أَخَذَت نَعشَكِ مِصرُ بِاليَمين | |
|
| وَحَوَتهُ مِن يَدِ الروحِ الأَمين |
|
لَقِيَت طُهرَ بَقاياكِ كَما | |
|
| لَقِيَت يَثرِبٌ أُمَّ المُؤمِنين |
|
في سَوادَيها وَفي أَحشائِها | |
|
| وَوَراءَ النَحرِ مِن حَبلِ الوَتين |
|
خَرَجَت مِن قَصرِكِ الباكي إِلى | |
|
| رَملَةِ الثَغرِ إِلى القَصرِ الحَزين |
|
أَخَذَت بَينَ اليَتامى مَذهَباً | |
|
| وَمَشَت في عَبَراتِ البائِسين |
|
وَرَمَت طَرفاً إِلى البَحرِ تَرى | |
|
| مِن وَراءِ الدَمعِ أَسرابَ السَفين |
|
فَبَدَت جارِيَةٌ في حِضنِها | |
|
| فَنَنُ الوَردِ وَفَرعُ الياسَمين |
|
وَعَلى جُؤجُئِها نورُ الهُدى | |
|
| وَعَلى سُكّانِها نورُ اليَقين |
|
حَمَلَت مِن شاطِئِ مَرمَرَه | |
|
| جَوهَرَ السُؤدُدِ وَالكَنزَ الثَمين |
|
وَطَوَت بَحراً بِبَحرٍ وَجَرَت | |
|
| في الأُجاجِ المِلحِ بِالعَذبِ المَعين |
|
وَاِستَقَلَّت دُرَّةً كانَت سَنىً | |
|
| وَسَناءً في جِباهِ المالِكين |
|
ذَهَبَت عَن عِليَةٍ صَيدٍ وَعَن | |
|
| خُرَّدٍ مِن خَفِراتِ البَيتِ عين |
|
وَالتَقِيّاتُ بَناتُ المُتَّقي | |
|
| وَالآميناتُ بُنَيّاتُ الأَمين |
|
لَبِسَت في مَطلَعِ العِزِّ الضُحى | |
|
| وَنَضَتهُ كَالشُموسِ الآفِلين |
|
|
| كَيَدِ الشَمسِ وَإِن غابَ الجَبين |
|
رَبَّةُ العَرشَينِ في دَولَتِها | |
|
| قَد رَكِبتِ اليَومَ عَرشَ العالَمين |
|
أُضجِعَت قَبلَكِ فيهِ مَريَمٌ | |
|
| وَتَوارى بِنِساءِ المُرَسَلين |
|
إِنَّهُ رَحلُ الأَوالي شَدَّهُ | |
|
| لَهُم آدَمُ رُسلِ الآخَرين |
|
اِخلَعي الأَلقابَ إِلّا لَقَباً | |
|
| عَبقَرِيّاً هُوَ أُمُّ المُحسِنين |
|
وَدَعي المالَ يَسِر سُنَّتَهُ | |
|
| يَمضِ عَن قَومٍ لِأَيدي آخَرين |
|
وَاِقذِفي بِالهَمِّ في وَجهِ الثَرى | |
|
| وَاِطرَحي مِن حالِقٍ عِبءَ السِنين |
|
وَاِسخَري مِن شانِئٍ أَو شامِتٍ | |
|
| لَيسَ بِالمُخطِئِ يَومُ الشامِتين |
|
وَتَعَزّي عَن عَوادي دَولَةٍ | |
|
| لَم تَدُم في وَلَدٍ أَو في قَرين |
|
وَاِزهَدي في مَوكِبٍ لَو شِئتِهِ | |
|
| لَتَغَطّى وَجهُها بِالدارِعين |
|
ما الَّذي رَدَّ عَلى أَصحابِهِ | |
|
| لَيسَ يُحيِ مَوكِبُ الدَفنِ الدَفين |
|
رُبَّ مَحمولٍ عَلى المِدفَعِ ما | |
|
| مَنَعَ الحَوضَ وَلا حاطَ العَرين |
|
باطِلٌ مِن أُمَمٍ مَخدوعَةٍ | |
|
| يَتَحَدّونَ بِهِ الحَقَّ المُبين |
|
في فَروقٍ وَرُباها مَأتَمٌ | |
|
| ذَرَفَت آماقَها فيهِ العُيون |
|
قامَ فيها مِن عَقيلاتِ الحِمى | |
|
| مَلَأٌ بُدِّلنَ مِن عِزٍّ بِهون |
|
أُسَرٌ مالَت بِها الدُنيا فَلَم | |
|
| تَلقَ إِلّا عِندَكِ الرُكنَ الرَكين |
|
قَد خَلا بَيبَكُ مِن حاتِمِه | |
|
| وَمِنَ الكاسينَ فيهِ الطاعِمين |
|
طارَتِ النِعمَةُ عَن أَيكَتِه | |
|
| وَاِنقَضى ما كانَ مِن خَفضٍ وَلين |
|
اليَتامى نُوَّحٌ ناحِيَةً | |
|
| وَالمَساكينُ يَمُدّونَ الرَنين |
|
دَولَةٌ مالَت وَسُلطانٌ خَلا | |
|
| دُوِّلَت نُعماهُ بَينَ الأَقرَبين |
|
مُنهِضُ الشَرقِ عَلِيٌّ لَم يَزَل | |
|
| مِن بَنيهِ سَيِّدٌ في عابِدين |
|
يُصلِحُ اللَهُ بِهِ ما أَفسَدَت | |
|
| فَتَراتُ الدَهرِ مِن دُنيا وَدين |
|
أُمَّ عَبّاسٍ وَما لي لَم أَقُل | |
|
| أُمَّ مِصرَ مِن بَناتٍ وَبَنين |
|
كُنتِ كَالوَردِ لَهُم وَاِستَقبَلوا | |
|
| دَولَةَ الرَيحانِ حيناً بَعدَ حين |
|
فَيُقالُ الأُمُّ في مَوكِبِها | |
|
| وَيُقالُ الحَرَمُ العالي المَصون |
|
العَفيفِيُّ عَفافٌ وَهُدىً | |
|
| كَالبَقيعِ الطُهرِ ضَمَّ الطاهِرين |
|
اُدخُلي الجَنَّةَ مِن رَوضَتِه | |
|
| إِنَّ فيها غُرفَةً لِلصابِرين |
|