أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً | |
|
| بِجَنبِ الغَضا أُزجي القَلاصَ النَواجِيا |
|
فَلَيتَ الغَضا لَم يَقطَعِ الرَكبُ عرضه | |
|
| وَلَيتَ الغَضا ماشى الرِّكابَ لَيالِيا |
|
وَلَيتَ الغَضا يَومَ اِرتَحلنا تَقاصَرَت | |
|
| بِطولِ الغَضا حَتّى أَرى مَن وَرائِيا |
|
لَقَد كانَ في أَهلِ الغَضا لَو دَنا الغَضا | |
|
| مَزارٌ وَلَكِنَّ الغَضا لَيسَ دانِيا |
|
أَلَم تَرَني بِعتُ الضَلالَةَ بِالهُدى | |
|
| وَأَصبَحتُ في جَيشِ اِبنِ عَفّانَ غازِيا |
|
وَأَصبَحتُ في أَرضِ الأَعاديِّ بَعدَما | |
|
| أرانِيَ عَن أَرضِ الأَعادِيِّ نائِيا |
|
دَعاني الهَوى مِن أَهلِ أَودَ وَصُحبَتي | |
|
| بِذي الطَّبَسَينِ فَالتَفَتُّ وَرائِيا |
|
أَجَبتُ الهَوى لَمّا دَعاني بِزَفرَةٍ | |
|
| تَقَنَّعتُ مِنها أَن أُلامَ رِدائِيا |
|
أَقولُ وَقَد حالَت قُرى الكُردِ بَينَنا | |
|
| جَزى اللَّهُ عَمراً خَيرَ ما كانَ جازِيا |
|
إِن اللَّهَ يُرجِعني مِنَ الغَزوِ لا أَكُن | |
|
| وَإِن قَلَّ مالي طالِباً ما وَرائِيا |
|
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَت وَشكَ رحلَتي | |
|
| سفارُكَ هَذا تارِكي لا أَبالِيا |
|
لَعَمرِي لَئِن غالَت خُراسانُ هامَتي | |
|
| لَقَد كُنتُ عَن بابَي خُراسانَ نائِيا |
|
فَإِن أَنجُ مِن بابَي خُراسانَ لا أَعُد | |
|
| إِلَيها وَإِن مَنَّيتُموني الأَمانِيا |
|
فَللَّهِ درِّي يَومَ أتركُ طائِعاً | |
|
| بَنِيَّ بِأَعلى الرَقمَتَينِ وَمالِيا |
|
وَدَرُّ الظباءِ السانِحاتِ عَشِيَّةً | |
|
| يُخَبِّرنَ أَنّي هالِكٌ مِن وَرائِيا |
|
وَدَرُّ كَبيرَيَّ اللَذين كِلاهُما | |
|
| عَلَيَّ شَفيقٌ ناصِحٌ لَو نَهانِيا |
|
وَدَرُّ الرِّجالِ الشاهِدينَ تَفتكي | |
|
| بِأَمرِيَ أَلا يقصِروا مِن وَثاقِيا |
|
وَدَرُّ الهَوى مِن حَيثُ يَدعو صَحابَتي | |
|
| وَدَرُّ لُجاجَتي وَدَرُّ اِنتِهائِيا |
|
تَذَكَّرتُ مَن يَبكي عَلَيَّ فَلَم أَجِد | |
|
| سِوى السَّيفِ وَالرُّمحِ الرُدَينِيِّ باكِيا |
|
وَأَشقَرَ مَحبوكٍ يَجُرُّ عَنانَهُ | |
|
| إِلى الماءِ لَم يَترُك لَهُ المَوتُ ساقِيا |
|
يُقادُ ذَليلاً بَعدَما ماتَ رَبُّهُ | |
|
| يُباعُ بِبَخسٍ بَعدَما كانَ غالِيا |
|
وَلَكِن بِأَكنافِ السُمَينَةِ نسوَةٌ | |
|
| عَزيزٌ عَلَيهِنَّ العيشَةَ ما بِيا |
|
صَريعٌ عَلى أَيدي الرِجالِ بِقَفرَةٍ | |
|
| يُسَوُّونَ لحدي حَيثُ حُمَّ قَضائِيا |
|
وَلَمّا تَراءَت عِندَ مَروٍ منِيتي | |
|
| وَخَلَّ بِها جِسمي وَحانَت وَفاتِيا |
|
أَقولُ لأَصحابي اِرفَعوني فَإِنَّهُ | |
|
| يَقَرُّ بِعَيني أَن سُهَيلٌ بَدا لِيا |
|
فَيا صاحِبي رَحلي دَنا المَوتُ فَاِنزِلا | |
|
| بِرابِيَةٍ إِنّي مُقيمٌ لَيالِيا |
|
أقيما عَلَيَّ اليَومَ أَو بَعضَ لَيلَةٍ | |
|
| وَلا تُعجلاني قَد تَبَيَّنَ شانِيا |
|
وَقوما إِذا ما اِستُلَّ روحي فَهَيِّئا | |
|
| لِيَ السّدرَ وَالأَكفانَ عِندَ فَنائِيا |
|
وَخُطّا بِأَطرافِ الأَسِنَّةِ مَضجَعي | |
|
| وَرُدَّا عَلى عَينَيَّ فَضلَ ردائِيا |
|
وَلا تَحسداني بارَكَ اللَّهُ فيكُما | |
|
| مِنَ الأَرضِ ذاتَ العَرضِ أَن توسِعا لِيا |
|
خُذاني فَجُرّاني بِثَوبي إِلَيكُما | |
|
| فَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ صَعباً قيادِيا |
