خَلِيلَيَّ عُوجا ساعَةً وَتَهَجَّرا | |
|
| وَلُوما عَلى ما أَحدَثَ الدَهرُ أَو ذَرا |
|
وَلا تَجزَعا إِنَّ الحَيَاةَ ذَمِيمَةٌ | |
|
| فخِفّا لِروعَاتِ الحَوَادِثِ أَو قِرا |
|
وَإِن جاءَ أَمرٌ لا تُطِيقانِ دَفعَهُ | |
|
| فَلا تَجزعَا مِمّا قَضى اللَهُ واِصبِرا |
|
أَلَم تَرَيا أَنَّ المَلاَمَةَ نَفعُها | |
|
| قَلِيلٌ إِذا ما الشيءُ وَلّى وَأَدبَرا |
|
تَهِيجُ البُكاءَ وَالنَدامَةَ ثمَّ لا | |
|
| تُغيِّرُ شَيئاً غَيرَ ما كانَ قُدِّرا |
|
أَتَيتُ رَسُولَ اللَهِ إِذ جاءَ بالهُدى | |
|
| وَيَتلُو كِتاباً كالمجرَّةِ نَيِّرا |
|
خَلِيلَيَّ قَد لاَقَيتُ ما لَم تُلاَقِيا | |
|
| وَسَيَّرتُ في الأَحياءِ مَا لَم تُسِيِّرا |
|
تَذَكَّرتُ والذِّكرى تَهِيجُ لِذي الهَوى | |
|
| وَمِن حاجَةِ المَحزونِ أَن يَتَذَكَّرا |
|
نَدَامايَ عِندَ المُنذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ | |
|
| أَرَى اليَومَ مِنهُمُ ظَاهِرَ الأَرضِ مُقفِرا |
|
كُهولاً وَشُبّاناً كأَنَّ وُجُوهَهُم | |
|
| دَنَانِيُر مِمّا شِيفَ فِي أَرضِ قَيصَرا |
|
وَمَا زِلتُ أَسعَى بَينَ بابٍ وَدارَةٍ | |
|
| بِنَجرانَ حَتّى خِفتُ أَن أَتَنَصَّرا |
|
لَدَى مَلِكٍ مِن آلِ جَفنَةَ خاَلُهُ | |
|
| وَجَدَّاهُ مِن آلِ اِمرىءِ القَيسِ أَزهَرا |
|
يُدِيرُ عَلَينا كَأسَهُ وشِواءَه | |
|
| مَناصِفُهُ وَالحَضرَمِيَّ المحبَّرا |
|
حَنِيفاً عِرَاقِيّاً وَرَيطاً شآمِياً | |
|
| وَمُعتَصِراً مِن مِسكِ دارينَ أَذفَرا |
|
وَتِيهٍ عَلَيها نَسجُ رِيحٍ مَرِيضَةٍ | |
|
| قَطَعتُ بحُرجُوجٍ مُسانَدَةِ القَرا |
|
خَنُوفٍ مَرُوحٍ تُعجِلُ الوُرقَ بَعدَما | |
|
| تُعَرِّسُ تَشكُو آهةً وتذمُّرا |
|
وَتَعبُرُ يَعفُورَ الصَرِيمِ كِنَاسَهُ | |
|
| وَتُخرِجُهُ طَوراً وَإِن كانَ مُظهِرا |
|
كَمُرقَدَةٍ فَردٍ مِنَ الوَحشِ حُرَّةٍ | |
|
| أَنَامَت بِذِي الذِئبَينِ بِالصَيفِ جُؤذَرا |
|
فَأَمسى عَلَيهِ أَطلَسُ اللونِ شَاحِباً | |
|
| شَحِيحاً يُسَمَّيهِ النَباطِيُّ نَهسَرا |
|
طَوِيلُ القَرا عارِي الأَشَاجعِ مارِدٌ | |
|
| كَشَقِّ العَصا فُوه إِذا ما تَضَوَّرا |
|
فَباتَ يُذَكِّيهِ بِغَيرِ حَدِيدَةٍ | |
|
