مَمالِكُ الشَرقِ أَم أَدارِسُ أَطلالِ | |
|
| وَتِلكَ دولاتُهُ أَم رَسمُها البالي |
|
أَصابَها الدَهرُ إِلّا في مَآثِرِها | |
|
| وَالدَهرُ بِالناسِ مِن حالٍ إِلى حالِ |
|
وَصارَ ما نَتَغَنّى مِن مَحاسِنِها | |
|
| حَديثُ ذي مِحنَةٍ عَن صَفوِهِ الخالي |
|
إِذا حَفا الحَقُّ أَرضاً هانَ جانِبُها | |
|
| كَأَنَّها غابَةٌ مِن غَيرِ رِئبالِ |
|
وَإِن تَحَكَّمَ فيها الجَهلُ أَسلَمَها | |
|
| لِفاتِكٍ مِن عَوادي الذُلِّ قَتّالِ |
|
نَوابِغَ الشَرقِ هُزّوهُ لَعَلَّ بِهِ | |
|
| مِنَ اللَيالي جُمودَ اليائِسِ السالي |
|
إِن تَنفُخوا فيهِ مِن روحِ البَيانِ وَمِن | |
|
| حَقيقَةِ العِلمِ يَنهَض بَعدَ إِعضالِ |
|
لا تَجعَلوا الدينَ بابَ الشَرِّ بَينَكُمُ | |
|
| وَلا مَحَلَّ مُباهاةٍ وَإِدلالِ |
|
ما الدينُ إِلّا تُراثُ الناسِ قَبلَكُمُ | |
|
| كُلُّ اِمرِئٍ لِأَبيهِ تابِعٌ تالي |
|
لَيسَ الغُلُوُّ أَميناً في مَشورَتِهِ | |
|
| مَناهِجُ الرُشدِ قَد تَخفى عَلى الغالي |
|
لا تَطلُبوا حَقَّكُم بَغياً وَلا ضَلَفاً | |
|
| ما أَبعَدَ الحَقَّ عَن باغٍ وَمُختالِ |
|
وَلا يَضيعَنَّ بِالإِهمالِ جانِبُهُ | |
|
| فَرُبَّ مَصلَحَةٍ ضاعَت بِإِهمالِ |
|
كَم هِمَّةٍ دَفَعَت جيلاً ذُرا شَرَفٍ | |
|
| وَنَومَةٍ هَدَمَت بُنيانَ أَجيالِ |
|
وَالعِلمُ في فَضلِهِ أَو في مَفاخِرِهِ | |
|
| رُكنُ المَمالِكِ صَدرُ الدَولَةِ الحالي |
|
إِذا مَشَت أُمَّةٌ في العالَمينَ بِهِ | |
|
| أَبى لَها اللَهُ أَن تَمشي بِأَغلالِ |
|
يَقِلُّ لِلعِلمِ عِندَ العارِفينَ بِهِ | |
|
| ما تَقدِرُ النَفسُ مِن حُبٍّ وَإِجلالِ |
|
فَقِف عَلى أَهلِهِ وَاِطلُب جَواهِرَهُ | |
|
| كَناقِدٍ مُمعِنٍ في كَفِّ لَآلِ |
|
فَالعِلمُ يَفعَلُ في الأَرواحِ فاسِدُهُ | |
|
| ما لَيسَ يَفعَلُ فيها طِبُّ دَجّالِ |
|
وَرُبَّ صاحِبِ دَرسٍ لَو وَقَفتَ بِهِ | |
|
| رَأَيتَ شِبهَ عَليمٍ بَينَ جُهّالِ |
|
وَتَسبِقُ الشَمسَ في الأَمصارِ حِكمَتُهُ | |
|
| إِلى كَهولٍ وَشُبّانٍ وَأَطفالِ |
|
زَيدانُ إِنّي مَعَ الدُنيا كَعَهدِكَ لي | |
|
| رَضِيَ الصَديقِ مُقيلُ الحاسِدِ القالي |
|
لي دَولَةُ الشِعرِ دونَ العَصرِ وائِلَةٌ | |
|
| مَفاخِري حِكَمي فيها وَأَمثالي |
|
إِن تَمشِ لِلخَيرِ أَو لِلشَرِّ بي قَدَمٌ | |
|
| أُشَمِّرُ الذَيلَ أَو أَعثُر بِأَذيالي |
|
وَإِن لَقيتُ اِبنَ أُنثى لي عَلَيهِ يَدٌ | |
|
