باكَرتُهُ بِخَفِيِّ اللَّحْظِ فاقْتَرَبا |
كالبَدْرِ غُرٍّ يُضاهي السَّبْعَةَ الشُّهُبا |
بَلَّلتُها بِعَقيقِ الرَّاحِ مُضْطَجِعٍ |
فَوْقَ الشِّفاهِ نَدِيًّا يَعْصِرُ العِنَبا |
إنِّي لآنَسُ مُمْساهُ وجَفْنتَهُ |
كَالثَّغرِ مُصبَحُهُ والرَّمْشُ ما اضْطَرَبا |
ذاكَ الزَّمانُ مَضى يَلْوي عَلى وَجَعٍ |
كَما الثَّواني وَهَتْ عَنْ رَدِّ ما ذَهَبا |
فَحاجِبُ الشَّمْسِ فَوْقَ الجَفْنِ مُسْتَرَقٌ |
والرَّوْعُ في عَطَشٍ ضامٍ وَإنْ شَرِبا |
وَلَسْتُ أدْفَعُ ما يَأْتي بِهِ قَدَري |
قَدْ غابَ عنِّيَ بَدرٌ قَلَّما احْتَجَبا |
يَذْري فُؤادي فَتيتُ المِسْكِ أَعْطَرُهُ |
فَوْقَ الخِدادِ كَشَهْدِ النَّحْلِ ما عَذُبا |
خَضَّبْتُ كَفِّي بِماءِ العَيْنِ صاغِرَةً |
هلْ مِنْ أَصَمٍّ ثَوى، أَنْ يَنْتَشي طَرَبا |
تاقَتْ إلَيْهِ طَواحينُ الضُّلوعِ، أَبَى |
فِيَّ الجَوى زَفَراتًا فاغْتَدَى نُحُبا |
يَسْتَيْقِظُ الجُرْحُ ما هَدْهَدْتُهُ بِيَدي |
فَحُمْرَةُ الخَدِّ يُذْكي خَضْبُها اللَّهَبا |
يا يُتْمَ دَمْعٍ جَرى بِالأَمْسِ مِنْ وَصَبٍ |
مِثْلَ السَّحابِ يَعودُ المُزْنَ مُنْتَحِبا |
قَدْ قالَ أُنْثى، تَخُطُّ الشِّعْرَ مِنْ تَرَفٍ |
وَالحَرْفُ عِنْدي بِدَمْعِ العَيْنِ قَدْ كُتِبا |
ذاكَ القَشيبُ فَمِنْهُ فَرْقَدٌ خَضِرٌ |
وَهْوَ الجَميلُ لُجَيْنًا كانَ أم ذَهَبا |
وَهَبْتُهُ القَلْبَ فاسْتَسْقى الغَمامَ بهِ |
مُسْتَوْقِدًا صَبْوَتي بِالجَمْر مُنْتَقِبا |