إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
محمد الثاني يزف إلى سارا |
العرس |
وينفخ في الصور يطلع عشب من البحر .. |
هذا هو الأبيض الساحليّ المدى والكتاب |
هو الآن يأتي ويذهب |
يغفو ويلعب |
والسيّد النبع يلهج باسم الندى والتراب |
ويحلم: |
عرسك مشتعل وجوادك يركض |
إنّ الطفولة تنهض |
فاتحة للسحاب |
وينفخ في الصور كان على شاطىء ينتهي |
أمام ارتعاش الغزالة شمسا وليلا |
هو الآن يصعد تلاّ |
ويأتي إلى المسرح البلديّ من الجوع والرقّ |
يطرح أسئلة ثم يمضي وملء يديه الرياح الجواب |
فتأخذ منه الكهوف المسافات والإنتظار المسائيّ |
وجها وظلاّ |
وماذا عن البصرة اليوم؟ قال محمد |
كان الخريف يجيء |
ووجهك مرتعش لا يضيء |
وما كان يمزح |
في يده النصل والجرح |
كانت سيول من النفط تأتي على عشب البادية |
ويرسم بالأخضر المغربيّ بدايات إفريقية |
وينفخ في الصور لكّنه يسأل الآن عن هذه الموجة الغازية |
عن الأبيض الساحليّ |
عن النبتة الذاوية |
لماذا تبالغ في حبّها |
أيها السيّد المتأجّج فهي بأصفادها لاهية! |
وهم خلفك الآن ضدّ عرار الجزيرة |
ضدّ الرؤى الفاعلة! |
ويا سيّدي تمطر الآن كلّ الجهات |
وتنتحر الأغنيات |
حدادا على نجمة ذابلة |
وأنت تواصل هذا الرحيل وتسأل عبر الليالي الطوال |
عن الحب والشمس والبرتقال |
وتجدل من ساحل الموت باقة ورد |
لأيامك الآتية |
وتمتدّ إفريقية . |
آه آسيا |
هكذا أقطف التفاح |
وأرمّم محتوياتي |
ما من عقار إلا وقابل للبلى |
ما من أحد عرفك إلاّ وأحبك |
ما من رجل أحبك إلا وقال آه |
آه آسيا |
البلاد تطلب أهلها قال الغريب |
وأنا آخذ في العدّ التصاعديّ حتى الطفولة |
بلدا بلدا |
ومدينة مدينة |
من الخليج إلى البحر |
من المشرق إلى المغرب |
ومن مئذنة محدودبة إلى سنة هجرية |
حفلت بأسباب القيامة |
أية رعشة تسكن خاصرة الجبل |
والأرملة بلا ساعد! |
أية رعشة تسكن خاصرة الجبل |
والأرملة بلا حنطة! |
في حين |
تأتي الطائرات السياحية إليها وتذهب |
وأنا آخذ في العدّ التشرديّ |
من اللحد إلى المهد |
أية رعشة تسكن الغريب! |
الغريب أنا |
*** |
وينفخ في الصور لا وجه تلقى |
وتركض ها أنت تشقى |
تشقّ العنان جيادك تدنو بلادك |
هذا هو الأبيض الساحليّ المدى والكتاب |
وما أنت إلا المجلّل بالشوك تمشي إلى الجلجلة |
وبين يديك الحراب |
إلى أين يمضي معلّم قلبي؟ |
* إلى ياسمين الضحى |
وما الياسمين؟ |
* بلاد مهدّدة بالخريف محاصرة بالرغيف |
بلاد تراوح أشجارها في دمي |
وأسمها في فمي |
آه أمّي |
ولا شيء إلا كآبتها والغياب .. |
هي الآن في عرسها الإشتباكي |
تحلم في ثوبها الليلكيّ |
بعمر جديد |
هي الآن في عرسها |
مطر من أمسها |
وأرى غدها مهرجان |
هي الآن في نومها |
حلم من حلمها |
راكض في الزمان |
هي الآن في أسرها |
جارة للنخيل تهزّ فيسّاقط الليل في حجرها |
بلحا ناضحا وأمان |
هي الساح والوثبة المقبلة |
وما قالت الريح للسنبلة |
ولكّنّ إفريقية! |
*** |
وقال الأسير: أسجّل موتي بعيد |
وأحيا انتظاري |
وألقى من الكوّة الواطئة |
وشاح المراثي وتابع: |
ألقاك سيّدتي في مساء جديد |
وأنت مداري |
وغنّى لشمعته المطفأة: |
أغنّيك أنت الطفولة |
أغنّيك أنت السنابل |
أغنّيك أنت النخيل وأنت الهديل وأكتب فوق المداخل |
هنا شارتي وانتظاري |
هنا فرحي وحديقة داري |
وما يفعل الوقت ..؟ |
* يدني خطاي إليها |
وماذا تقول الخطى؟ |
إسألوها .. هي الآن واقفة عند حد المسافة والحلم .. |
واقفة في ارتقاب انفجاري |
وترصد موتي الجميل |
هي الآن مهري وماء السبيل |
أسجّل موتي بعيد |
وهذا طعامي عشب حصى وأريد |
