قِفي يا أُختَ يوشَعَ خَبِّرينا | |
|
| أَحاديثَ القُرونِ العابِرينا |
|
وَقُصّي مِن مَصارِعِهِم عَلَينا | |
|
| وَمِن دولاتِهِم ما تَعلَمينا |
|
فَمِثلُكِ مَن رَوى الأَخبارَ طُرّاً | |
|
| وَمَن نَسَبَ القَبائِلَ أَجمَعينا |
|
نَرى لَكِ في السَماءِ خَضيبَ قَرنٍ | |
|
| وَلا نُحصي عَلى الأَرضِ الطَعينا |
|
مَشَيتِ عَلى الشَبابِ شَواظَ نارٍ | |
|
| وَدُرتِ عَلى المَشيبِ رَحىً طَحونا |
|
تُعينينَ المَوالِدَ وَالمَنايا | |
|
| وَتَبنينَ الحَياةَ وَتَهدُمينا |
|
فَيا لَكِ هِرَّةً أَكَلَت بَنيها | |
|
| وَما وَلَدوا وَتَنتَظِرُ الجَنينا |
|
أَأُمَّ المالِكينَ بَني أَمونٍ | |
|
| لِيَهنِكِ أَنَّهُم نَزَعوا أَمونا |
|
وَلِدتِ لَهُ المَآمينَ الدَواهي | |
|
| وَلَم تَلِدي لَهُ قَطُّ الأَمينا |
|
فَكانوا الشُهبَ حينَ الأَرضُ لَيلٌ | |
|
| وَحينَ الناسُ جَدُّ مُضَلَّلينا |
|
مَشَت بِمَنارِهِم في الأَرضِ روما | |
|
| وَمِن أَنوارِهِم قَبَسَت أَثينا |
|
مُلوكُ الدَهرِ بِالوادي أَقاموا | |
|
| عَلى وادي المُلوكِ مُحَجَّبينا |
|
فَرُبَّ مُصَفِّدٍ مِنهُم وَكانَت | |
|
| تُساقُ لَهُ المُلوكُ مُصَفَّدينا |
|
تَقَيَّدَ في التُرابِ بِغَيرِ قَيدٍ | |
|
| وَحَلَّ عَلى جَوانِبِهِ رَهينا |
|
تَعالى اللهُ كانَ السِحرُ فيهِم | |
|
| أَلَيسوا لِلحِجارَةِ مُنطِقينا |
|
غَدَوا يَبنونَ ما يَبقى وَراحوا | |
|
| وَراءَ الآبِداتِ مُخَلَّدينا |
|
إِذا عَمِدوا لِمَأثُرَةٍ أَعَدّوا | |
|
| لَها الإِتقانَ وَالخُلقَ المَتينا |
|
وَلَيسَ الخُلدُ مَرتَبَةً تَلَقّى | |
|
| وَتُؤخَذُ مِن شِفاهِ الجاهِلينا |
|
وَلَكِن مُنتَهى هِمَمٍ كِبارٍ | |
|
| إِذا ذَهَبَت مَصادِرُها بَقينا |
|
وَسِرُّ العَبقَرِيَّةِ حينَ يَسري | |
|
| فَيَنتَظِمُ الصَنائِعَ وَالفُنونا |
|
وَآثارُ الرِجالِ إِذا تَناهَت | |
|
| إِلى التاريخِ خَيرُ الحاكِمينا |
|
وَأَخذُكَ مِن فَمِ الدُنيا ثَناءً | |
|
| وَتَركُكَ في مَسامِعِها طَنينا |
|
فَغالي في بَنيكَ الصيدِ غالي | |
|
| فَقَد حُبَّ الغُلُوُّ إِلى بَنينا |
|
شَبابٌ قُنَّعٌ لا خَيرَ فيهِم | |
|
| وَبورِكَ في الشَبابِ الطامِحينا |
|
فَناجيهِم بِعَرشٍ كانَ صِنواً | |
|
| لِعَرشِكَ في شَبيبَتِهِ سَنينا |
|
وَكانَ العِزُّ حُليَتَهُ وَكانَت | |
|
| قَوائِمُهُ الكَتائِبَ وَالسَفينا |
|
وَتاجٍ مِن فَرائِدِهِ اِبنُ سيتى | |
|
| وَمِن خَرَزاتِهِ خوفو وَمينا |
|
عَلا خَدّاً بِهِ صَعَرٌ وَأَنفاً | |
|
