كان مِنكُم.. لكم يَجوعُ ويَعرَى | |
|
| وإليكم يَجُوبُ عَصرًا فَعَصرا |
|
حامِلًا في يديهِ أَرضًا وشَعبًا | |
|
| نابَ عنهُ الغُبارُ والرِّيحُ دَهرا |
|
حاكِيًا لِلنجومِ ذِكرى صِبَاها | |
|
| بَين جَفنَيهِ.. سامِعًا عنهُ بُشرى |
|
صائِدًا لِلبُرُوقِ مِن كُلِّ صَوبٍ | |
|
| عائدًا بالدُّخَانِ مِن كُلِّ مَسرَى |
|
سائِلًا لِلرِّياحِ: مِن أَينَ جاءَت | |
|
| دُونَ ماءٍ ومُمسِكًا ذَيلَ أُخرَى |
|
رافِلًا بالعُبَابِ والعُشبِ والجَمْ | |
|
| رِ الذي لَم تُحِط بهِ النارُ خُبرا |
|
عازِفًا لِلرَّصِيفِ والجِنِّ لَحنًا | |
|
| كاتِبًا عَن شيوخِ يأجوجَ سِفرا |
|
مادِحًا كُلَّ كادِحٍ ماتَ جُوعًا | |
|
| قادِحًا كُلَّ سارِقٍ مِنهُ أَثرَى |
|
هكذا عاشَ حاضِنًا كُلَّ قلبٍ | |
|
| وهو بُؤسًا يَذُوبُ قَلبًا وصَدرا |
|
لَم يَكُن شاعِرًا على كُلِّ حالٍ | |
|
| كانَ خَلْقًا بكُنْهِهِ اللهُ أَدرَى! |
|
جاءَ مِن نَفسِهِ إِليها وَحِيدً | |
|
| حاطِبًا عُمرَهُ صَقِيعًا وقَفرا |
|
أَشْبَعَ الصَّبرَ جُوعُهُ في بلادٍ | |
|
| مِنهُ تَطهُو وأَشبَعَ الجُوعَ صَبرا |
|
كانَ يَدعُو الرُّبَى: سُعادًا.. لَمِيسًا.. | |
|
| كي يَرَى في الحَصادِ زَيدًا وعَمْرَا |
|
غيرَ أَنَّ الرُّبَى لِمَن باعَ تَهفُو | |
|
| لا لِمَن باتَ يَصهَرُ اللَّيلَ حِبرا |
|
كان أَنقَى بدونِ خَبْزٍ وأَكلٍ | |
|
| فهو أَحرَى بِمَوقِفٍ لَيسَ يُشرَى |
|
كان يَحيَا كَمَوجَةٍ مِن سَرَابٍ | |
|
| أَرهَقَتها الرِّياحُ مَدًّا وجَزرا |
|
لَم يَنَل ما يُرِيدُ.. حتى المَعَاصِي! | |
|
| فالمَعَاصِي بغَيرِهِ كُنَّ أَحرَى |
|
إِنهُ أَصدَقُ المَجَانِينِ حُبًّا | |
|
| إِنَّهُ أَخطَرُ الصَّعالِيكِ طُرَّا |
|
أَيُّهُم خَطَّ لِلحَصَى مهرَجانًا | |
|
| مِن طُيُوفٍ وقالَ لِلمَوتِ عُذرا؟! |
|
|
كانَ كُلَّ البلادِ.. طِينًا ولَحمًا | |
|
| وهو شَوقًا يَمُوتُ شِبرًا فَشِبرا |
|
أَغلَبُ الظَّنِّ أَنَّهُ اشتاقَ مَوتًا | |
|
| أَغلَبُ الظَّنِّ أَنَّهُ ماتَ قَهرا |
|
لَم يَمُتْ بَعدُ.. لَم يَعِشْ بَعدُ.. قالُوا | |
|
| عاشَ تَتْرَى.. وقِيلَ بَل ماتَ تَترَى |
|
لَم يَزَل خَلفَ صَوتِهِ ذا تَصَادٍ | |
|
| شارِحًا ما جَرَى وما سَوفَ يَطرَا |
|
جَرَّبَ المَوتُ مَحْوَهُ ذاتَ يَومٍ | |
|
| قالَ: أَنْسَى.. ولَم أَجِدْ بَعدُ قَبرا |
|
سَوفَ تَأتِي أَيَّامُنا الخُضرُ.. لكنْ | |
|
| حِينَ تَغدُو ضَمَائِرُ الناسِ خُضْرا |
|
إِنَّ عُمرًا يَضِيعُ في غَيرِ حُلمٍ | |
|
| يَشربُ الناسُ نَومَهُ لَيسَ عُمرا |
|
هكذا عاشَ.. كُلُّنا فيهِ جُرحٌ | |
|
| إِنَّما مَن لِجُرحِهِ اليَومَ يَقرَا؟! |
|
لَو قَرَأنا جِرَاحَنا ما انهَزَمنَا | |
|
| نَحنُ شَعبٌ يُريدُ بالجَهلِ نَصرا |
|
هكذا الشِّعرُ دَفقَةٌ مِن شُعُورٍ | |
|
| لَيسَ مَن حَكَّ شَعرَهُ قالَ شِعرا |
|