| أَخُو قَنَصٍ يُمسِي ويُصبحُ مُقفِرا |
|
فَلاَقَت بَياناً عِندَ أَوَّلِ مَربضٍ | |
|
| إِهاباً وَمَعبوطاً مِن الجَوفِ أَحمَرا |
|
وَوَجهاً كبُرقُوعِ الفَتاةِ مُلَمَّعاً | |
|
| ورَوقَينِ لَمّا يَعدُوا أَن تَقَمَّرا |
|
فَلَمّا سَقاها البأسُ واِرتَدَّ هَمُّها | |
|
| إِليها وَلَم يترُك لَها مُتأَخَّرا |
|
أُتِيحَ لَها فَردُ خَلا بَينَ عالِجٍ | |
|
| وَبَينَ حِبالِ الرّملِ فِي الصَيفِ أَشهُرا |
|
كَسا دَفعُ رِجلَيها صَفيحةَ وَجهِهِ | |
|
| إِذا اِنجَرَدَت نَبتَ الخُزامَي المُنَوَّرا |
|
مُرُوجٌ كَسا القَريانُ ظَاهِرَ لَونِها | |
|
| مِراراً مِنَ القُرَّاصٍ أَحوى وأَصفَرا |
|
فَبَاهَى كَفَحلِ الحُوشِ يُنغِضُ رأسَهُ | |
|
| كَما يُنغِضُ الوَضعُ الفَنِيقَ المُجَفَّرا |
|
وَوَلَّت بِهِ روحٌ خِفافٌ كأَنَّها | |
|
| خَذاريفُ تُزجي ساطِعَ اللَونِ أَغبَرا |
|
كَأَصدَافِ هِندِيَّين صُهبُ لِحاهُمُ | |
|
| يَبيعُونُ في دارينَ مِسكاً وعَنبَرا |
|
فَباتَت ثَلاثاً بَينَ يَومٍ وَلَيلَةٍ | |
|
| وَكانَ النَكيرُ أَن تُضيفَ وَتجأرا |
|
وَباتَت كأَنَّ كَشحَها طيُّ رَيطَةٍ | |
|
| إِلى راجِحٍ مِن ظَاهِرِ الرَملِ أَعفرا |
|
تَلألأُ كالشِّعرى العبورِ تَوَقَّدَت | |
|
| وَكانَ عَماءُ دُونَها فتحسَّرا |
|
يَمُورُ النَدَى في مِدرَيَيها كأَنَّهُ | |
|
| فَرِيدٌ هَوى مِن سِلكِهِ فَتَحَدَّرا |
|
وَعادِيةٍ سَوم الجرادِ شهِدتُها | |
|
| فكفَّلتُها سيداً أَزَلَّ مُصدَّراً |
|
أشقَّ قسامِيّاً رُبَاعيَّ جانِب | |
|
| وَقارحَ جَنبِ سُلَّ أَقرَحَ أشقَرا |
|
شَديدُ قُلاتِ المِرفَقَين كَأَنَّما | |
|
| بِهِ نفَسٌ أَو قَد أَرادَ لِيَزفِرا |
|
يَمُرُّ كَمَرّيخ المُغالي اِنتحَت بِهِ | |
|
| شِمالُ عُبَادِيِّ عَلى الريحِ أَعسَرا |
|
وَيُبقي وَجيفُ الأَربَع السودِ لحمَهُ | |
|
| كَما بُنِيَ التابوتُ أَحزَمَ مُجفَرا |
|
فَلَمّا أَتَى لا ينقُصُ القَودُ لَحمَهُ | |
|
| نقَصتُ المَديدَ والشّعِيرَ ليَضمُرا |
|
وَكانَ أَمامَ القَومِ مِنهُم طَليعةٌ | |
|
| فَأَربَى يَفاعاً مِن بَعيدٍ فَبَشَّرا |
|
وَنَهنَهتُهُ حَتّى لَبِستُ مُفَاضَةً | |
|
| مُضَاعَفَةً كالنِهيِ رِيحَ وَأُمطِرا |
|
وَجمَّعتُ بَزّي فَوقَهُ ودَفعتُهُ | |