|
وَقَد كُنتُ عَطَّافاً إِذا الخَيلُ أَدبَرَت | |
|
| سَريعاً لَدى الهَيجا إِلى مَن دَعانِيا |
|
وَقَد كُنتُ صَبَّاراً عَلى القرنِ في الوَغى | |
|
| ثَقيلاً عَلى الأَعداءِ عَضباً لِسانِيا |
|
وَقَد كُنتُ مَحموداً لَدى الزادِ وَالقِرى | |
|
| وَعَن شَتمِيَ اِبنَ العَمِّ وَالجارَ وانِيا |
|
فَطَوراً تَراني في ظلالٍ وَنِعمَةٍ | |
|
| وَطَوراً تَراني وَالعِتاقُ رِكابِيا |
|
وَيَوماً تَراني في رحىً مُستَديرَةٍ | |
|
| تُخَرِّقُ أَطرافُ الرِماحِ ثِيابِيا |
|
وَقوما عَلى بِئرِ السَّمينَةِ أسمعا | |
|
| بِها الغُرَّ وَالبيضَ الحِسانَ الروانِيا |
|
بِأَنَّكُما خَلَّفتُماني بِقَفرَةٍ | |
|
| تُهيلُ عَلَيَّ الريحُ فيها السَّوافِيا |
|
وَلا تَنسَيا عَهدي خَليلَيَّ بَعدَما | |
|
| تَقطعُ أَوصالي وَتَبلى عِظامِيا |
|
وَلَن يَعدَمَ الوالونَ بَثّاً يُصيبُهُم | |
|
| وَلَن يَعدَمَ الميراثَ مِنّي المَوالِيا |
|
يَقولونَ لا تَبعُد وَهُم يَدفِنونَني | |
|
| وَأَينَ مَكانُ البُعدِ إِلا مَكانِيا |
|
غَداةَ غَدٍ يا لَهفَ نَفسي عَلى غَدٍ | |
|
| إِذا أدلجوا عَنّي وَأَصبَحتُ ثاوِيا |
|
وَأَصبَحَ مالي مِن طَريفٍ وَتالِدٍ | |
|
| لِغَيري وَكانَ المالُ بِالأَمسِ مالِيا |
|
فَيا لَيتَ شِعري هَل تَغَيَّرَتِ الرَّحا | |
|
| رحا المُثلِ أَو أَمسَت بِفَلجٍ كَما هِيا |
|
إِذا الحَيُّ حَلَّوها جَميعاً وَأنزلوا | |
|
| بِها بَقَراً حُمَّ العُيونِ سَواجِيا |
|
رَعَينَ وَقَد كادَ الظَّلامُ يُجِنُّها | |
|
| يَسفنَ الخُزامى مَرَّةً وَالأَقاحِيا |
|
وَهَل أَترُك العيسَ العَوالي بِالضُحى | |
|
| بِرُكبانِها تَعلو المِتانَ الفَيافِيا |
|
إِذا عُصَبُ الرُكبانِ بَينَ عُنَيزَةٍ | |
|
| وَبولانَ عاجُوا المُبقِياتِ النَواجِيا |
|
فَيا لَيتَ شِعري هَل بَكَت أُمُّ مالِكٍ | |
|
| كَما كُنتُ لَو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا |
|
إِذا متُّ فَاِعتادي القُبورَ وَسَلِّمي | |
|
| عَلى الرَمسِ أُسقيتِ السَحابَ الغَوادِيا |
|
عَلى جَدَثٍ قَد جَرَّتِ الريحُ فَوقَهُ | |
|
| تُراباً كَسَحقِ المَرنُبانِيِّ هابِيا |
|
رَهينَةُ أَحجارٍ وَتُربٍ تَضَمَّنَت | |
|
| قَرارَتُها مِنّي العِظامَ البَوالِيا |
|
فَيا صاحِبا إِمّا عَرضتَ فَبلغن | |
|
| بَني مازِنٍ وَالرَّيبَ أَن لا تَلاقِيا |
|
وَعَرِّ قَلوصي في الرِّكابِ فَإِنَّها | |
|
| سَتَفلِقُ أَكباداً وَتبكي بَواكِيا |
|
وَأَبصَرتُ نار المازِنِيَّاتِ موهِناً | |
|
| بِعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرفُ رانِيا |
|
بِعودِ النّجوج أَضاءَ وَقودُها | |
|
| مَهاً في ظِلالِ السِّدرِ حوراً جَوازِيا |
|
غَريبٌ بَعيدُ الدارِ ثاوٍ بِقَفرَةٍ | |
|
| يَدَ الدَّهرِ مَعروفاً بِأَن لا تَدانِيا |
|
تَحَمَّلَ أَصحابي عَشاءً وَغادَروا | |
|
| أَخا ثِقَةٍ في عَرصَةِ الدارِ ثاوِيا |
|
أُقَلِّبُ طَرفي حَولَ رَحلي فَلا أَرى | |
|
| بِهِ مِن عُيونِ المُؤنِساتِ مُراعِيا |
|
وَبِالرَّملِ مِنّا نسوَةٌ لَو شَهِدنَني | |
|
| بَكَينَ وَفَدَّينَ الطَبيبَ المُداوِيا |
|
وَما كانَ عَهدُ الرَّملِ عِندي وَأَهلِهِ | |
|
| ذَميماً وَلا وَدَّعتُ بِالرَّملِ قالِيا |
|
فَمِنهُنَّ أُمّي وَاِبنَتايَ وَخالتي | |
|
| وَباكِيَةٌ أُخرى تهيجُ البَواكِيا |
|