الجُمعَةُ الآنَ بين السَّبتِ والأَحَدِ | |
|
| والمُصحَفُ الآنَ تُلمُودٌ بلا سَنَدِ |
|
والمِلَّةُ الآنَ آبارٌ وأَرصِدةٌ | |
|
| والعَالَمُ الآنَ سُوقٌ دُونَ مُعتَقَدِ |
|
والأُمَّةُ الآنَ مِليَارَانِ.. دُونَ أَبٍ | |
|
| والوَاحِدُ الآنَ آحَادٌ بِلا أَحَدِ |
|
والرِّحلَةُ الآنَ مِن لَامٍ إِلى أَلِفٍ | |
|
| والوِجهَةُ الآنَ: لا تَذهَبْ ولا تَعُدِ |
|
والوَاقِعُ الآنَ حُرٌّ في تَرَدُّدِهِ | |
|
| بَين الوُقُوعِ وبين العَيشِ في نَكَدِ |
|
والمُنقِذُ الآنَ ذِئبٌ رَأسُهُ حَجَرٌ | |
|
| تَبَاعَدِي يا هُمُومِي خَشيَةَ الحَسَدِ |
|
والطَّلقَةُ الآنَ في رَأسِ الفَرَاغِ.. فَمَن | |
|
| مِن الفَرَاغِ سَيَحمِي جُثَّةَ البَلَدِ؟! |
|
والغُربَةُ الآنَ في صَنعاءَ خانِقَةٌ | |
|
| ياااا لَيتَ صَنعاءَ لَم تُولَد ولَم تَلِدِ |
|
وليتَ عِقدَينِ مِن عُمرِي أَضَعتُهُما | |
|
| بِها.. يَعُودَانِ بي طِفلًا إِلى الجَنَدِ |
|
سَيَسألُ اللهُ صَنعَا عِندَ مَحشَرِها | |
|
| عَنِ اغتِرابِي، وعَن شَوقِي، إلى الأَبَدِ |
|
ويَسأَلُ اللهُ صَنعا كَيفَ طابَ لها | |
|
| رُقَادُها في زَمَانِ العُكفَةِ الجُدُدِ |
|
|
ها يا أَحِبَّةَ قَلبي.. ما أَقُولُ لَكُم؟! | |
|
| صَنعاءُ واللَّيلُ مِسمَارَانِ في كَبِدِي |
|
دَخَلتُ صَنعاءَ طِفلًا.. لا حُدُودَ لِمَا | |
|
| يُريدُهُ مِن لَذِيذِ العَيشِ والرَّغَدِ |
|
فَتًى بِعَينَيهِ يَفدِي حُلمَ مَوطِنِهِ | |
|
| وبَين جَنبَيهِ فَجرٌ يَانِعٌ، ونَدِي |
|
أُنَمِّقُ الحُزنَ مَفتُونًا بِهِ وبِها | |
|
| كَمَا تُنَمِّقُ أُمٌّ بَهجَةَ الوَلَدِ |
|
وأَدفَعُ اللَّيلَ عَنها وهي تَدفَعُنِي | |
|
| بِرَأسِها وتُزِيلُ الهَمَّ بِالكَمَدِ |
|
كَم شَوَّطَت في ضُلُوعِي غَيرَ خائفةٍ | |
|
| وكَم تَعَثَّرتُ فيها غَيرَ مُستَنِدِ |
|
وكَم تَمَنَّيتُ صَوتًا أَستَضِيءُ بهِ | |
|
| في لَيلِها السَّرمَدِيِّ الحَالِكِ الزَّبَدِي |
|
كان النَّهارُ رَمَادِي.. ثُمَّ ها أَنَذَا | |
|
| أَمشِي مع الليلِ في صَنعا يَدًا بِيَدِ |
|
يَمُرُّ بي مُستَرِيبًا فِي أَزِقَّتِها | |
|
| مُرُورَ لِصٍّ ضَريرٍ شارِدِ الخَلَدِ |
|
وحَارَةً حارَةً يَجتازُ بِي.. وأَنا | |
|
| أَقُولُ لِلصّبرِ: إِن لَم تَأتِنِي فَعِدِ |
|