| جَحَدتُ في جَنبِ فَضلِ اللَهِ أَفضالي |
|
وَأَشكُرُ الصُنعَ في سِرّي وَفي عَلَني | |
|
| إِنَّ الصَنائِعَ تَزكو عِندَ أَمثالي |
|
وَأَترُكُ الغَيبَ لِلَّهِ العَليمِ بِهِ | |
|
| إِنَّ الغُيوبَ صَناديقٌ بِأَقفالِ |
|
كَأُرغُنِ الدَيرِ إِكثاري وَمَوقِعُهُ | |
|
| وَكَالأَذانِ عَلى الأَسماعِ إِقلالي |
|
رَثَيتُ قَبلَكَ أَحباباً فُجِعتُ بِهِم | |
|
| وَرُحتُ مِن فُرقَةِ الأَحبابِ يُرثى لي |
|
وَما عَلِمتُ رَفيقاً غَيرَ مُؤتَمَنٍ | |
|
| كَالمَوتِ لِلمَرءِ في حِلٍّ وَتِرحالِ |
|
أَرَحتَ بالَك مِن دُنيا بِلا خُلُقٍ | |
|
| أَلَيسَ في المَوتِ أَقصى راحَةَ البالِ |
|
طالَت عَلَيكَ عَوادي الدَهرِ في خَشِنٍ | |
|
| مِنَ التُرابِ مَعَ الأَيّامِ مُنهالِ |
|
لَم نَأتِهِ بِأَخٍ في العَيشِ بَعدَ أَخٍ | |
|
| إِلّا تَرَكنا رُفاتاً عِندَ غِربالِ |
|
لا يَنفَعُ النَفسَ فيهِ وَهيَ حائِرَةٌ | |
|
| إِلّا زَكاةُ النُهى وَالجاهِ وَالمالِ |
|
ما تَصنَعِ اليَومَ مِن خَيرٍ تَجِدهُ غَداً | |
|
| الخَيرُ وَالشَرُّ مِثقالٌ بِمِثقالِ |
|
قَد أَكمَلَ اللَهُ ذَيّاكَ الهِلالَ لَنا | |
|
| فَلا رَأى الدَهرَ نَقصاً بَعدَ إِكمالِ |
|
وَلا يَزَل في نُفوسِ القارِئينَ لَهُ | |
|
| كَرامَةُ الصُحُفِ الأُولى عَلى التالي |
|
فيهِ الرَوائِعُ مِن عِلمٍ وَمِن أَدَبٍ | |
|
| وَمِن وَقائِعِ أَيّامٍ وَأَحوالِ |
|
وَفيهِ هِمَّةُ نَفسٍ زانَها خُلُقٌ | |
|
| هُما لِباغي المَعالي خَيرُ مِنوالِ |
|
عَلَّمتَ كُلَّ نَؤومٍ في الرِجالِ بِهِ | |
|
| أَنَّ الحَياةَ بِآمالٍ وَأَعمالِ |
|
ما كانَ مِن دُوَلِ الإِسلامِ مُنصَرِماً | |
|
| صَوَّرتَهُ كُلَّ أَيّامٍ بِتِمثالِ |
|
نَرى بِهِ القَومَ في عِزٍّ وَفي ضَعَةٍ | |
|
| وَالمُلكَ ما بَينَ إِدبارٍ وَإِقبالِ |
|
وَما عَرَضتَ عَلى الأَلبابِ فاكِهَةً | |
|
| كَالعِلمِ تُبرِزُهُ في أَحسَنِ القالِ |
|
وَضَعتَ خَيرَ رِواياتِ الحَياةِ فَضَع | |
|
| رِوايَةَ المَوتِ في أُسلوبِها العالي |
|
وَصِف لَنا كَيفَ تَجفو الروحُ هَيكَلَها | |
|
| وَيَستَبِدُّ البِلى بِالهَيكَلِ الخالي |
|
وَهَل تَحِنُّ إِلَيهِ بَعدَ فُرقَتِهِ | |
|
| كَما يَحِنُّ إِلى أَوطانِهِ الجالي |
|
هِضابُ لُبنانَ مِن مَنعاتِكَ اِضطَرَبَت | |
|
| كَأَنَّ لُبنانَ مَرمِيٌّ بِزِلزالِ |
|
كَذَلِكَ الأَرضُ تَبكي فَقدَ عالِمِها | |
|
| كَالأُمِّ تَبكي ذَهابَ النافِعِ الغالي |
|