تلوتك يا (عباس) مـجداً مـخلدا |
و أبيضَ قلبٍ بالوفاء تفردا |
إذا ذُكِر الإيثارُ في الدهر خَصلةً |
وجدتك للإيثار نبعاً و مورِدا |
و إن ذكَرَ الأبطالُ سيرةَ فارسٍ |
ذُكِرتَ كجيشٍ للقتال تـحشدا |
فأنت لِسيفِ الله فرعُ بطولةٍ |
يراك عدوُّ الله موتاً مؤكدا |
كتبتَ بيوم الطف أروعَ سيرةٍ |
أشاد لـها الرحـمن في الأرض مشهدا |
يُزار على مر الزمان لأنه |
يطيب إلى الزوار ملجاً و مقصدا |
و باباً به الـحاجات تُقضَى لسائلٍ |
و لـم يكُ عمَّن جاء يسأل مُوصَدا |
فجاءته يوماً تطلب الـماء فتية |
فروَّى لـها رغم الـملاحم أكبدا |
و روَّى تراب الطف من دمه الذي |
أريق و كانت تربةُ الطف موعدا |
فكان لزاماً أن يـجودَ بنفسه |
و يسجُرَ بـحرَ الـحرب ما برز العدى |
و يشهرَ سيفَ الـحق في وجه باطلٍ |
و يقطعَ مِن جسم الضلال به يدا |
فذكَّرَهم بالنهروان و جِسرها |
و موجٍ كبحرٍ هاج في البر مزبدا |
و قنطرةٍ قد كان في الـحرب ليثَها |
و عنها جيوش البغي أفنى و طرَّدا |
تلوتك سِفراً للبطولة خالداً |
لك الدهرَ ما زال الفوارس سُجَّدا |
ذكرتك سيفاً للحسين على العدَى |
بيوم الطفوفِ السبطُ لله جرَّدا |
به بترَ الباغين كفاًّ و هامةً |
و هدَّ لـهم في الطف حصناً و مرصدا |
فلم يُرَ سيفٌ في الـمعارك مثلُه |
سوى مَن أحبَّ الله حقاًّ و أحـمدا |
و طار على الـهامات قصفاً بعزمه |
على كلِّ مَن يبغي على الناس مُفسِدا |
و مَن (أحُدٌ) فيها و (بدرٌ) حسامُه |
نفوسَ ذوي الإضلال في النار أوردا |
أبو الفضلِ سهمٌ مِن كنانة حيدرٍ |
و سبطُ رسول الله للسهم سَددا |
فضيَّق للأعداء بالرعب أرضَها |
و كلَّ يسيرٍ بالذي ضاق شدَّدا |
و صاح بـهم و السيف قد صاح قبلَه |
لِـهامَة مَن يأتيه في الأرض وسَّدا |
و لو أمر الـجبارُ بادت جـموعهم |
و لكنَّ ما أمضاه ربي تأكدا |
فغابَ عن الشمسِ الـمضيئةِ بدرُها |
و صار لـها مِن بعده الكونُ أسودا |
فقام بنفسي سبطُ طه مـخاطباً |
لِينذرَ بالويلات مَن جاء و اعتدى |
بقولِ رسول الله فيه مُذكراً |
و ناصِحَ ذي وعي لقولٍ و مرشدا |
و صاح على الـمهر الذي كان تـحته |
و ثارَ بقولٍ ثم فعلٍ و هدَّدا |
و مالَ عليهم و الزنادُ بكفه |
يصولُ بنارٍ في حِـمَى القوم أوقدا |
ليُصلحَ ما الطاغوت كان بسعيه |
يريد بدين الـمصطفى الشرَّ أفسدا |
و نارُ سليلِ الـحق في الكون لـم تزل |
تثور كبركانٍ بـما فيه أرعدا |
و يَومُ ظهورِ الأمرِ للناس قد دنا |
علامتُه تبدو كما الله أوعدا |
فخاب شقيٌّ سار خلف معاندٍ |
و فاز تقيٌّ بالـهداة قد اقتدى |