عشرونَ عامًا وصَنعا ما تَزَالُ بِلا | |
|
| حُلمٍ تُطِلُّ وتَرمِي كُلَّ مُجتَهِدِ |
|
أَمرِي إِلى اللهِ.. كَم وَاسَيتُ غُربَتَها | |
|
| وكم بَطَشتُ بِنَفسِي بَطشَةَ الأَسَدِ |
|
في بَيتِ بَوْسٍ وفي قاعِ اليَهُودِ وفي | |
|
| بَابِ السَّبَاحِ اغترابي فَتَّ في عَضُدِي |
|
صَنعاءُ واللَّيلُ في رُوحِي إِذا اجتَمَعا | |
|
| تَسَلَّقَ الحُزنُ وَجهِي وهو لَم يَكَدِ! |
|
لَيلٌ.. وصَنعاءُ أَقمارٌ مُعَطَّلَةٌ | |
|
| على الرَّصِيفِ.. وأَمسٌ عالِقٌ بِغَدِ |
|
لَيلٌ.. وصَنعاءُ تَبدُو في الظَّلامِ كما | |
|
| لَو أَنَّها بَيتُ جِنٍّ ضاقَ بِالعَدَدِ |
|
لَيلٌ وصَنعاءُ في صَنعاءَ تَبحَثُ عَن | |
|
| مسافَةِ الصِّفرِ بَين الجَمرِ والبَرَدِ |
|
لَيلٌ وصَنعاءُ تَدعُو بِاسمِ خانِقِها | |
|
| لَيلٌ وصَنعاءُ تَتلُو سُورَةَ المَسَدِ |
|
|
يا بِنتَ سامَ بنِ نُوحٍ إِنني بَشَرٌ | |
|
| مِمَّن سَكَنتِ.. وبَحرٌ مِنكِ لَم يَصِدِ |
|
وأَنتِ ما زِلتِ أُنثَى غَيرَ عاشِقَةٍ | |
|
| عَقِيدةُ الحُبِّ فيها عُقدَةُ العُقَدِ |
|
تَبِيتُ والجُوعُ مِنها فاغِرٌ فَمَهُ | |
|
| تَسِيرُ بالنَّاسِ مِن صَخرٍ إِلى وَتَدِ |
|
ما أَضْيَعَ العُمرَ في هذي البِلادِ.. وما | |
|
| أَمَرَّ ما ذاقَ مِنها كُلُّ مُبتَعِدِ |
|
ما لِاتّجاهاتِ قَلبي دُونَ أَشرِعَةٍ | |
|
| وما لهُ النَّبضُ عَزفٌ غَيرُ مُنفَرِدِ! |
|
في دَاخِلِي مُذ دَخَلتُ البَحرَ مُنتَشِيًا | |
|
| كَأسٌ مِن المِلحِ.. لَم يَنقص ولَم يَزِدِ |
|
صَارَت تُحَدِّثُ نَفسِي نَفسَها.. وأَنا | |
|
| أُحَدِّثُ الصَّمتَ عَن بَدرٍ وعَن أُحُدِ! |
|
صارَت تُكَذِبُ نَفسِي نَفسَها.. وأَنا | |
|
| بِالعَيشِ والمِلحِ أَدعُو نُقطَةَ العَنَدِ |
|
صارَت تُمَزِّقُ نَفسِي نَفسَها.. وأَنا | |
|
| أَقُولُ لِلحُزنِ: فَرِّقْ شَملَها تَسُدِ |
|
والآنَ أُدرِكُ ما مَعنى مُغامَرَتِي | |
|
| وأَن أَكُونَ وَحِيدًا غَيرَ مُتَّحِدِ |
|
يا فَاقِدِ الشَّيءِ كَذِّب مَن أَرَدتَ.. ولا | |
|
| تَسأَل عَن الفَقدِ إِلَّا قَلبَ مُفتَقِدِ |
|
لا بُدَّ مِن قَولِ شَيءٍ لِلفَرَاغِ إِذا | |
|
| وَجَدتُ لِي فِيهِ مَأوًى دائِمَ الأَمَدِ |
|
فَالسَّاعَةُ الآنَ صِفرٌ واحِدٌ.. ولَقَد | |
|
| بَدَأتُ أَشعُرُ أَنِّي لَستُ في جَسَدِي |
|