الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ |
وَالدَمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ |
يَتَنازَعانِ دُموعَ عَينِ مُسَهَّدٍ |
هَذا يَجيءُ بِها وَهَذا يَرجِعُ |
النَومُ بَعدَ أَبي شُجاعٍ نافِرٌ |
وَاللَيلُ مُعْيٍ وَالكَواكِبُ ظُلَّعُ |
إِنّي لَأَجبُنُ مِن فِراقِ أَحِبَّتي |
وَتُحِسُّ نَفسي بِالحِمامِ فَأَشجُعُ |
وَيَزيدُني غَضَبُ الأَعادي قَسوَةً |
وَيُلِمُّ بي عَتبُ الصَديقِ فَأَجزَعُ |
تَصفو الحَياةُ لِجاهِلٍ أَو غافِلٍ |
عَمّا مَضى فيها وَما يُتَوَقَّعُ |
وَلِمَن يُغالِطُ في الحَقائِقِ نَفسَهُ |
وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فَتَطمَعُ |
أَينَ الَّذي الهَرَمانِ مِن بُنيانِهِ |
ما قَومُهُ ما يَومُهُ ما المَصرَعُ |
تَتَخَلَّفُ الآثارُ عَن أَصحابِها |
حينًا وَيُدرِكُها الفَناءُ فَتَتبَعُ |
لَم يُرضِ قَلبَ أَبي شُجاعٍ مَبلَغٌ |
قَبلَ المَماتِ وَلَم يَسَعهُ مَوضِعُ |
كُنّا نَظُنُّ دِيارَهُ مَملوءَةً |
ذَهَبًا فَماتَ وَكُلُّ دارٍ بَلقَعُ |
وَإِذا المَكارِمُ وَالصَوارِمُ وَالقَنا |
وَبَناتُ أَعوَجَ كُلُّ شَيءٍ يَجمَعُ |
المَجدُ أَخسَرُ وَالمَكارِمُ صَفقَةً |
مِن أَن يَعيشَ لَها الكَريمُ الأَروَعُ |
وَالناسُ أَنزَلُ في زَمانِكَ مَنزِلًا |
مِن أَن تُعايِشَهُم وَقَدرُكَ أَرفَعُ |
بَرِّد حَشايَ إِنِ استَطَعتَ بِلَفظَةٍ |
فَلَقَد تَضُرُّ إِذا تَشاءُ وَتَنفَعُ |
ما كانَ مِنكَ إِلى خَليلٍ قَبلَها |
ما يُستَرابُ بِهِ وَلا ما يوجِعُ |
وَلَقَد أَراكَ وَما تُلِمُّ مُلِمَّةٌ |
إِلّا نَفاها عَنكَ قَلبٌ أَصمَعُ |
وَيَدٌ كَأَنَّ قِتالَها وَنَوالَها |
فَرضٌ يَحِقُّ عَلَيكَ وَهوَ تَبَرُّعُ |
يا مَن يُبَدِّلُ كُلَّ يَومٍ حُلَّةً |
أَنّى رَضيتَ بِحُلَّةٍ لا تُنزَعُ |
ما زِلتَ تَخلَعُها عَلى مَن شاءَها |
حَتّى لَبِستَ اليَومَ ما لا تَخلَعُ |
ما زِلتَ تَدفَعُ كُلَّ أَمرٍ فادِحٍ |
حَتّى أَتى الأَمرُ الَّذي لا يُدفَعُ |
فَظَلِلتَ تَنظُرُ لا رِماحُكَ شُرَّعٌ |
فيما عَراكَ وَلا سُيوفُكَ قُطَّعُ |
بِأَبي الوَحيدُ وَجَيشُهُ مُتَكاثِرٌ |
يَبكي وَمِن شَرِّ السِلاحِ الأَدمُعُ |
وَإِذا حَصَلتَ مِنَ السِلاحِ عَلى البُكا |
فَحَشاكَ رُعتَ بِهِ وَخَدَّكَ تَقرَعُ |
وَصَلَت إِلَيكَ يَدٌ سَواءٌ عِندَها |
ألبازُ الاشَهِبُ وَالغُرابُ الأَبقَعُ |
مَن لِلمَحافِلِ وَالجَحافِلِ وَالسُرى |
فَقَدَت بِفَقدِكَ نَيِّرًا لا يَطلَعُ |
وَمَنِ اتَّخَذتَ عَلى الضُيوفِ خَليفَةً |
ضاعوا وَمِثلَكَ لا يَكادُ يُضَيِّعُ |
قُبحًا لِوَجهِكَ يا زَمانُ فَإِنَّهُ |
وَجهٌ لَهُ مِن كُلِّ قُبحٍ بُرقُعُ |
أَيَموتُ مِثلُ أَبي شُجاعٍ فاتِكٌ |
وَيَعيشُ حاسِدُهُ الخَصِيُّ الأَوكَعُ |
أَيدٍ مُقَطَّعَةٌ حَوالَي رَأسِهِ |
وَقَفًا يَصيحُ بِها أَلا مَن يَصفَعُ |
أَبقَيتَ أَكذَبَ كاذِبٍ أَبقَيتَهُ |
وَأَخَذتَ أَصدَقَ مَن يَقولُ وَيَسمَعُ |
وَتَرَكتَ أَنتَنَ ريحَةٍ مَذمومَةٍ |
وَسَلَبتَ أَطيَبَ ريحَةٍ تَتَضَوَّعُ |
فَاليَومَ قَرَّ لِكُلِّ وَحشٍ نافِرٍ |
دَمُهُ وَكانَ كَأَنَّهُ يَتَطَلَّعُ |
وَتَصالَحَت ثَمَرُ السِياطِ وَخَيلُهُ |
وَأَوَت إِلَيها سوقُها وَالأَذرُعُ |
وَعَفا الطِرادُ فَلا سِنانٌ راعِفٌ |
فَوقَ القَناةِ وَلا حُسامٌ يَلمَعُ |
وَلّى وَكُلُّ مُخالِمٍ وَمُنادِمٍ |
بَعدَ اللُزومِ مُشَيِّعٌ وَمُوَدِّعُ |
مَن كانَ فيهِ لِكُلِّ قَومٍ مَلجَأً |
وَلِسَيفِهِ في كُلِّ قَومٍ مَرتَعُ |
إِن حَلَّ في فُرسٍ فَفيها رَبُّها |
كِسرى تَذِلُّ لَهُ الرِقابُ وَتَخضَعُ |
أَو حَلَّ في رومٍ فَفيها قَيصَرٌ |
أَو حَلَّ في عُربٍ فَفيها تُبَّعُ |
قَد كانَ أَسرَعَ فارِسٍ في طَعنَةٍ |
فَرَسًا وَلَكِنَّ المَنِيَّةَ أَسرَعُ |
لا قَلَّبَت أَيدي الفَوارِسِ بَعدَهُ |
رُمحًا وَلا حَمَلَت جَوادًا أَربَعُ |