إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
ليلٌ طويلٌ،صَهيلُ الرَّملِ يُذكِيهِ
|
وأنجمٌ بلَّلتْ ضوءاً دياجيهِ
|
بدربهِ تَعصفُ الأفكارُ، لا قمراً
|
يحثُّهُ للسُرى إلاّ أمانيهِ
|
كان اقتراحُ المعاني الخُضرِ شاغِلَهُ
|
فظلَّ يبحثُ عن كونٍ يوازيهِ
|
ولمْ يجدْ غيرَ قلبٍ تاقَ معرفةً
|
للغيبِ، يرقى عُروجاً في تساميهِ
|
يبثُّ شكواهُ، والأصداءُ تُرجِعُها
|
طيفاً، ويُحزنُهُ ألاّ يُلاقيهِ
|
تَضيقُ في صَدرهِ الدنيا إذا اتسعتْ
|
رؤياهُ فانسكبتْ دمعاً مآقيهِ
|
والكهفُ يدري بما يَلقى فيمنحهُ
|
فضاءُهُ الرحبُ وطراً من تماهيهِ
|
يُجيلُ في خَلَدِ الدُّنيا بحسرتهِ
|
وبينَ جَنبيهِ آمالٌ تُواسيهِ
|
لا غيمَ في الأفقِ إلاّ ما افترُوه، ولا
|
ثغراً تبسّمَ قمحاً في فيافيهِ
|
لكنَّ أسئلةً في صدرهِ اتقدتْ
|
ودائباً ليُجاري حلَّ ما فيهِ
|
******************* |
وكانَ لا نهرَ يجري، غيرَ أُحجيةٍ
|
للسائلينَ بأقدامٍ لساقيهِ
|
ذاكَ الذي ورَّثَ الصحراءَ ناديةً
|
لهُ، وأورثَهُ كبشاً يُفاديهِ
|
كما وأورثهُ السكّينَ جالبةً
|
سكينةَ الروحِ في تأويل باريهِ
|
مميزاً، مُذْ زُغابى الصّبرِ، مُختلفاً
|
حِسّاً ويُصغي إلى نورٍ يُناديهِ
|
وكيفَ أنَّ الفِطامَ اليتمَ باحَ لهُ
|
سِرَّ التفرّدِ حُباً في مُناجيهِ
|
واللهُ يعرفُ ما سوّتْ أناملُهُ
|
وأبدعتْ، فاصطفاهُ من أساميهِ
|
رآه فاختّصهُ عبداً وقلّبَهُ
|
في الساجدينَ خلوصاً، مَنْ يُضاهيهِ؟
|
يُظّلهُ بغَمامِ اللّطفِ حيثُ سعى
|
يُضفي عليهِ مَهاباً من معاليهِ
|
يَحفُّهُ بالكراماتِ التي سَلَبتْ
|
لُبَّ الأنامِ فلا يَخفى لِرائيهِ
|
حَباهُ أنْ عِصمةُ الأخطاءِ في يَدِهِ
|
فأنهالَ شلّالُ صِدقٍ مِن أياديهِ
|
هوَ اجتباهُ، خِتاماً لا خِتامَ لهُ
|
مؤيداً فاستوتْ أبهى معانيهِ
|
وشاءَ أنْ يجعلَ الميلادَ تذكرةً
|
لمّا تأذّنَ أنْ يُلقي رواسيهِ
|
فزُلزِلتْ قَدمُ الأوثانِ وارتعدتْ
|
كلُّ الطواغيتِ وارتاعتْ أعاديهِ
|
مُذْ فَجرِ نشأتِهِ الأولى إلى غدهِ
|
في العالمين وجبرائيلُ تاليهِ
|
ذاكَ اليتيمُ الذي مُذْ صارَ مُبتسماً
|
رَغمَ التجاعيدِ في سيماءِ راعيهِ
|
فباتَ يسقي الصحارى من سماحتهِ
|
واعشوشبتْ، بعدما فاضتْ سواقيهِ
|
واكتظّ يَنبتُ بين الصخرِ أخضرُهُ
