تَـوَالِي الْبِلَى يَطْوِي مَعَــالِمَ عُمْـرَانِ |
تُقَوَّضُ مَهْمَا شَادَ مِنْ صَرْحِهَا الْبَـانِي |
فَمِنْ حَظِّ أَحْدَاثٍ مَضَتْ سَهْمُ وَقْتِهَا |
وَتَفْنَى كَما يَفْنَى الْكَثِيرُ مِنَ الْفَـانِي |
وَلاَ يَعْتَرِي النِّسْيَا نُ مَا جَلَّ شَأْنُـــهُ |
وَثُبِّتَ فِي سِفْرِ الْخُلُودِ بِأَذْهَــانِ |
أَيَـا وَقْفَةَ الْـمُلْتَاعِ فِي سُدَّةِ الصِّبَـا |
تُرَاوِحُ فِي طَيَّات مَرْجِعِهَا الــدَّانِي |
لِتَعْرِضَ مِنْ مَاضٍ رُؤَى كُلِّ صُـورَةٍ |
وَتَشْهَـدَ مَاضِيهَـا بِشَكْلٍ وَأَلْـوَانِ |
تُعِيدُ لَكَ الذِّكْرَى وَأَيَّـامَ عُرْسِهَا |
وَزُغْرُودَةً تَغْتَـالُ غَطْرَسَةَ الْجَـانِي |
غَدَاةَ أَ بَاحَ الْوَضْعُ رَقْصاً مُبَــرَّراً |
وَمَا كَـانَ يُخْشَى لَمْ يَعُدْ رَهْنَ كِتْمَـانِ |
وَنَحْنُ وَهِسْــتِرْيَا الْجُنُــونِ بِرَقْصِنَـا |
سُكَـارَى تَحَدَّوا كُلَّ كَبْتٍ وَحِـرْمَـانِ |
فَهَذَا صَدَى الْـمَيْدَانِ يُشْبِعُ رَغْبَـةً |
فَقَدْنَـا دَوَا عِيهَـا عَلَى مَـرِّ أَزْمَــانِ |
أَهَازِيــجُ غَنَّتْ كَالْأَسَــاطِيرِ قِصِّـةً |
لِمَنْ عَادَ مِنْ قَاصِي الْحُـدُودِ لِأَوْطَـانِ |
وَأُغْرُودَةٌ " تَحْيَا الْجَزَائِـرُ " رُدِّدَتْ |
بِقَافِلَــةِ الرُّكْبَـانِ شَـدْواً بِأَلْحَــانِ |
أَتَرْسُـمُ يَا طِفْـلَ التَّحَـرُّر ِ مَشْهَـــداً |
تَرَاهُ بَدِيعــاً فِي وُضُـوحٍ بِإِمْعَــانِ |
وَأَنْتَ الذِي هَزَّتْـكَ فَرْحَـة ُ وَالِــــدٍ |
وَوَالِـــدَةٍ فِي قُـرْبِ أَهْـلٍ وَجِيــرَانِ |
فَعِيدُكَ بِاسْتِقْـــلاَلِ شَعْبٍ مُـؤَيَّـدٍ |
بِعَرْضٍ لِإِنْجَـازٍ وَمَطْلَعِ فُـرْسَــانِ |
يُعِيدُ إِلَيْكَ الذِّكْرَيَاتِ وَمَا جــرَى |
مِنَ الْقَهْـرِ يوْمـاً فِي مَكَـائِدِ طُغْيَــانِ |
وَقَـادَةُ وَفْدٍ فِي التَّفَـاوُضِ جَادَلُـــوا |
عَلَى رَغْمِ إِضْــمَارٍ لِسَابِـقِ أَضْغَــــانِ |
إِلَى أَنْ نَفَتْ كُلُّ الْحُلُـــولِ مَطَـامِعـاً |
لَهُمْ فَاسْتَكَانُوا فِي خُضُـوعٍ وَإِذْعَـــانِ |
وَأَمْلَاكُـهُمْ آلَتْ إِلَى حِضْـنِ أُمِّهَـا |
وَصَارُوا رَعَايَا فِي ضَيَــاعٍ وَفُقْــدَانِ |
وَمَا اسْتَـوَتِ الْآرَاءُ فِي رَأْبِ حُلْمِـهُمْ |
لِذَا لَجَـئُــوا سِرّاً إِلَى رَدِّ عِصْيَـــانِ |
