تقدم إلى باب الكريم مقدما |
له منك نفسا قبل أن تـتقدما |
وعرج على باب العليم فسله من |
مواهب نور العلم بحراََ قليذما |
ممن لم يكن بالعلم في الناس مـبصراََ |
فلا عاش إلا في الضلالة والعمى |
ومن لا له في عزة العلم نسبة |
فليس له إلا إلى الذلة انـتما |
ومن لا له من ثروة العلم ثروة |
فمن ثروة الدارين قد صار معدما |
نعم علماء الدين في الأرض رحمة |
على الـثـقلين عمت الكل منهما |
بهم شرف الدارين ثـم فهم به |
ملائكة باهت ملائكة السما |
ألم تر في القرآن أن أولياؤهم |
ملائكة الرحمن فالله أعلما |
أقرت جميع الكائنات بفـضلهم |
عليها فحوت البحر في البحر هينما |
ولم لا ولو لا هم تلاشت جميعها |
ولم يبق منها في الوجود لها سما |
هم خلفاء الله في أهل أرضه |
بهديهم أمت البسيطة قوما |
لحكمهم الدين تدين وقد عنت |
سلاطين أهل الأرض اعظم أعظما |
وآراؤهم تقضي بهن ملائك السـ |
ـموات فيما قد أحل وحرما |
ولو لم يكن نص الكتاب أتى بها |
صريحا ولا الهادي بها قد تكلما |
غدوا قدوة الأملاك لما هم اقتدوا |
بما لهم رب الـملائك ألهما |
وذلك من أدنى رفيع مراتبا |
لهم لم يعدوها فخارا ومكرما |
فما استحسنوا فالله يقضى بحسنه |
وما استـقبحوا الا قبيحا مذمما |
وربك من والوه فهو وليه |
ومن خاصموه كان لله أخصما |
هم أغنياء العصر والعصر أهله |
قد افـتـقروا والـمال بينهم نما |
يروم كنوز الأرض غيرهم وهم |
أصابوا كـنوز العرش وفرا ومغـنما |
وهم في الثرى قاموا وارواحهم إلى |
سما العرش والكرسي أدونها سما |
وما قـنعوا بالعرش والفرش كله |
فجازوا إلى اعلا مقام واعظما |
ولو وقفوا بالعرش والفرش لحظة |
لعدوه تقصيرا وجرما ومأتما |
تقدم في ذلك الخليل بقوله |
لجبريل دعني منك لله مسلما |
لـملة إبراهيم شادوا فشاهدوا الـ |
ـتلفّت للشرك الخفي متمما |
فقاموا بتجريد وداموا بوحدة |
عن الإنس روم الأنس فيها تـنـعما |
بخلوة لي عبد وسري بـينه |
وبيــني عن الأملاك والرسل كتما |
وما بلغوا ذاك لـمقام بقوة |
ولكن بنور العلم قد بلغوا الحمى |
عشية أعطوه عهودا مطاعة |
على طاعة منهم غداة تحكما |
وقد بايعوه أنفسا مطمئـنة |
بـبـيـعـته والعقد بالعهد أحكما |
فجد بهم في السير للخير والجاََ |
بهم أخطر الأهوال حين تـقحما |
فأبعدهم عن كل إلف وعادة |
وعودهم شرب الشدائد علقما |
فمن بعد عادي النوم والشبع والروا |
غدو حِلف إلف السهد والجوع والظما |
فندمانهم عاد البكاء تـندما |
وأزمانهم بالنوح قد عدن مأتما |
وأوردهم بالحزن لجة أدمع |
واورى بهم للخوف نار جهنما |
شدائد عدوها فوائد فاغتدت |
عوائد أعياد السرور تـنـعما |
ولو جانبوها روم غير جنابها |
لعدوا بحكم العدل ذا العدل مأثما |
هم صدقوه وهو أصدق وعده |
