشفت الموت منك
أقمت ألتمس الخبرْ...
ما من خبرْ...
وحدي هنا، و الغيم سافر
في ضلوعي وانتهى
ما كان منكْ
حتى الأثرْ
مات الأثرْ
ولم تذرْ
تلك المراثي جبها،
فغدت تعانقني ... أعانقها
فيلتف الشجرْ
من حولنا، يبكيك يا وجع
المواويل الحزينة
وافترقنا ...
فانتحرْ
ومضت سنون يا أبي،
ونوارس البحر اختفت
تركتك وحدك ...
ما الخبرْ؟
بيني و بينك خيط دخان
قواميس وقرطاسٌ
يهيم بلا عبرْ
صور تنام على رصيف دفاتري
أشلا ء حلم عابرٍ
أمر قُدِرْ
عيناك يا أبتي رعت بهما الرياح هيامها
والخوف مسهما
فلم أرَ منهما إلا بقايا من صورْ
تبكي كطفل، تلعن الزمن
الذي أسسته بيديك
يا أبتي هنا،
قبل السفرْ
وتقول في صوت خفي منفطرْ:
يكفي سيسمعنا الخليفة يا بنيْ
أو تخبر الحيطان سيدنا
بما عنا صدرْ
يأتي على فرس و في يده المدى
والريح تحمله فيقتلنا ...
ويرمينا لوحش
مستعرْ
وتوقفت شفتاك، ثم انساب قولك يا أبي:
هم يحملون الموت يا ولدي إلينا
كل يوم يشربون دماءنا
لم يتركوا شيئا ...
إلا الدمارَ
المنتشرْ
قد كنتُ يا أبتي صغيرا حينها
والجوع مزقني و صوتك
قد وقَرْ...
في القلب يا أبتي
وقرْ
أرعبتني ... لكنني لم أنس جوعي
جعت يا أبتي، فتعطيني رغيفا،
كل بنيْ
أبتي سئمت الخبز بلَّلَه الردى
جوعي، أبي،
قد جاوز الحدَّ
انتهى للمستقرْ
أبتي سئمت الانتظار،
والنورس البحري ما عاد،
اختفى
قد أعدموه
أو انتحرْ
أسكت بنيْ، فا لغول خارج كوخنا،
يترصد الأطياف
بالحي القديم المنقعر
حرس الخليفة يرقبون تحركات شفاهنا
الحائط الخشبي يهوي نحونا
أنظر إليه بنيَّ، يسمعنا...
ملابسنا تطاردنا،
وقطة جارنا،
والجار قد يوشي بنا،
والأرض يا ولدي،
وأمك و الهواءُ...
فليث أمك لم تلدك بنيْ، و لم تحملك في أحشائها
يا ليثها ولدتك بنتا تغزل الصوف الجميلَ
لعلنا نهدي الخليفة منه أقمصة
تريحه من عناء هيامنا
فهو الخليفة يا بنيْ ...
والمنتصرْ
أبنيَّ يكفي ...قد تعبث
ستجلب الأشباح
يا ولدي إلينا
وحدنا
سنموت كي يحيا الخليفة في بلاد تحتضر…
أشباحه، ولدي، تطاردنا
ُتذَبِّحُنا
وتستحيي النساءَ، تقتِّل الأطفالَ
تنشر رعبها
أين المفرْ
هيَّا بنيْ ...
وأخذتني للشاطئ الرمليِّ
ثمَّ وأدْتني و تركتني
بين الحفرْ
كانت هناك، أبي، طيور النورس البحري
في كنف السماءِ، رأتك تنبش حفرة،
ورأتك تحضنني، و تبكيني
ودمعك منهمرْ
والبحر يرسم حولنا طوقا يزيننا
ويبكي صامتا
والرمل يبكي
والحجرْ...
ودفنتني يا والدي تحت الثرى
وارََيْت حلمي، لست وحدي
قد ملأنا الأرض يا أبتي
سيأتيك الخبرْ
وستنهض الأجداث من هذي الحفرْ
كي تصنع التاريخ
تبعث في المدى
حرية حمراء ...
في الكون الفسيح ستنتشرْ
يا والدي بيني و بينك حبك الأحلى ...
أبي، عشرون عاما لم تهاجر كالنوارس
بل بقيت هنا على قبري ...
هنا بي تفتخرْ
ماتت طيور الهمس و انتحرت
على شفتيك أحرف رؤيايَ
انتهت لمَّا انْصهرْ
ما كان منك من الكلام
على رصيف الصمت
تنشده...
أغانيك التي أدمنتها، واليوم تنهض من سباتك
كي تبارك طفلك المسكون بالأحلام،
في يدك الندى، وسنابل الريح اليتيمة،
وانتكاسات السنينْ
وجلسْتَ قرب القبر تبكي يا أبي
وجرت دموعك كالمطرْ
في كل حدب،
فانتبهتُ ...
إذِ الحياة تدب في جسدي
وهمس الريح يقرئني
التجلي المنتظرْ
بيدي اليمين حملت أحجاري
بيدي اليسار وريقات
فتحت يدي ...
فطارت نحو شامٍ ذبَّحوه
أبي ... لتعلن للمدى
بدء اندحار الخوف
من وحش تصاغر ...
فاندثرْ
الطاهر الصوني

إلى إخواننا في سوريا أهدي هذه القصيدة بعد معاناتهم المريرة في ظل حكم الطاغية بشار و أبيه ...
التعديل بواسطة: الطاهر الصوني
الإضافة: الجمعة 2016/12/16 06:56:08 صباحاً
التعديل: الجمعة 2016/12/16 05:24:11 مساءً
إعجاب
مفضلة
متابعة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com