إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
الآن يا أبتي بلغت الأربعينْ |
حين اعتنقنا و افترقنا... |
كنت أبحث |
في المطرْ |
عن وجهك المسكونِ بالحزن الجميلْ |
في جبتي أشتات وهم عابر |
والطيف فرْ |
كل الدفاتر مُزِّقت |
وقصائدي شُِنقت |
وهام الحرف بين الطين، |
يسكب دمعه، |
بين الحفرْ |
ومضت سنونٌ و الثرى يرثيكَ |
يعلن كل يوم أنني لكَ |
أنتظرْ |
لازال في قلبي بقايا من رؤاكْ |
والحزن يسكنني، |
وملح الريح |
في جسدي |
انتشرْ... |
فيك احترفت الجوع يا أبتي، |
جربت في يدك المشانق، |
وارتشفت الموت منك |
أقمت ألتمس الخبرْ... |
ما من خبرْ... |
وحدي هنا، و الغيم سافر |
في ضلوعي وانتهى |
ما كان منكْ |
حتى الأثرْ |
مات الأثرْ |
ولم تذرْ |
تلك المراثي جبها، |
فغدت تعانقني ... أعانقها |
فيلتف الشجرْ |
من حولنا، يبكيك يا وجع |
المواويل الحزينة |
وافترقنا ... |
فانتحرْ |
ومضت سنون يا أبي، |
ونوارس البحر اختفت |
تركتك وحدك ... |
ما الخبرْ؟ |
بيني و بينك خيط دخان |
قواميس وقرطاسٌ |
يهيم بلا عبرْ |
صور تنام على رصيف دفاتري |
أشلا ء حلم عابرٍ |
أمر قُدِرْ |
عيناك يا أبتي رعت بهما الرياح هيامها |
والخوف مسهما |
فلم أرَ منهما إلا بقايا من صورْ |
تبكي كطفل، تلعن الزمن |
الذي أسسته بيديك |
يا أبتي هنا، |
قبل السفرْ |
وتقول في صوت خفي منفطرْ: |
يكفي سيسمعنا الخليفة يا بنيْ |
أو تخبر الحيطان سيدنا |
بما عنا صدرْ |
يأتي على فرس و في يده المدى |
والريح تحمله فيقتلنا ... |
ويرمينا لوحش |
مستعرْ |
وتوقفت شفتاك، ثم انساب قولك يا أبي: |
هم يحملون الموت يا ولدي إلينا |
كل يوم يشربون دماءنا |
لم يتركوا شيئا ... |
إلا الدمارَ |
المنتشرْ |
قد كنتُ يا أبتي صغيرا حينها |
والجوع مزقني و صوتك |
قد وقَرْ... |
في القلب يا أبتي |
وقرْ |
أرعبتني ... لكنني لم أنس جوعي |
جعت يا أبتي، فتعطيني رغيفا، |
كل بنيْ |
أبتي سئمت الخبز بلَّلَه الردى |
جوعي، أبي، |
قد جاوز الحدَّ |
انتهى للمستقرْ |
أبتي سئمت الانتظار، |
والنورس البحري ما عاد، |
اختفى |
قد أعدموه |
أو انتحرْ |
أسكت بنيْ، فا لغول خارج كوخنا، |
يترصد الأطياف |
بالحي القديم المنقعر |
حرس الخليفة يرقبون تحركات شفاهنا |
الحائط الخشبي يهوي نحونا |
أنظر إليه بنيَّ، يسمعنا... |
ملابسنا تطاردنا، |
وقطة جارنا، |
والجار قد يوشي بنا، |
والأرض يا ولدي، |
وأمك و الهواءُ... |
فليث أمك لم تلدك بنيْ، و لم تحملك في أحشائها |
يا ليثها ولدتك بنتا تغزل الصوف الجميلَ |
لعلنا نهدي الخليفة منه أقمصة |
تريحه من عناء هيامنا |
فهو الخليفة يا بنيْ ... |
والمنتصرْ |
أبنيَّ يكفي ...قد تعبث |
ستجلب الأشباح |
يا ولدي إلينا |
وحدنا |
سنموت كي يحيا الخليفة في بلاد تحتضر… |
أشباحه، ولدي، تطاردنا |
ُتذَبِّحُنا |
وتستحيي النساءَ، تقتِّل الأطفالَ |
تنشر رعبها |
أين المفرْ |
هيَّا بنيْ ... |
وأخذتني للشاطئ الرمليِّ |
ثمَّ وأدْتني و تركتني |
بين الحفرْ |
كانت هناك، أبي، طيور النورس البحري |
في كنف السماءِ، رأتك تنبش حفرة، |
ورأتك تحضنني، و تبكيني |
ودمعك منهمرْ |
والبحر يرسم حولنا طوقا يزيننا |
ويبكي صامتا |
والرمل يبكي |
والحجرْ... |
ودفنتني يا والدي تحت الثرى |
وارََيْت حلمي، لست وحدي |
قد ملأنا الأرض يا أبتي |
سيأتيك الخبرْ |
وستنهض الأجداث من هذي الحفرْ |
كي تصنع التاريخ |
تبعث في المدى |
حرية حمراء ... |
في الكون الفسيح ستنتشرْ |
يا والدي بيني و بينك حبك الأحلى ... |
أبي، عشرون عاما لم تهاجر كالنوارس |
بل بقيت هنا على قبري ... |
هنا بي تفتخرْ |
ماتت طيور الهمس و انتحرت |
على شفتيك أحرف رؤيايَ |
انتهت لمَّا انْصهرْ |
ما كان منك من الكلام |
على رصيف الصمت |
تنشده... |
أغانيك التي أدمنتها، واليوم تنهض من سباتك |
كي تبارك طفلك المسكون بالأحلام، |
في يدك الندى، وسنابل الريح اليتيمة، |
وانتكاسات السنينْ |
وجلسْتَ قرب القبر تبكي يا أبي |
وجرت دموعك كالمطرْ |
في كل حدب، |
فانتبهتُ ... |
إذِ الحياة تدب في جسدي |
وهمس الريح يقرئني |
التجلي المنتظرْ |
بيدي اليمين حملت أحجاري |
بيدي اليسار وريقات |
فتحت يدي ... |
فطارت نحو شامٍ ذبَّحوه |
أبي ... لتعلن للمدى |
بدء اندحار الخوف |
من وحش تصاغر ... |
فاندثرْ |