|
| وَنَأنَأتُ مِنهُ خَشيةَ أَن يُكَسَّرا |
|
وَعرَّفتُه في شِدَّةِ الجَريِ باِسمِهِ | |
|
| وَأَشلَيتُهُ حَتّى أَراحَ وَأَبصَرا |
|
فَظَلَّ يُجاريهم كَأَنَّ هُوِيَّهُ | |
|
| هُويُّ قُطَامِيٍّ مِن الطيرِ أَمعَرا |
|
أَزُجُّ بِذِلقِ الرُمحِ لَحيَيهِ سابِقاً | |
|
| نَزَائِعَ ما ضَمَّ الخَميسُ وَضَمَّرا |
|
لَهُ عُنُقٌ في كاهِلٍ غَيرُ جَأنبٍ | |
|
| وَلَجَّ بِلَحيَيهِ وَنُحِّيَ مُدبرا |
|
وَبَطنٌ كَظَهرِ التُرسِ لَو شُلَّ أَربَعاً | |
|
| لأَصبَحَ صِفراً بَطنُهُ ما تَخَرخَرا |
|
فَكفَّ أُولي شُقرٍ جياداً ضَوامِرا | |
|
| فَزَحزَحَها عَن مِثِلها أَن تَصَدَّرا |
|
فَأُرسِلَ في دُهمٍ كأَنَّ حَنِيَنها | |
|
| فَحِيحُ الأَفاعِي أُعجِلَت أَن تَحجَّرا |
|
لَها حَجَلٌ قُرعُ الرؤوسِ تَحَلَّبَت | |
|
| عَلى هامَةٍ بِالصيفِ حَتّى تَمَوَّرا |
|
إِذا هِيَ سيقَت دافَعَت ثَفِناتُها | |
|
| إِلى سُرَرٍ بُجرٍ مَزاداً مُقيَّرا |
|
وَتَغمِسُ في الماءِ الَّذي باتَ آجِنا | |
|
| إِذا أَورَدَ الراعِي نَضيحاً مُجَيَّرا |
|
حَناجِرَ كالأَقماعِ فَحَّ حَنَينُها | |
|
| كَما نَفَخ الزَمّارُ في الصُبحِ زَمخَرا |
|
وَمَهاما يَقُل فينا العَدُوُّ فَإِنَّهُم | |
|
| يَقولونَ مَعروفاً وَآخَرَ مُنكِرا |
|
فَما وَجدَتُ مِن فِرقَةٍ عَرَبِيَّةٍ | |
|
| كَفيلاً دَنا مِنّا أَعَزَّ وَأَنصَرا |
|
وَأَكثَرَ مِنّا ناكِحاً لِغَريبَةٍ | |
|
| أُصيبَت سِباءً أَو أَرادت تَخَيُّرا |
|
وَأَسرَعَ مَّنا إِن أَرَدنا اِنصِرافةً | |
|
| وَأَكثَرَ مِنّا دَارِعينَ وحُسَّرا |
|
وَأَجدرَ أَن لاَ يَترُكُوا عَانِياً لَهُم | |
|
| فَيَغبُرُ حَولاً في الحَديدِ مُكفَّرا |
|
وَأَجدَرَ أَن لاَ يَترُكُوا مِن كَرَامةٍ | |
|
| ثوِبّاً وَإِن كانَ الثوايَةُ أغضرا |
|
وَقَد آنَسَت مِنّا قُضَاعَةُ كَالِئاً | |
|
| فَأَضحَوا بِبُصرَى يَعصِرونَ الصَنوبرا |
|
وَكِندةُ كانت بِالعَقِيقِ مُقيمَةً | |
|
| وَنَهدٌ فَكُلاًّ قَد طَحَرناهُ مَطحَرا |
|
كِنانُة بينَ الصّخرِ وَالبَحرِ دارُهُم | |
|
| فَأَحجَرَها أَن لَم تَجِد مُتَأَخّرا |
|
وَنَحنُ ضَرَبنا بِالصَفَا آلَ دارمٍ | |
|
| وَحَسّانَ وَاِبنَ الجَون ضَرباً مُنكَّرا |
