قِف عَلى كِنزٍ بِباريسَ دَفين |
مِن فَريدٍ في المَعاني وَثَمين |
وَاِفتَقِد جَوهَرَةً مِن شَرَفٍ |
صَدَفُ الدَهرِ بِتُربَتِها ضَنين |
قَد تَوارَت في الثَرى حَتّى إِذا |
قَدُمَ العَهدُ تَوارَت في السِنين |
غَرَّبَت حَتّى إِذا ما اِستَيأَسَت |
دَنَتِ الدارُ وَلَكِن لاتَ حين |
لَم تُذِب نارُ الوَغى ياقوتَها |
وَأَذابَتهُ تَباريحُ الحَنين |
لا تَلوموها أَلَيسَت حُرَّةً |
وَهَوى الأَوطانِ لِلأَحرارِ دين |
غَيَّبَت باريسُ ذُخراً وَمَضى |
تُربُها القَيِّمُ بِالحِرزِ الحَصين |
نَزَلَ الأَرضَ وَلَكِن بَعدَ ما |
نَزَلَ التاريخَ قَبرَ النابِغين |
أَعظُمُ اللَيثِ تَلقاها الشَرى |
وَرُفاتُ النَسرِ حازَتهُ الوُكون |
وَحَوى الغِمدُ بَقايا صارِمٍ |
لَم تُقَلِّب مِثلَهُ أَيدي القُيون |
شَيَّدَ الناسُ عَلَيهِ وَبَنوا |
حائِطَ الشَكِّ عَلى أُسِّ اليَقين |
لَستَ تُحصي حَولَهُ أَلوِيَةً |
أُسِرَت أَمسِ وَراياتٍ سُبين |
نامَ عَنها وَهيَ في سُدَّتِهِ |
دَيدَبانٌ ساهِرُ الجَفنِ أَمين |
وَكَأَيٍّ مِن عَدُوٍّ كاشِحٍ |
لَكَ بِالأَمسِ هُوَ اليَومَ خَدين |
وَوَلّى كانَ يَسقيكَ الهَوى |
عَسَلاً قَد باتَ يَسقيكَ الوَزين |
فَإِذا اِستَكرَمتَ وُدّاً فَاِتَّهِم |
جَوهَرُ الوُدِّ وَإِن صَحَّ ظَنين |
مَرمَرٌ أُضجِعَ في مَسنونِهِ |
حَجَرُ الأَرضِ وَضِرغامُ العَرين |
جَلَّلَتهُ هَيبَةُ الثاوي بِهِ |
رَوعَةَ الحِكمَةِ في الشِعرِ الرَصين |
هَل دَرى المَرمَرُ ماذا تَحتَهُ |
مِن قُوى نَفسٍ وَمِن خَلقٍ مَتين |
أَيُّها الغالونَ في أَجداثِهِم |
اِبحَثوا في الأَرضِ هَل عيسى دَفين |
يُمَحّي المَيتُ وَيَبلى رَمسُهُ |
وَيَغولُ الرَبعَ ما غالَ القَطين |
حَصِّنوا ما شِئتُمُ مَوتاكُمُ |
هَل وَراءَ المَوتِ مِن حِصنٍ حَصين |
لَيسَ في قَبرٍ وَإِن نالَ السُها |
ما يَزيدُ المَيتَ وَزناً وَيَزين |
فَاِنزِلِ التاريخَ قَبراً أَو فَنَم |
في الثَرى غُفلاً كَبَعضِ الهامِدين |
وَاِخدَعِ الأَحياءَ ما شِئتَ فَلَن |
تَجِدَ التاريخَ في المُنخَدِعين |
يا عِصامِيّاً حَوى المَجدَ سِوى |
فَضلَةٍ قَد قُسِّمَت في المُعرِقين |
أُمُّكَ النَفسُ قَديماً أَكرَمَت |
وَأَبوكَ الفَضلُ خَيرُ المُنجِبين |
نَسَبُ البَدرِ أَوِ الشَمسِ إِذا |
جيءَ باِلآباءِ مَغمورٌ رَهين |
وَأُصولُ الخَمرِ ما أَزكى عَلى |
خُبثِ ما قَد فَعَلَت بِالشارِبين |
لا يَقولَنَّ اِمرو أَصلي فَما |
أَصلُهُ مِسكٌ وَأَصلُ الناسِ طين |
قَد تَتَوَّجتَ فَقالَت أُمَمٌ |
وَلَدُ الثَورَةِ عَقَّ الثائِرين |
وَتَزَوَّجتَ فَقالوا مالَهُ |
