يُقالُ كانَت فَأرَةُ الغيطانِ | |
|
| تَتيهُ بِاِبنَيها عَلى الفيرانِ |
|
قَد سَمَّتِ الأَكبَرَ نورَ الغَيطِ | |
|
| وَعَلَّمَتهُ المَشيَ فَوقَ الخَيطِ |
|
فَعَرَفَ الغِياضَ وَالمُروجا | |
|
| وَأَتقَنَ الدُخولَ وَالخُروجا |
|
وَصارَ في الحِرفَةِ كَالآباءِ | |
|
| وَعاشَ كَالفَلّاحِ في هَناءِ |
|
وَأَتعَبَ الصَغيرُ قَلبَ الأُمِّ | |
|
| بِالكِبرِ فَاِحتارَت بِما تُسَمّي |
|
فَقالَ سَمّيني بِنورِ القَصرِ | |
|
| لِأَنَّني يا أُمُّ فَأرُ العَصرِ |
|
إِنّي أَرى ما لَم يَرَ الشَقيقُ | |
|
| فَلي طَريقٌ وَلَهُ طَريقُ |
|
لَأَدخُلَنَّ الدارَ بَعدَ الدارِ | |
|
| وَثباً مِنَ الرَفِّ إِلى الكَرارِ |
|
لَعَلَّني إِن ثَبَتَت أَقدامي | |
|
| وَنُلتُ يا كُلَّ المُنى مَرامي |
|
آتيكُما بِما أَرى في البَيتِ | |
|
| مِن عَسَلٍ أَو جُبنَةٍ أَو زَيتِ |
|
فَعَطَفَت عَلى الصَغيرِ أُمُّه | |
|
| وَأَقبَلَت مِن وَجدِها تَضُمُّه |
|
تَقولُ إِنّي يا قَتيلَ القوتِ | |
|
| أَخشى عَلَيكَ ظُلمَةَ البُيوتِ |
|
كانَ أَبوكَ قَد رَأى الفَلاحا | |
|
| في أَن تَكونَ مِثلَهُ فَلّاحا |
|
فَاِعمَل بِما أَوصى تُرِح جَناني | |
|
| أَو لا فَسِر في ذِمَّةِ الرَحمَنِ |
|
فَاِستَضحَكَ الفَأرُ وَهَزَّ الكَتِفا | |
|
| وَقالَ مَن قالَ بِذا قَد خَرِفا |
|
ثُمَّ مَضى لِما عَلَيهِ صَمَّما | |
|
| وَعاهَدَ الأُمَّ عَلى أَن تَكتُما |
|
فَكانَ يَأتي كُلَّ يَومِ جُمعَه | |
|
| وَجُبنَةٌ في فَمِهِ أَو شَمعَه |
|
حَتّى مَضى الشَهرُ وَجاءَ الشَهرُ | |
|
| وَعُرِفَ اللِصُّ وَشاعَ الأَمرُ |
|
فَجاءَ يَوماً أُمَّهُ مُضطَرِباً | |
|
| فَسَأَلتُهُ أَينَ خَلّى الذَنَبا |
|
فَقالَ لَيسَ بِالفَقيدِ مِن عَجَب | |
|
| في الشَهدِ قَد غاصَ وَفي الشَهدِ ذَهَب |
|
وَجاءَها ثانِيَةً في خَجَلِ | |
|
| مِنها يُداري فَقدَ إِحدى الأَرجُلِ |
|
فَقالَ رَفٌّ لَم أصِبهُ عالي | |
|
| صَيَّرَني أَعرج في المَعالي |
|
وَكانَ في الثالِثَةِ اِبنُ الفارَه | |
|
| قَد أَخلَفَ العادَةَ في الزِيارَه |
|
فَاِشتَغَلَ القَلبُ عَلَيهِ وَاِشتَعَل | |
|
| وَسارَتِ الأُمُّ لَهُ عَلى عَجَل |
|
فَصادَفتهُ في الطَريقِ مُلقى | |
|
| قَد سُحِقَت مِنهُ العِظامُ سَحقا |
|
فَناحَتِ الأُمُّ وَصاحَت واها | |
|
| إِنَّ المَعالي قَتَلَت فَتاها |
|