فَيروزَجُ الصُبحِ أَم يا قوتَةُ الشَفَقِ | |
|
| بَدَت فَهَيَّجَتِ الوَرقاءَ في الوَرَقِ |
|
أَم صارِمُ الشَرقِ لَمّا لاحَ مُختَضِباً | |
|
| كَما بَدا السَيفُ مُحمَرّاً مِنَ العَلَقِ |
|
وَمالَتِ القُضبُ إِذ مَرَّ النَسيمُ بِها | |
|
| سَكرى كَما نُبِّهَ الوَسنانُ مِن أَرَقِ |
|
وَالغَيمُ قَد نُشِرَت في الجَوِّ بُردَتُهُ | |
|
| سِتراً تُمَدُّ حَواشيهِ عَلى الأُفُقِ |
|
وَالسُحبُ تَبكي وَثَغرُ البَرَّ مُبتَسِمٌ | |
|
| وَالطَيرُ تَسجَعُ مِن تيهٍ وَمِن شَبَقِ |
|
فَالطَيرُ في طَرَبٍ وَالسُحبُ في حَربٍ | |
|
| وَالماءُ في هَرَبٍ وَالغُصنُ في قَلَقِ |
|
وَعارِضُ الأَرضِ بِالأَنوارِ مُكتَمِلٌ | |
|
| قَد ظَلَّ يَشكُرُ صَوبَ العارِضِ الغَدِقِ |
|
وَكَلَّلَ الطَلُّ أَوراقَ الغُصونِ ضُحىً | |
|
| كَما تَكَلَّلَ خَدُّ الخَودِ بِالعَرَقِ |
|
وَأَطلَقَ الطَيرُ فيها سَجعَ مَنطِقَهِ | |
|
| ما بَينَ مُختَلِفٍ مِنهُ وَمُتَّفِقِ |
|
وَالظِلُّ يَسرِقُ بَينَ الدَوحِ خُطوَتَهُ | |
|
| وَلِلمِياهِ دَبيبٌ غَيرُ مُستَرَقِ |
|
وَقَد بَدا الوَردُ مُفتَرّاً مَباسِمُهُ | |
|
| وَالنَرجِسُ الغَضُّ فيها شاخِصُ الحَدَقِ |
|
مِن أَحمَرٍ ساطِعٍ أَو أَخضَرٍ نَضِرٍ | |
|
| أَو أَصفَرٍ فاقِعٍ أَو أَبيَضٍ يَقَقِ |
|
وَفاحَ مِن أَرَجِ الأَزهارِ مُنتَشِراً | |
|
| نَشرٌ تَعَطَّرَ مِنهُ كُلُّ مُنتَشِقِ |
|
كَأَنَّ ذِكرَ رَسولِ اللَهِ مَرَّ بِها | |
|
| فَأُكسِبَت أَرَجاً مِن نَشرِهِ العَبِقِ |
|
مُحَمَّدُ المُصطَفى الهادي الَّذي اِعتَصَمَت | |
|
| بِهِ الوَرى فَهَداهُم أَوضَحَ الطُرُقِ |
|
وَمَن لَهُ أَخَذَ اللَهُ العُهودَ عَلى | |
|
| كُلِّ النَبِيِّنَ مِن بادٍ وَمُلتَحِقِ |
|
وَمَن رَقي في الطِباقِ السَبعِ مَنزِلَةً | |
|
| ما كانَ قَطَّ إِلَيها قَبلَ ذاكَ رَقي |
|
وَمَن دَنا فَتَدَلّى نَحوَ خالِقِهِ | |
|
| كَقابِ قَوسَينِ أَو أَدنى إِلى العُنُقِ |
|
وَمَن يُقَصِّرُ مَدحُ المادِحينَ لَهُ | |
|
| عَجزاً وَيَخرَسُ رَبُّ المَنطِقِ الذَلِقِ |
|
وَيُعوِزُ الفِكرُ فيهِ إِن أُريدَ لَهُ | |
|
| وَصفٌ وَيَفضُلُ مَرآهُ عَنِ الحَدَقِ |
|
عُلاً مَدحَ اللَهُ العَلِيُّ بِها | |
|
| فَقالَ إِنَّكَ في كُلٍّ عَلى خُلُقِ |
|
يا خاتَمَ الرُسلِ بَعثاً وَهوَ أَوَّلُها | |
|
| فَضلاً وَفائِزُها بِالسَبقِ وَالسَبَقِ |
|
جَمَعتَ كُلَّ نَفيسٍ مِن فَضائِلِهِم | |
|
| مِن كُلِّ مُجتَمِعٍ مِنها وَمُفتَرِقِ |
|
وَجاءَ في مُحكَمِ التَوراةِ ذِكرُكِ وَال | |
|
| إِنجيلِ وَالصُحُفِ الأولى عَلى نَسَقِ |
|
وَخَصَّكَ اللَهُ بِالفَضلِ الَّذي شَهِدَت | |
|
| بِهِ لَعَمرُكَ في الفُرقانِ مِن طُرُقِ |
|