| تَرَفَّعَ في الحَوادِثِ أَن يَدينا |
|
وَلَستُ بِقائِلٍ ظَلَموا وَجاروا | |
|
| عَلى الأُجَراءِ أَو جَلَدوا القَطينا |
|
فَإِنّا لَم نُوَقَّ النَقصَ حَتّى | |
|
| نُطالِبَ بِالكَمالِ الأَوَّلينا |
|
وَما البَستيلُ إِلّا بِنتُ أَمسٍ | |
|
| وَكَم أَكَلَ الحَديدُ بِها صَحينا |
|
وَرُبَّةَ بَيعَةٍ عَزَّت وَطالَت | |
|
| بَناها الناسُ أَمسُ مُسخِرينا |
|
مُشَيَّدَةٍ لِشافي العُميِ عيسى | |
|
| وَكَم سَمَلَ القَسوسُ بِها عُيونا |
|
أَخا اللورداتِ مِثلُكَ مَن تَحَلّى | |
|
| بِحِليَةِ آلِهِ المُتَطَوِّلينا |
|
لَكَ الأَصلُ الَّذي نَبَتَت عَلَيهِ | |
|
| فُروعُ المَجدِ مِن كِرنارَفونا |
|
وَمالُكَ لا يُعَدُّ وَكُلُّ مالٍ | |
|
| سَيَفنى أَو سَيُفني المالِكينا |
|
وَجَدتَ مَذاقَ كُلِّ تَليدِ مَجدٍ | |
|
| فَكَيفَ وَجَدتَ مَجدَ الكاسِبينا |
|
نَشَرتَ صَفائِحاً فَجَزَتكَ مِصرٌ | |
|
| صَحائِفَ سُؤدُدٍ لا يَنطَوينا |
|
فَإِن تَكُ قَد فَتَحتَ لَها كُنوزاً | |
|
| فَقَد فَتَحَت لَكَ الفَتحَ المُبينا |
|
فَلَو قارونُ فَوقَ الأَرضِ إِلّا | |
|
| تَمَنّى لَو رَضيتَ بِهِ قَرينا |
|
سَبيلُ الخُلدِ كانَ عَلَيكَ سَهلاً | |
|
| وَعادَتُهُ يَكُدُّ السالِكينا |
|
رَأَيتَ تَنَكُّراً وَسَمِعتَ عَتباً | |
|
| فَعُذراً لِلغِضابِ المُحنِقينا |
|
أُبُوَّتُنا وَأَعظَمُهُم تُراثٌ | |
|
| نُحاذِرُ أَن يَؤولَ لِآخَرينا |
|
وَنَأبى أَن يَحُلَّ عَلَيهِ ضَيمٌ | |
|
| وَيَذهَبَ نَهبَةً لِلناهِبينا |
|
سَكَتَّ فَحامَ حَولَكَ كُلُّ ظَنٍّ | |
|
| وَلَو صَرَّحَت لَم تُثِرِ الظُنونا |
|
يَقولُ الناسُ في سِرٍّ وَجَهرٍ | |
|
| وَمالَكَ حيلَةٌ في المُرجِفينا |
|
أَمَن سَرَقَ الخَليفَةَ وَهوَ حَيٌّ | |
|
| يَعِفُّ عَنِ المُلوكِ مُكَفَّنينا |
|
خَليلَيَّ اِهبِطا الوادي وَميلا | |
|
| إِلى غُرَفِ الشُموسِ الغارِبينا |
|
وَسيرا في مَحاجِرِهِم رُوَيداً | |
|
| وَطوفا بِالمَضاجِعِ خاشِعينا |
|
وَخُصّا بِالعَمارِ وَبِالتَحايا | |
|
| رُفاتَ المَجدِ مِن توتَنخَمينا |
|
وَقَبراً كادَ مِن حُسنٍ وَطيبٍ | |
|
| يُضيءُ حِجارَةً وَيَضوعُ طينا |
|
يُخالُ لِرَوعَةِ التاريخِ قُدَّت | |
|
| جَنادِلُهُ العُلا مِن طورِ سينا |
|
وَكانَ نَزيلُهُ بِالمَلكِ يُدعى | |
|
| فَصارَ يُلَقَّبُ الكَنزَ الثَمينا |
|
وَقوما هاتِفَينِ بِهِ وَلَكِن | |
|
| كَما كانَ الأَوائِلُ يَهتِفونا |
|
فَثَمَّ جَلالَةٌ قَرَّت وَرامَت | |
|
| عَلى مَرِّ القُرونِ الأَربَعينا |