وَلِحورٍ مِن بَناتِ المَلكِ عين |
قَسَماً لَو قَدَروا ما اِحتَشَموا |
لا يَعِفُّ الناسُ إِلّا عاجِزين |
أَرَأَيتَ الخَيرَ وافى أُمَّةً |
لَم يَنالوا حَظَّهُم في النابِغين |
يَصلُحُ المُلكُ عَلى طائِفَةٍ |
هُم جَمالُ الأَرضِ حيناً بَعدَ حين |
مَلَؤوا الدُنيا عَلى قِلَّتِهِم |
وَقَديماً مُلِئَت بِالمُرسَلين |
يَحسُنُ الدَهرُ بِهِم ما طَلَعوا |
وَبِهِم يَزدادُ حُسناً آفِلين |
قَد أَقاموا قُدوَةً صالِحَةً |
وَمَضَوا أَمثِلَةً لِلمُحتَذين |
إِنَّما الأُسوَةُ وَالدُنيا أُسىً |
سَبَبُ العُمرانِ نَظمُ العالَمين |
يا صَريعَ المَوتِ نَدمانَ البِلى |
كُلُّ حَيٍّ بِالَّذي ذُقتَ رَهين |
كِدتَ مِن قَتلِ المَنايا خِبرَةً |
تَعلَمُ الآجالَ أَيّانَ تَحين |
يا مُبيدَ الأَسدِ في آجامِها |
هَل أَبادَت خَيلُكَ الدودَ المَهين |
يا عَزيزَ السِجنِ بِالبابا إِلى |
كَم تَرَدّى في الثَرى ذُلَّ السَجين |
رُبَّ يَومٍ لَكَ جَلّى وَاِنثَنى |
سائِلَ الغُرَّةِ مَمسوحَ الجَبين |
أَحرَزَ الغايَةَ نَصراً غالِياً |
لِفَرَنسا وَحَوى الفَتحَ الثَمين |
قَيصَرا الأَنسابِ فيهِ نازَلا |
قَيصَرَ النَفسِ عِصامَ المالِكين |
مُجلِسَ التاجِ عَلى مَفرِقِهِ |
بِيَدَيهِ لا بِأَيدي المُجلِسين |
حَولَ اِستَرلَتزَ كانَ المُتلَقّى |
وَاِصطِدامُ النَسرِ بِالمُستَنسِرين |
وُضِعَ الشَطرَنجُ فَاِستَقبَلتَهُ |
بِبَنانٍ عابِثٍ بِاللاعِبين |
فَإِذا المَلكانِ هَذا خاضِعٌ |
لَكَ في الجَمعِ وَهَذا مُستَكين |
صِدتَ شاهَ الروسِ وَالنِمسا مَعاً |
مَن رَأى شاهَينِ صَيداً في كَمين |
يا مُلَقّى النَصرِ في أَحلامِهِ |
أَينَ مِن وادي الكَرى سَنتِ هِلين |
يا مُنيلَ التاجِ في المَهدِ اِبنُه |
ما الَّذي غَرَّكَ بِالغَيبِ الجَنين |
اِتَّئِد في أُمَّةٍ أَرهَقتَها |
إِنَّها كَالناسِ مِن ماءٍ وَطين |
أَتعَبَ الريحَ مَدى ما سَلَكَت |
مِن سُهولٍ وَأَجازَت مِن حُزون |
مِن أَديمٍ يَهرَأُ الدُبَّ إِلى |
فَلَواتٍ تُنضِجُ الضَبَّ الكَنين |
لَكَ في كُلِّ مُغارٍ غارَةٌ |
وَعَلَيها الدَمعُ فيهِ وَالأَنين |
وَمِنَ المَكرِ تَغَنّيكَ بِها |
هَل يُزَكّي الذَبحَ غَيرُ الذابِحين |
وُضِعَ الشَطرَنجُ فَاِستَقبَلتَهُ |
بِبَنانٍ عابِثٍ بِاللاعِبين |
فَإِذا المَلكانِ هَذا خاضِعٌ |
لَكَ في الجَمعِ وَهَذا مُستَكين |
صِدتَ شاهَ الروسِ وَالنِمسا مَعاً |
مَن رَأى شاهَينِ صَيداً في كَمين |
يا مُلَقّى النَصرِ في أَحلامِهِ |
أَينَ مِن وادي الكَرى سَنتِ هِلين |
يا مُنيلَ التاجِ في المَهدِ اِبنُه |
ما الَّذي غَرَّكَ بِالغَيبِ الجَنين |