فَالخَلقُ تُقسِمُ بِاِسمِ اللَهِ مُخلِصَةً | |
|
| وَبِاِسمِكَ أَقسَمَ رَبُّ العَرشِ لِلصَدَقِ |
|
عَمَّت أَياديكَ كُلَّ الكائِناتِ وَقَد | |
|
| خُصَّ الأَنامُ بِجودٍ مِنكَ مُندَفِقِ |
|
جودٌ تَكَفَّلتَ أَرزاقَ العِبادِ بِهِ | |
|
| فَنابَ فيهِم مَنابَ العارِضِ الغَدِقِ |
|
لَو أَنَّ جودَكَ لِلطوفانِ حينَ طَمَت | |
|
| أَمواجُهُ ما نَجا نوحٌ مِنَ الغَرَقِ |
|
لَو أَنَّ آدَمَ في خِدرٍ خُصِصتَ بِهِ | |
|
| لَكانَ مِن شَرِّ إِبليسِ اللَعينِ وُقي |
|
لَو أَنَّ عَزمَكَ في نارِ الخَليلِ وَقَد | |
|
| مَسَّتهُ لَم يَنجُ مِنها غَيرَ مُحتَرِقِ |
|
لَو أَنَّ بَأسَكَ في موسى الكَليمِ وَقَد | |
|
| نوجي لَما خَرَّ يَومَ الطورِ مُنصَعِقِ |
|
لَو أَنَّ تُبِّعَ في مَحلِ البِلادِ دَعا | |
|
| لِلَّهِ بِاِسمِكَ وَاِستَسقى الحَيا لَسُقي |
|
لَو آمَنَت بِكَ كُلُّ الناسِ مُخلِصَةً | |
|
| لَم يُخشَ في البَعثِ مِن بَخسٍ وَلا رَهَقِ |
|
لَو أَنَّ عَبداً أَطاعَ اللَهَ ثُمَّ أَتى | |
|
| بِبُغضِكُم كانَ عِندَ اللَهِ غَيرَ تَقي |
|
لَو خالَفَتكَ كُماةُ الجِنِّ عاصِيَةً | |
|
| أَركَبتَهُم طَبَقاً في الأَرضِ عَن طَبَقِ |
|
لَو تودَعُ البيضُ عَزماً تَستَضيءُ بِهِ | |
|
| لَم يُغنِ مِنها صِلابُ البيضِ وَالدَرَقِ |
|
لَو تَجعَلُ النَقعَ يَومَ الحَربِ مُتَّصِلاً | |
|
| بِاللَيلِ ما كَشَفَتهُ غُرَّةُ الفَلَقِ |
|
مَهَّدتَ أَقطارَ أَرضِ اللَهِ مُنفَتِحاً | |
|
| بِالبيضِ وَالسُمرِ مِنها كُلُّ مُنغَلِقِ |
|
فَالحَربُ في لُذَذٍ وَالشِركُ في عَوَذٍ | |
|
| وَالدينُ في نَشَزٍ وَالكُفرُ في نَفَقِ |
|
فَضلٌ بِهِ زينَةُ الدُنيا فَكانَ لَها | |
|
| كَالتاجِ لِلرَأسِ أَو كَالطَوقِ لِلعُنقِ |
|
صَلّى عَلَيكَ إِلَهُ العَرشِ ما طَلَعَت | |
|
| شَمسُ النَهارِ وَلاحَت أَنجُمُ الغَسَقِ |
|
وَآلِكَ الغُرَرِ اللّاتي بِها عُرِفَت | |
|
| سُبلُ الرَشادِ فَكانَت مُهتَدى الفِرَقِ |
|
وَصَحبِكَ النُجُبِ الصيدِ الَّذينَ جَرَوا | |
|
| إِلى المَناقِبِ مِن تالٍ وَمُستَبِقِ |
|
قَومٌ مَتى أَضمَرَت نَفسٌ اِمرِئٍ طَرَفاً | |
|
| مِن بُغضِهِم كانَ مِن بَعدِ النَعيمِ شَقي |
|
ماذا تَقولُ إِذا رُمنا المَديحَ وَقَد | |
|
| شَرَّفتَنا بِمَديحٍ مِنكَ مُتَّفِقِ |
|
إِن قَلتَ في الشِعرِ حُكمٌ وَالبَيانُ بِهِ | |
|
| سِحرٌ فَرَغَّبتَ فيهِ كُلِّ ذي فَرَقِ |
|
فَكُنتَ بِالمَدحِ وَالإِنعامِ مُبتَدِئاً | |
|
| فَلَو أَرَدنا جَزاءَ البَعضِ لَم نُطِقِ |
|
فَلا أَخُلُّ بِعُذرٍ عَن مَديحِكُمُ | |
|
| ما دامَ فِكري لَم يُرتَج وَلَم يُعَقِ |
|
فَسَوفَ أُصفيكَ مَحضَ المَدحِ مُجتَهِداً | |
|
| فَالخَلقُ تَفنى وَهَذا إِن فَنيتُ بَقي |
|