|
جَلالُ المُلكِ أَيّامٌ وَتَمضي | |
|
| وَلا يَمضي جَلالُ الخالِدينا |
|
وَقولا لِلنَزيلِ قُدومَ سَعدٍ | |
|
| وَحَيّا اللَهُ مَقدَمَكَ اليَمينا |
|
سَلامٌ يَومَ وارَتكَ المَنايا | |
|
| بِواديها وَيَومَ ظَهَرتَ فينا |
|
خَرَجتَ مِنَ القُبورِ خُروجَ عيسى | |
|
| عَلَيكَ جَلالَةٌ في العالَمينا |
|
يَجوبُ البَرقُ بِاِسمِكَ كُلَّ سَهلٍ | |
|
| وَيَختَرِقُ البُخارُ بِهِ الحُزونا |
|
وَأُقسِمُ كُنتَ في لَوزانَ شُغلاً | |
|
| وَكُنتَ عَجيبَةَ المُتَفاوِضينا |
|
أَتَعلَمُ أَنَّهُم صَلِفوا وَتاهوا | |
|
| وَصَدّوا البابَ عَنّا موصِدينا |
|
وَلَو كُنّا نَجُرُّ هُناكَ سَيفاً | |
|
| وَجَدنا عِندَهُم عَطفاً وَلينا |
|
سَيَقضي كِرزُنٌ بِالأَمرِ عَنّا | |
|
| وَحاجاتُ الكِنانَةِ ما قُضينا |
|
تَعالَ اليَومَ خَبِّرنا أَكانَت | |
|
| نَواكَ سِناتِ نَومٍ أَم سِنينا |
|
وَماذا جُبتَ مِن ظُلُماتِ لَيلٍ | |
|
| بَعيدِ الصُبحِ يُنضي المُدلِجينا |
|
وَهَل تَبقى النُفوسُ إِذا أَقامَت | |
|
| هَياكِلُها وَتَبلى إِن بَلينا |
|
وَما تِلكَ القِبابُ وَأَينَ كانَت | |
|
| وَكَيفَ أَضَلَّ حافِرُها القُرونا |
|
مُمَرَّدَةَ البِناءِ تُخالُ بُرجاً | |
|
| بِبَطنِ الأَرضِ مَحظوظاً دَفينا |
|
تَغَطّى بِالأَثاثِ فَكانَ قَصراً | |
|
| وَبِالصُوَرِ العِتاقِ فَكانَ زونا |
|
حَمَلتَ العَرشَ فيهِ فَهَل تُرَجّي | |
|
| وَتَأمَلُ دَولَةً في الغابِرينا |
|
وَهَل تَلقى المُهَيمِنَ فَوقَ عَرشٍ | |
|
| وَيَلقاهُ المَلا مُتَرَجِّلينا |
|
وَما بالُ الطَعامِ يَكادُ يَقدى | |
|
| كَما تَرَكَتهُ أَيدي الصانِعينا |
|
وَلَم تَكُ أَمسُ تَصبُرُ عَنهُ يَوماً | |
|
| فَكَيفَ صَبِرتَ أَحقاباً مَئينا |
|
لَقَد كانَ الَّذي حَذِرَ الأَوالي | |
|
| وَخافَ بَنو زَمانِكَ أَن يَكونا |
|
يُحِبُّ المَرءُ نَبشَ أَخيهِ حَيّاً | |
|
| وَيَنبُشُهُ وَلَو في الهالِكينا |
|
سُلِلتَ مِنَ الحَفائِرِ قَبلَ يَومٍ | |
|
| يَسُلُّ مِنَ التُرابِ الهامِدينا |
|
فَإِن تَكُ عِندَ بَعثٍ فيهِ شَكٌّ | |
|
| فَإِنَّ وَراءَهُ البَعثَ اليَقينا |
|
وَلَو لَم يَعصِموكَ لَكانَ خَيراً | |
|
| كَفى بِالمَوتِ مُعتَصِماً حَصينا |
|
يُضَرُّ أَخو الحَياةِ وَلَيسَ شَيءٌ | |
|
| بِضائِرِهِ إِذا صَحِبَ المَنونا |
|
زَمانُ الفَردِ يا فِرعَونُ وَلّى | |
|
| وَدالَت دَولَةُ المُتَجَبِّرينا |
|
وَأَصبَحَتِ الرُعاةُ بِكُلِّ أَرضٍ | |
|
| عَلى حُكمِ الرَعِيَّةِ نازِلينا |
|