وَلَكِنَّ مَا اسْتَعْصَى أُلِيـنَ بِحِكْمَـــةٍ |
وَقَدْ ظَـلَّ أَعْـوَاماً حِـوَاراً لِطُرْشَــانِ |
وَأُعْلِـنُ يَـوْمٌ مَا رَأَيْنَــا نَظِيــرَهُ |
وَأَيٌّ مِنَ الْبُشْــرَى جَدِيـرٌ بِإِعْــلَانِ |
وَهَذَا جَمِيلُ السِّلْمِ عَـمَّ بِلَادَنَــا |
عَلَى لَمِّ شَمْـلٍ فِي وِئَــامٍ وَإِحْسَـانِ |
بِرُجْحَانِ عَقْلٍ سَايَرَ الشَّعْبُ ظَرْفَهُ |
يُعَـزِّزُ مَا يَبْنِى بِعَـــزْمٍ وَإِيمَـــانِ |
فَمَنْ شَهِدُوا الْأَحَـدَاثَ عِنْدَ وُقُـوعِهَا |
هُمُ الثُّلَّـةِ الْأُولَى لِحِـزْبٍ وَأَعْيـَانِ |
أَعَدُّوا رَشَـادَ الـرَّأْيِ فِي ظِلِّ جَيْشِهُـمْ |
لِقَطْعِ خِـلاَفٍ بِاقْتِـدَارٍ وَفُـرْقَــانِ |
فَهَلْ يَعْجِزُ الشَّعْبُ الْعَظِيمُ إِذَا بَدَتْ |
عُـرُوضٌ فَلَا تَسْعَى لِإِخْمَـادِ نِيـرَانِ |
أَمَا عَلِمُوا أَنَّ الْبِــلَادَ عَصِيَّـــةٌ |
وَقَدْ ثُبِّـتَتْ فِيهَـا دَعَائِـمُ أَرْكَــانِ |
فَمَالِي أَرَى الذِّكْرَى تَنَـاسَتْ تَجَـارِباً |
وَحَلَّتْ كَأَنَّــا فِي اغْتِرَابٍ وَهِجْــرَانِ |
وعَـادَتْ وَنَحْنُ الْغَائِبــونَ فَمَا نَعِي |
بِمَقْدَمِهَــا إِلاَّ الْتِفَــاتَـــةَ وَلْهَـــــانِ |
وَهَلْ كَانَ يَوْماً فِي الْمَحَافِــلِ ذِكْـرُهَـا |
يَسُـرُّ عُــدَاةً إِذْ تَوَلَّــوْا بِخِـــذْلَانِ |
أَمَـامَ تَصَــدِّي الثَّـائِرِيـــنَ وَشِعْبِـهُمْ |
وَكُـلِّ أَبِـيٍّ مِنْ جُنُـــودٍ وَأَعْــــوَانِ |
رِجَـالٌ مِنَ الصِّنْـفِ الْعَـزِيـزِ وُجُــودُهُ |
أُعِـدُّوا بِيَـومِ الـرَّوْعِ أَبْطَـالَ مَيْـدَانِ |
هُمُ اسْتَرْخَصُوا الْأَرْوَاحَ فَي مَحْشَرِ الْوَغَى |
وَضَحَّـوْا وَفَـاءً لِلْعُهُـــودِ بِأَبْـــدَانِ |
وَحَـازُوا وِسَـامـــاً لَا يُثَمَّـنُ قَــدْرُهُ |
وَهَـلْ قُـدِّرَتْ أَرْوَاحُ بَــذْلٍ بِأَثْمَــانِ |
فَيَا عَلَمُ التَّحْــرِيرِ رَفْـرفْ بِعِيــدِنَـا |
بِمَـوْقِفِ إِجْـــلاَلٍ وَعِـزَّةِ سُلْطَـــانِ |
وَيَا عِيــدُ مَا نَبْـضُ الْقَـرِيحَةِ يَـافِــعٌ |
رُوَيْـدَكَ قَدْ حَــلَّ الْجَفَــافُ بِأَغْصَــانِي |
فَكُنْ لِقَـرِيضٍ تَـاهَ فِي الْبَحْرِ سَاحِـلاً |
فَيَـرْسُـوَ فِي بَرِّ الأَمــانٍ بِشُطْـآنِ |
وَكُـنْ لِعَصَـى التِّرْحَـالِ حِصْنَ مَحَطَّـةٍ |
وَفَـأْلَ انْعِتَـاقٍ مِنْ قَصِيــدٍ وَأَوْزَانِ |