|
وَعَلقمَةَ الجعفيَّ أَدرَكَ رَكضُنا | |
|
| بِذِي النَخلِ إِذ صامَ النَهارُ وَهَجَّرا |
|
ضَرَبنا بُطونَ الخيلِ حَتّى تَناوَلَت | |
|
| عميدَي بَني شيبانَ عَمروًا وَمُنذرا |
|
أَرَحنا مَعدّاً مِن شَراحيلَ بَعدَما | |
|
| أَرَاها مَعَ الصُبحِ الكَواكِبَ مُظهِرا |
|
تَمَرَّنَ فيهِ المَضرَحِيَّةُ بَعدَما | |
|
| رَوَينَ نَجيعاً مِن دَمِ الجَوفِ أَحمَرا |
|
وَمِن أَسَدٍ أَغوى كُهُولاً كَثيرَةً | |
|
| بِنَهي غُرابٍ يَومَ ما عَوَّجَ الذُرا |
|
وَتُنكُر يَومَ الرَوعِ أَلوانُ خيلِنا | |
|
| مِن الطَعنِ حَتّى تَحسِبَ الجونَ أشقَرا |
|
وَنَحنُ أُناسٌ لا نَعَوِّدُ خَيلَنا | |
|
| إِذا ما التقينا أَن تَحيدَ وَتَنفِرا |
|
وَما كانَ مَعروفاً لَنا أَن نَرُدَّها | |
|
| صِحاحاً وَلا مِستَنكراً أَن تُعقَّرا |
|
بَلَغنَا السّما مَجداً وَجوداً وَسُؤدَداً | |
|
| وَإِنّا لَنرجُو فَوقَ ذَلِكَ مَظهَرا |
|
وَكُلَّ مَعدٍّ قَد أَحَلَّت سُيوفُنا | |
|
| جَوانِبَ بَحرٍ ذِي غَوَارِبَ أَخضَرا |
|
لَعَمري لَقَد أَنذَرتُ أَزداً أُناتَها | |
|
| لِتَنظُرَ في أَحلامِها وَتُفكِّرا |
|
وَأَعرضَتُ عَنّها حِقبةً وَتَرَكتُها | |
|
| لأَبلُغَ عُذراً عِندَ رَبِّي فَأُعذَرا |
|
وَما قُلتُ حَتّى نالَ شَتمُ عَشيرَتي | |
|
| نُفَيلَ بِنَ عَمرٍو وَالوَحيدَ وَجَعفَرا |
|
وَحَيَّ أَبي بَكرٍ وَلا حَيَّ مِثلُهُم | |
|
| إِذا بَلَغَ الأَمرُ العَماسَ المُذَمَّرا |
|
وَلا خَيرَ فِي جَهلٍ إِذَا لَم يَكُن لَهُ | |
|
| حَلِيمٌ إِذَا ما أَورَدَ الأَمرَ أَصدَرا |
|
وَلا خيرَ فِي حِلمٍ إِذَا لَم تَكُن لَهُ | |
|
| بَوَادِرُ تَحمي صَفوَهُ أَن يُكَدَّرا |
|
فَفِي الحِلمِ خَيرٌ مِن أُمورٍ كَثيرةٍ | |
|
| وفِي الجَهلِ أَحياناً إِذا ما تَعَذَّرا |
|
كَذاكَ لعمرِي الدَهرُ يَومانِ فاعرِفوا | |
|
| شُرورٌ وَخيرٌ لا بَلِ الشَرُّ أَكثَرا |
|
إِذَا اِفتَخَرَ الأَزدِيُّ يوماً فَقُل لَهُ | |
|
| تأَخّر فَلَن يَجعَل لَكَ اللَهُ مَفخرا |
|
فَإِن تَرِد العَليا فَلَستَ بِأَهلِها | |
|
| وَإِن تَبسُطِ الكفَّينِ بِالمَجدِ تُقصَرا |
|
إِذَا أَدلَجَ الأَزدِيُّ أَدلَجَ سارِقاً | |
|
| فَأَصبَحَ مَخطُوماً بِلَومٍ مُعَذَّرا |
|