حِكايَةُ الصَيّادِ وَالعُصفورَه |
صارَت لِبَعضِ الزاهِدينَ صورَه |
ما هَزَأوا فيها بِمُستَحِقِّ |
وَلا أَرادوا أَولِياءَ الحَقِّ |
ما كُلُّ أَهلِ الزُهدِ أَهلُ اللَهِ |
كَم لاعِبٍ في الزاهِدينَ لاهِ |
جَعَلتُها شِعراً لِتَلفِتَ الفِطَن |
وَالشِعرُ لِلحِكمَةِ مُذ كانَ وَطَن |
وَخَيرُ ما يُنظَمُ لِلأَديبِ |
ما نَطَقَتهُ أَلسُنُ التَجريبِ |
أَلقى غُلامٌ شَرَكاً يَصطادُ |
وَكُلُّ مَن فَوقَ الثَرى صَيّادُ |
فَاِنحَدَرَت عُصفورَةٌ مِنَ الشَجَر |
لَم يَنهَها النَهيُ وَلا الحَزمُ زَجَر |
قالَت سَلامٌ أَيُّها الغُلامُ |
قالَ عَلى العُصفورَةِ السَلامُ |
قالَت صَبِيُّ مُنحَني القَناةِ |
قالَ حَنَتها كَثرَةُ الصَلاةِ |
قالَت أَراكَ بادِيَ العِظامِ |
قالَ بَرَتها كَثرَةُ الصِيامِ |
قالَت فَما يَكونُ هَذا الصوفُ |
قالَ لِباسُ الزاهِدِ المَوصوفُ |
سَلي إِذا جَهِلتِ عارِفيهِ |
فَاِبنُ عُبَيدٍ وَالفُضَيلُ فيهِ |
قالَت فَما هَذي العَصا الطَويلَه |
قالَ لِهاتيكِ العَصا سَليلَه |
أَهُشُّ في المَرعى بِها وَأَتَّكي |
وَلا أَرُدُّ الناسَ عَن تَبَرُّكِ |
قالَت أَرى فَوقَ التُرابِ حَبّا |
مِما اِشتَهى الطَيرُ وَما أَحَبّا |
قالَ تَشَبهتُ بِأَهلِ الخَيرِ |
وَقُلتُ أَقري بائِساتِ الطَيرِ |
فَإِن هَدى اللَهُ إِلَيهِ جائِعاً |
لَم يَكُ قُرباني القَليلُ ضائِعا |
قالَت فَجُد لي يا أَخا التَنَسُّكِ |
قالَ اِلقُطيهِ بارَكَ اللَهُ لَكِ |
فَصَلِيَت في الفَخِّ نارَ القاري |
وَمَصرَعُ العُصفورِ في المِنقارِ |
وَهَتَفَت تَقولُ لِلأَغرارِ |
مَقالَةَ العارِفِ بِالأَسرارِ |
إِيّاكَ أَن تَغتَرَّ بِالزُهّادِ |
كَم تَحتَ ثَوبِ الزُهدِ مِن صَيادِ |