|
طيباً، ومن نورهِ صُبحٌ أماسيهِ
|
فهو اليتيمُ الذي للآن تكنِفُنا
|
أبوةٌ مِنه مُذْ صِرنا مَواليهِ
|
وهو البسيطُ الذي آخى تعقّدَنا
|
وحلّهُ، فانغمسنا في مراميهِ
|
مازالَ يبتكرُ الإقناعَ في فئةٍ
|
قليلةٍ كثُرتْ وعياً بناديهِ
|
حتى استحالوا، فمِنْ وأدِ الحياة الى
|
وأدِ الفؤوسِ التي كانتْ تُجافيهِ
|
أكرمْ به أمةً، كانَ الخليلُ لهُ
|
مَعنىً قديماً به راقتْ لياليهِ
|
لم يرتكبْ غيرَ عِتْقِ الناسِ أنفسَهم
|
مهاجرا دونما يخشى أعاديهِ
|
وما أعادَ لميتٍ روحَهُ، وسعى
|
نحو الضمائرِ يُحييها بِواديهِ
|
لم يطلبِ الملكَ، أو لِينَ الحديدُ لهُ
|
أو رامَ ثوباً لكي ينهي مآسيهِ
|
لذاك قرآنُهُ من غيرِ مُعجزةٍ
|
جَليّةٍ وهنا تبدو أحاجيهِ
|
قالَ: الكمالُ بأنْ قُدْراتُكم كعصىً
|
إذا تسنتْ لفرعونٍ أفاعيهِ
|
حتى الحمامةُ:تعني أنّهُ أملٌ
|
والعنكبوتُ: نسيجُ الفردِ حاميهِ
|
كانَ الحقيقةَ قبلَ النَفخِ، قامَ بها
|
سرُّ الوجودِ، فلا عهداً لناسيهِ
|
هناكَ في عالمِ الأنوارِ مُذ سجدوا
|
تمايزوا شرفاً، بئساً لقاليهِ
|
ولم يكنْ غير إبليس انثى غضباً
|
مُفرِّطا في عظيمٍ من تفانيهِ
|
لذاكَ صاَر عِدائياً أبو لَهَبٍ
|
وأضرمَ الحقدَ سعياً في تماديهِ
|
وظلَّ إبليسُ بالنارِ التي استعرتْ
|
يغوي، وأحمدُ يهدي من أقاصيهِ
|
مستخلِصاً جوهرَ الإنسانِ
|
ينحتُهُ عدالةً،إنْ سما عبدٌ يساويهِ
|
إذا اتقى ربَّهُ في الخلقِ قاطبةً
|
صارَ الخليفةَ لا تُخشى مساعيهِ
|
في ثلّةٍ رَحِمُ الصحراءِ جادَ بها
|
أشجارَ رؤيا تروّتْ من مثانيهِ
|
رَهطٌ من الضَعفِ صاروا الأقوياءَ بهِ
|
أعزةً لَمْ يَهِنْ منهم مُراعيهِ
|
توزعوا في فِجاجِ الأرضِ يرفِدُهم
|
عَزمُ النبيينَ إذْ صاروا حواريهِ
|
فكانَ إسلامُهم سِلماً لمَنْ دخلوا
|
وكانَ فتحاً لِمَنْ أصغى لِواشيهِ
|
*** |
وشاعرٍ جاءَ بالأشواقِ محتشداً
|
مهنئاً خَجِلاً فاقبلْ تهانيهِ
|
يستسمحَ العطفَ من بحرِ الكمالِ
|
ألا فامسحْ بكفيكَ بعضاً من معاصيهِ
|
يا سيدي يا رسولَ الله كُنْ سنداً
|
لمَنْ بذكركَ قد رقّتْ أغانيهِ
|
وكنْ غفوراً إذا ما جئتُ مقترفاً
|
شعراً وقد قَصُرتْ وصفاً قوافيهِ
|
لكنْ كتبتُ أبا الزهراء معذرةً
|
أحييتُ كعباً وأرجو أنْ تكافيهِ
|