واوفى ذمام حبله ليس أفصما |
به نهجوا في كل منطمس الصوى |
فكان لهم في كل ميهاء معلما |
ويـملي لهم في السير عن كل كامن |
وجال إلى أسوى طريق وأقوما |
وقاسمهم بالله أني ناصح |
فأنهى إلى أبهى مقام وأكرما |
وحل لهم رمزا وكنـزا مكـتما |
من السر قد كان الرحيق الـمختما |
وقال لهم هذا الـمقام وهذه الـ |
ـخيام وذا باب المليك وذا الحمى |
فمالي فيما بعد ذلك مصعد |
ولا موعد من بعد ذلك ألزما |
هنالك قد تطوى الصحاف وتنشرالـ |
.ـسجاف فلا يطوى مجدك فافهما |
ولا تـفـتح الأبواب إلا عناية |
لـمن شاءه ذاك الـمليك تكرما |
فسلم إليه الأمر واطرح الـمرا |
ولا تك في شيء من الأمر مبرما |
وقل بلسان الحال مالي وسيلة |
ولا حيلة والهج بقولك ما وما |
فإن تك لا شيئا هناك فإنه |
رناك لما أدناك أذلك قد رمى |
وإن ساعة أقناك أبقاك خالدا |
بوصف له باق صفاتك أعدما |
وإن هو جلى فيك بعض صفاته |
فما كنت أنت الآن أنت الـمقدما |
وفيها مقامات لأهل سلوكها |
شموسا وأقمارا تنير وأنجما |
فمن ذاق منها نـغية مات رغبة |
ومن لم يذقها مات بالغم مسقما |
معالم تستهدي الحلوم بهديها |
العلوم بها كان العليم الـمعلما |
فعرفهم إياه منه كرامة |
وأشهدهم إياه منه تكرما |
وخلقهم بإسم العليم تـفـضلا |
وكان لهم بإسم المبين مسوما |
وكان لهم عنه فكانوا له به |
وقام بهم عنهم إليهم مكلما |
فمذ عرفوه لم يروموا تعرفا |
إلى غيره والغير ثـم تعدما |
وليس لهم جهل هناك ولم عسى |
لهم أن يروا من بعد ذلك مبهما |
وما علموا شيئا بعلمهم وقد |
أحاطوا بعلم العرش والله علما |
هم لوحه المحفوظ كانت قلوبهم |
بها قلم الأنوار للسر رقما |
مواهب قد دقت عن الفهم وارتقت |
عن الوهم رقت عن نسيم تنسما |
بها انطوت الأكوان في طي علمهم |
من العرش والكرسي والأرض والسما |
فكانت جميع الكائنات مصاحفا |
لهم تهب السر المصون المكتما |
لطائف لم تودع صحائف كاتب |
تـطالعها الأفهام والله ألهما |
وكم أدركوا بالعقل أمرا منـزها |
عن الـنـقل في الألواح لن يترسما |
يضيق فضا الأكوان عن شرح بعضه |
وكل لسان كلّ بل ظل مقحما |
به صحف الأرواح أشرق نورها |
وصين عن الألواح إذ كن أظلما |
لذلك فاطلب أن يكن لك مطلب |
ترى كل مطلوب سوى ذاك مغرما |
ففي قصده قصد السبيل ومن عـدا |
سبـيل الهدى نحو الردى قد تيمما |
فكن واقـفا بالباب في كل ساعة |
ترى الذل فيه عزة وتكرما |
وجانب رياش الجاه والعز والغنى |
وكن باضطرار وافـتـقار مؤمما |
وإن شئت عز العلم فالعلم عزة |
لباس لبوس الذل لله مسلما |
وإن كنت تبغي العز والجاه في الدنا |
فدع عنك داعي العلم وارحل مسلما |
ودع عنك أدناس المطامع طافحا |
لـمولاك عنه طامعا جل منعما |
فـفيه الغنى بالـفـقر إذ رؤية الغنى |
