نبأٌ يصمُ مسامعَ الجوزاءِ |
ترك الجُموعَ بعَبْرةٍ وبُكاءِ |
ما ذاكَ بِدَعٌ أنْ تجُودَ لِهَوْلِهِ |
فَيضُ الجُفونِ بِوَبْلِها السَّحّاءِ |
رَحَلَ الّذي هدَّ القبابَ بكَفِّهِ |
وبفكّهِ ينهى عنِ الشُّركاءِ |
رحلَ الذي عمَّ البلادَّ بِخَيْرِه |
أَعْنِي أبا زيدٍ أخا العلياءِ |
لكنّهُ القدرُ الذي قدْ خطّهُ |
قلمٌ جرى بأوامرٍ وقضاءِ |
الكلُّ جرَّ إلى الحديقةِ ذيلَه |
والكلُّ بَيْنَ تبتّلٍ ودُعاءِ |
يَرجونَ ربًّا أنْ يُقابلَ عبدَه |
بِرياضِهِ في حُفرةٍ غبراءِ |
يومٌ -وربّي- ما شهدتُّ مثيلَه |
ومَدَامِعِي كالمُزْنِةِ الوَطفاءِ |
ذَهَبَ الجميعُ وراءَه وأمامَه |
وبجانبَيه تتابعُ الأبناءِ |
قد ناهزَ التسعينَ وهْو بِهِمّةٍ |
تعلو على هامٍ منِ الجوزاءِ |
نشرَ العقيدةَ في البلادِ جميعِها |
كالبدرِ إذ عمَّ الورى بضياءِ |
ودعا إلى التوحيدِ دعوةَ صادقٍ |
ويهدُّ طودَ الشركِ في الأرجاءِ |
ما انفكَّ عن أمرِ العقيدةِ برهةً |
يدعو لها بعزيمةٍ وإباءِ |
يَهدي إلى سبلِ الهُدى بفصاحةٍ |
وتؤدَّةٍ وترفُّقٍ وذَكاءِ |
لم يُثْنِهِ عنْ دينِه عَددُ العِدا |
وعتادُهم وتجبّرُ الرُؤساءِ |
هيهاتَ يحكي صبرَه صمُّ الذُرى |
كمْ قابلَ البَلوى بحُسنِ بلاءِ |
ما ضرَّ جنبَك أنْ قلاكَ جُوَيهلٌ |
أنّى يرى الخفّاشُ نورَ ذُكاءِ |
وَلْتَسْترِحِ -يا والدي- في روضةٍ |
من همِّ دُنيا الشّرِ والشعواءِ |