أَ لِلْبَيْنِ أَرْخَصْتَ الدُّمُوعَ الْغَوَالِيَا؟ |
فَأبْدَيتَ لِلْعُذّالِ مَا كَانَ خَافِيَا! |
أَمِ النَّوْحُ مِنْ تِلْكَ الْحَمَائِمِ هَيّجَتْ |
لَوَاعِجَ صَبٍّ قَدْ حَلبْنَ الْمَآقِيَا؟ |
كَأَنَّكَ فِي جَمْرٍ مِنَ الشَّوْقِ وَاقِفٌ |
يُحَرِّقُ أَخْمَاصَ الفُؤَادِ الْحَوَافِيَا |
أَمِ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَاءِ لَيْلَى تَحَمّلَتْ |
سَلَامًا وَطِيبًا مِنْ شَذَى الْعَرفِ زَاكِيَا؟ |
فَدَيْتُكَ مِنْ بَاكٍ يُسَامِرُ فَرْقَدًا |
تَبِيتُ نُجُومُ اللَّيلِ فِيهِ رَوَانِيَا |
عَلَامَ وَفِيمَا قَدْ أَسَلْتَ مَحِاجِرًا؟ |
فَإِنَّكَ قَدْ أَشْغَلْتَ يَا صَاحِ بَالِيَا |
مَعَاذَ دُمُوعِي أَنْ تَسِيلَ لِمَغْرَمٍ |
وإِنْ كُنْتُ قَدْ أَيْقَنْتُ أَن لّا تَلَاقِيَا |
وَهَلْ تَعْلَمُ الْحَسْنَاءُ سُهْدِي لَعَلَّنِي |
أَبِيتُ طِوَالَ اللَّيْلِ لِلنَّجْمِ رَاعِيَا؟! |
خَلِيلَيَّ إِنِّي قَدْ وَجِلْتُ لَطَارِقٍ |
يُزَلْزِلُ مِنْ وَقْعٍ جِبَالاً رَوَاسِيَا |
تَفِيضُ لِذِكْرَاهُ شُؤُونُ مَدَامِعِي |
تَبُلُّ لِذَاكَ الْهَوْلِ مِنِّي رِدِائِيَا |
فَلَا تَحْسِبَانِي أَسْكُبُ الدَّمْعَ لَوْعَةً |
إِذِا مَازَجَتْ تِلْكَ الدُّمُوعُ الْقَوَافِيَا |
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً |
وَأَشْرَاكُ مَوتِي قَدْ نُصِبْنَ حِيالِيَا |
رَأَيْتُ جُمُوعَ الْخَلْقِ يَكْرَعْنَ كَأْسَهُ |
وَلَا يَصْدُرُ الْوُرّادُ مِنْهُ صَوَادِيَا |
يَجِيءُ فَلَا يُفدَى الْمَزُورُ بِأَهْلِهِ |
وَلَيْسَ -كَذَاكَ- الْمَالُ يُصْبِحُ فَادِيَا |
لَئِنْ سُلَّ سَيْفُ الْمَوْتِ مَا عَادَ غَمْدَهُ |
وَلَا تُرْسَ يُمْسِي دُونَ ذَا السَّيْفِ وَاقِيَا |
فَيَسْلُبُ أَرْوَاحًا وَضِيعًا وَعَالِيًا |
تَرَى النَّاسَ فِي سَلْبِ النُّفُوسِ سَوَاسِيَا |
مَضَى مَنْ مَضَى فِي عُمْرِ نُوحٍ كأنه |
إِذَا جَاءَ نَزْعُ الرُّوحِ أَمْضَى ثَوَانِيَا |
أَدُنْيَايَ رِيحُ الْمَوْتِ لَمْ تُبْقِ غَيْمَةً |
وَغَيْمُ الْأَمَانِي قَدْ مَلَأْنَ سَمَائِيَا |
أَيَا عَابِدَ الْبَارِي اسْتَعِدَّ لِلَحْظَةٍ |
إَذَا الرُّوحُ قَدْ حَلَّتْ لَدَيْكَ التّرَاقِيَا |
أَرَاكَ إِلَى الدُّنْيَا تَفِرُّ وَلَوْ تَعِي |
تَفِرُّ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى اللهِ جَارِيَا |