هناك الغـنا بل منهما اقصده معدما |
فلا راحة ترجى لـمن رام راحة |
ومهما بذلت الروح صادفت مغـنما |
ففي بذلها صون لها إن تـقبلت |
وإلا فـقد سيقت إلى ذلك الحمى |
هنيئا لها فخرا بما قد تعرضت |
لذاك الحمى لو كان مطلبها احـتما |
وأن أمّ أبواب الـملوك مؤمل |
فيمم إلى أبوابه مـتقدما |
فأبوابه فتح وما ثـم حاجب |
وافـضاله شرح وما ثم محتمى |
لأبوابه ما عشت أغشى ولم أكن |
لأخشى رقيبا أو عذولا ملوما |
فعندي فيه عاذلي مثل عاذري |
ومن فيه عاداني كمن بي ترحما |
سأرحل عنهم أجمعين إلى الذي |
به لذّ لي ذلي وعزي تهجما |
عسى أنني أدعى دعيّا بـبابه |
إذا لم أكن باسم الخديـم موسما |
وإلا فإن أدعى به متـطفلا |
فقدري بهذا الإسم يخترق السما |
وأن ادع لا شيئا هناك فأنني |
بذاك لقد أصبحت في الناس مغرما |
وماذا عسى أدعى وماذا عسى أرى |
فما كنت فيما يرتضيه لأسأما |
وإن كان لي من لوم نفسي حاجب |
جعلت اللجا مني به لي سلما |
وبين يدي نجواي لما قصدته |
جعلت الرجا أرجى شفيع واكرما |
وما كنت أرجو أن يخيب راجيا |
ولو لم يكن أهلا ليدنى ويكرما |
وما أنا أرجو باجتهادي وصله |
وما لاجتهادي أن يكون الـمقوما |
تركت اجتهادي واعتيادي إذ غدا |
مرادي اعتمادي مسلما ومسلما |
وحكمته في كل أمري إرادة |
وفعلا وملبوسا وشربا ومطعما |
واجريت مني النفس فيما يريده |
بأمر وزجر أن أحل وحرما |
فمالي إلى ما صدني عنه مطمح |
وأن جد لي أمرا فلن أتـلعـثما |
ومالي لا أسعى إلى ماله دعا |
ومالي لا أرضى إذا ما تحكما |
ومالي من سعي ومالي من رضا |
سوى نسبة منه بها قد تكرما |
ولا قدرة لي أن اريد مراده |
فكيف مرادي أن أرد كنت أظلما |
مرادي لي أن لا أرى لي إرادة |
وتلك له عين الإرادة في العمى |
فصمتي ذكري والسكون تصرفي |
ونومي وردي حيث كان الـمنوما |
وأشهد منه الـمنع ضربا من العطا |
وفي الفصل معنى الوصل بالأصل قيما |
فما شاء فليفعله ما شاءه أشا |
وما أنا ممن بالمشيئة آثما |
فلا قصد لي والقصد لي ترك رؤيتي |
بقصدي وليس الترك عندي محرما |
وإن كان قدري حط عن دون قصده |
فقصدي لهذا القصد لي شرف نما |
وإن لم يكن إلا أماني قصده |
فلا عشت من تلك الأماني معدما |
وإن لم يكن إلا محبة قصده |
فعدت ولي من ذلك القصد منتمى |
وإن لم تكن إلا محبة من مضى |
إلى قصده ذرني بها مـتـنـعما |
وأن لم تكن لي في هواهم حقـيقة |
فدعني أعش في حبهم متوهما |
وإن لم يكن لي ثـم حظ أرومه |
إليك فأبلغنى الـمقام الـمعظما |
وإن لم اكـن أهلا لـما قد سألته |
فإنك أهل منةٍ وتكرما فحبي لـما |
وإن لم تكن مبلغا ما أردته |
ترضى أرى لي أحزما |
وحمديك لي في كل حال حمدته |
فلا زلت قوالا به متكلما |
فهذا بفضل منك قد صار ديدنى |
فلا عشت يوما حلت عنه مصمما |