بمَنْ أنتَ يا قلبي الحَزِينُ تُفَكِّرُ | |
|
| تُقَلِّلُ مِنْ حُزني سريعاً وتُكْثِرُ؟ |
|
وليتَكَ تَنْسى مَن نَساكَ بِسُرْعَةٍ | |
|
| ولَيْتَك لا تَنْعى فهذا المُقدَّرُ |
|
فكمْ مِن رَسُولٍ بيننا كانَ ذاكِراً | |
|
| وعادتْ بهِ الأيامُ لا يتذكَّرُ |
|
تَغَيَّرَتِ الدُّنيا وقلبي مَحَلُّهُ | |
|
| مَحَلُّ مِياهِ البَحْرِ لا تَتَغَيَّرُ |
|
وقَفْتُ حزينَ القلْبِ للدَّارِ أنظرُ | |
|
| أَشُدُّ رِحالي إنَّما لَسْتُ أَقْدِرُ |
|
بعيدونَ جِدّاً والمَسافَةُ بينَنا | |
|
| مجرَّدُ أمْتارٍ فمِنْ أينَ أعبُرُ؟ |
|
إلَيْكِ المَطافُ الآنَ يا آخرَ المُنى | |
|
| وإنْ طافَ في عُمْري الهَوَى المُتَكَرِّرُ |
|
أنا الآنَ في أَعْلَى مَقَامٍ مِنَ الأَسى | |
|
| وفي موقِعٍ طَعْمُ الهَوى فِيهِ سُكَّرُ |
|
إذا قلتُ مُشْتاقٌ إليْكِ تنَهَّدَتْ | |
|
| وقالَتْ أَنا مُشْتاقَةٌ لكَ أكثَرُ |
|
وما أشْتَكِي مِن حاجَةٍ غَيْرَ بُعْدِها | |
|
| وما أَنا مِنْ شَيءٍ سِوى البُعْدِ أَحْذَرُ |
|
أخيراً عَرَفْنا العُمْرَ ليسَ مُبالياً | |
|
| ولا ناظِراً لِلنّاسِ حَتّى يُقَرِّروا |
|
لقدْ مَرَّ مِثْلَ الرِّيحِ بينَ عيونِنا | |
|
| وكُنّا لِعَيْنَيْ بَعْضِنا نَحْنُ نَنْظُرُ |
|
عَبَرْنا مُحيطاتٍ بأَعْيُنِ بَعْضِنا | |
|
| وكُنّا بأعماقِ المُحيطاتِ نُبْحِرُ |
|
فَمَنْ مِثْلُنا عَكْسَ الطبيعَةِ أبْحَروا | |
|
| وقد غَيَّروا الدُّنيا ولَمْ يَتَغيَّروا؟ |
|
حبيبانِ مذْ كُنّا صِغاراً وها أنا | |
|
| قريبٌ مِنَ الخَمْسِينَ والغُصْنُ أخْضَرُ |
|
نُجُومٌ على أرْضِي اليَبابِ مُطِلَّةٌ | |
|
| وبَدْرٌ عَلى أرضِي السَّحِيقةِ نَيِّرُ |
|
ولَمْ أَعْتَرِفْ لليومِ أنِّي أمامَها | |
|
| مُسَيَّرَةٌ روحي وقلبي مُسَيَّرُ |
|
ولو أنَّهُ كانَ اختياري رفَضْتُهُ | |
|
| لأنّ مكاني في العراقِ المُقَدَّرُ |
|
فكمْ قدْ تَخاصَمْنا وعُدْنا لِرُشْدِنا | |
|
| نُقَدِّمُ أَعْذاراً لِبَعْضٍ ونَغْفِرُ |
|
وأذكُرُ يوماً قدْ لَعِبْنا بِدارِها | |
|
| فمَرّتْ كُراتي تَحْتَها وهْيَ تَنْظُرُ |
|
كأنّيَ(مَسِّي)لا أُضَيِّعُ رَكْلَةً | |
|
| ولَمْ يَنْتَفِضْ فيها لَعُوبٌ مُذَكَّرُ |
|
فقالتْ وقدْ كانَ الأسى في كلامِها | |
|
| وكنتُ بأهدافي عليها أُكرِّرُ |
|
أتدري لقد هَدَّفْتَ لَسْتَ كَلاعبٍ | |
|
| ولكنني مِنْ رَمْيِ عَيْنَيْكَ أخْدَرُ |
|
فلو تَنْظُرينَ اليومَ والدَّهرُ لاعِبٌ | |
|
| بنا كُرَةً يرْمي وأُخرى يُمَرِّرُ |
|
فلا أنتِ مثلُ اللاعِباتِ بِمَأْمَنٍ | |
|
| ولا أنا مثلُ اللَّاعبينَ مُسيطِرُ |
|
لقدْ أصْحَرَتْ تلكَ الكِبارُ مَلاعِبي | |
|
| وسادَ بها لونٌ كَخَدَّيَّ أصفَرُ |
|
أنا مُرغَمٌ في كلِّ ما هُوَ حادِثٌ | |
|
| وفي كلِّ ما يَجْري ببُعْدِكِ مُجْبَرُ |
|
ذكرتُكِ إذْ لا يوصِلُ القلبَ للمُنى | |
|
| سبيلٌ ولا صُبْحٌ بِبُعْدكِ مُسْفِرُ |
|
تصيحُ إذا ضاقَتْ عَلَيْها شُؤُونُها | |
|
| ألا ليتَ تدري يا وحيدُ وتحْضُرُ |
|
ولَمّا تَدانى الموتُ مِنِّي ذَكَرْتُها | |
|
| فَكُلُّ طَبيبٍ ساعَةَ الموتِ يُذْكَرُ |
|
وقد يَئِسَ المِرْسالُ بَيْني وبَيْنَها | |
|
| فنادَى بِأَعْلى صَوْتِهِ اللهُ أكبرُ |
|