اِتَّئِد في أُمَّةٍ أَرهَقتَها |
إِنَّها كَالناسِ مِن ماءٍ وَطين |
أَتعَبَ الريحَ مَدى ما سَلَكَت |
مِن سُهولٍ وَأَجازَت مِن حُزون |
مِن أَديمٍ يَهرَأُ الدُبَّ إِلى |
فَلَواتٍ تُنضِجُ الضَبَّ الكَنين |
لَكَ في كُلِّ مُغارٍ غارَةٌ |
وَعَلَيها الدَمعُ فيهِ وَالأَنين |
وَمِنَ المَكرِ تَغَنّيكَ بِها |
هَل يُزَكّي الذَبحَ غَيرُ الذابِحين |
سُخِّرَ الناسُ وَإِن لَم يَشعُروا |
لِقَوِيٍّ أَو غَنِيٍّ أَو مُبين |
وَالجَماعاتُ ثَنايا المُرتَقى |
في المَعالي وَجُسورُ العابِرين |
يا خَطيبَ الدَهرِ هَل مالَ البِلى |
بِلِسانٍ كانَ ميزانَ الشُؤون |
تُرجَحُ السِلمُ إِذا حَرَّكتَهُ |
كِفَّةً أَو تُرجَحُ الحَربُ الزَبون |
خُطَبٌ لا صَوتَ إِلّا دونَها |
في صَداها الخَيلُ تَجري وَالسِنين |
مِن قَصيرِ اللَفظِ في مَكرِ النُهى |
وَطَويلِ الرُمحِ في كِبارِ الوَتين |
غَيرَ وَضاعٍ وَلا واشٍ وَلا |
مُنكِرِ القَولِ وَلا لَغوِ اليَمين |
سِرنَ أَمثالاً فَلَو لَم يُحيِهِ |
سَيفُهُ أَحيَينَهُ في الغابِرين |
قُم إِلى الأَهرامِ وَاِخشَع وَاِطَّرِح |
خَيلَةَ الصيدِ وَزَهوَ الفاتِحين |
وَتَمَهَّل إِنَّما تَمشي إِلى |
حَرَمِ الدَهرِ وَمِحرابِ القُرون |
هُوَ كَالصَخرَةِ عِندَ القِبطِ أَو |
كَالحَطيمِ الطُهرِ عِندَ المُسلِمين |
وَتَسَنَّم مِنبَراً مِن حَجَرٍ |
لَم يَكُن قَبلَكَ حَظَّ الخاطِبين |
وَاِدعُ أَجيالاً تَوَلَّت يَسمَعوا |
لَكَ وَاِبعَث في الأُوالي حاشِرين |
وَأَعِدها كَلِماتٍ أَربَعاً |
قَد أَحاطَت بِالقُرونِ الأَربَعين |
أَلهَبَت خَيلاً وَحَضَّت فَيلَقاً |
وَأَحالَت عَسَلاً صابَ المَنون |
قَد عَرَضتَ الدَهرَ وَالجَيشَ مَعاً |
غايَةٌ قَصَّرَ عَنها الفاتِحون |
ما عَلِمنا قائِداً في مَوطِنٍ |
صَفَحَ الدَهرَ وَصَفَّ الدارِعين |
فَتَرى الأَحياءَ في مُعتَرَكٍ |
وَتَرى المَوتى عَلَيهِم مُشرِفين |
عِظَةٌ قومي بِها أَولى وَإِن |
بَعُدَ العَهدُ فَهَل يَعتَبِرون |
هَذِهِ الأَهرامُ تاريخُهُمُ |
كَيفَ مِن تاريخِهِم لا يَستَحون |
يا كَثيرَ الصَيدِ لِلصَيدِ العُلا |
قُم تَأَمَّل كَيفَ صادَتكَ المَنون |
قُم تَرَ الدُنيا كَما غادَرتَها |
مَنزِلَ الغَدرِ وَماءَ الخادِعين |
وَتَرَ الحَقَّ عَزيزاً في القَنا |
هَيِّناً في العُزَّلِ المُستَضعَفين |
وَتَرَ الأَمرَ يَداً فَوقَ يَدٍ |
وَتَرَ الناسَ ذِئاباً وَضيئين |
وَتَرَ العِزَّ لِسَيفٍ نَزِقٍ |
في بِناءِ المُلكِ أَو رَأيٍ رَزين |
سُنَنٌ كانَت وَنَظمٌ لَم يَزَل |
وَفَسادٌ فَوقَ باعِ المُصلِحين |