لهذا المساء نبيذا ولوزا |
ليبدأ في ليلها الساحليّ نهاري |
وراح يعانق صفصافة عالية |
على باب إفريقية |
سيّدة الشجى الأصيل والرحيل |
تطلعين من كلّ نأمة إليّ ومن كلّ فاصلة |
حاضرة أنت في الكلمة والدمعة والسيف |
حاضرة في إشعاع الصبح القادم |
في أغاني المساء |
حاضرة في المراعي و حاضرة في البراري الوسيعة |
حاضرة في القلب |
حاضرة في الغياب في التذكّر وفي اتساع الجرح |
حاضرة في غرف الصدر |
وحاضرة في الشجر الأخضر |
حاضرة في الأعشاب والندى والسنابل |
حاضرة في الحقول والفصول |
حاضرة فيّ في اليوم ىلآتي |
في هذا الشفق وهذا الأفق |
وحاضرة في الأشياء |
ليس للفراق سلطان علينا ولا للرحيل |
*** |
ويبدأ في عزّ عافية الموت والاشتعال |
ويبدأ من ساعة الصمت والبرتقال |
ومن ساحة تغلق الآن أبوابها الحجريّة يبدأ من لغة |
لا ترى في الحصار |
سوى أفق لاهب |
إنّه الآن ينشد إغفاءة هادئة |
على صدرها الناحل العود فوق سرير الرمال |
وما كان يمشي وحيدا |
ولكنّ هذا الغفاريّ يجمع أضلاعه من صحارى البلاد |
مراكب جاهزا للرحيل |
حقائب للقادم المستحيل |
ويخرج من زمن الإضطهاد |
ويعرف: صفصافة النهر لا ترتدي خوذة |
والمرابون لا يمهلون فهم واحدا واحدا يكشفون القناع |
البنادق تنفر مزدانة بطلاء السيادة والبصرة الآن |
غافية ليس هذا جلال الشهادة يمشي إليها |
الغفاريّ يمشي يفجّر لغم القفار .. |
ويحلم في مهرجان التجّول والّلون |
يحلم في لمسة دافئة |
فيا ليل إفريقية! |
سلاما على أطفالنا المحاصرين |
سلاما على الحجر والطريق التي مشينا |
سلاما على البحر |
سلاما على الأغاني |
سلاما على اصطفاق الموج في الصدرين |
سلاما على أيامنا التي مضت والتي تجيء |
سلاما على الغابة والصحراء |
سلاما على الحديقة التي زرعنا |
سلاما على الذاكرة التي تحفظ لنا هذا الحب |
سلاما على القلب |
سلاما على الفقراء والناس المنتظرين |
سلاما على تلّ الزعتر |
وسلاما على أشقائه المتناثرين في مدى اللعنة والذبح |
*** |
وكان لنعناعة الدار يمشي ..ويزرع نرجسه فوق خوذته .. |
حين دوّى المخّيم بالدبكة الدموية ..كان يزفّ لسارا |
البعيدة سارا الوحيدة كانت وجوه الصبّيات سارا |
وكان المساء الرماديّ كان المدى الذهبيّ إناء لإزهار سارا |
وكان يجمع أعضاءها من أغاني الطريدات في حلقات |
المخّيم |
كان محمد |
يغّني لنعناعة الدار في يقظة |
تصل النبع بالرمل |
والدم بالفلّ |
كانت جميع البيوت .. |
توّقع تهليلة الجرح |
كانت تشكّل حلما إلى القمح |
يوما إلى الصبح .. |
كانت ..وكأن الغفاريّ يسبح في زرقة لا تموت .. |
التهاليل |
تهاليل جماعيّة: جديرا بهذا الزفاف المسائيّ |
هذا المطاف النهائيّ |
بين اللظى والشرار |
جديرا بأن تبدأ الآن كلّ المنازل والقبّرات |
أناشيدها القانية |
وتخرج سارا من الصدر والقبر تشرب |
دمعته الصافية |
ليشتعل الأفق في عرسه |
إنّه الآن يفرد أضلاعه ويغطّي القفار |
هلا يا هلا مرحبا |
كسا دمه الأرض بالأرجوان |
وأثقل بالعطر ريح الصبا |
هلا يا هلا مرحبا |
الصدى: هلا يا هلا مرحبا |
تهليلة الأم: يتحامل الجسد المعنّى والمقاد إلى جزائر |
لا شواطىء تحتوي أبدا ولا شبّاك دار |
لا أغان ها هي الأقفاص توغل في الحنايا |
والعيون محاطة بالقيد والموت البدائيّ |
المراوح في الدم العربيّ ما آن الذهاب |
ولا البداية تنتهي .. |
قالت له الأشجار شيئا ما فضجّ الأفق |
بالدم والصهيل .. |
كانت يداه تلّوحان وترسمان |
شكلا على باب المدينة تكتبان |
بالأخضر العربيّ شارته وفاتحة الدخول |
هل كان يقرأ يومه الآتي ويعرف ما تقول |
فرس البراري والسهول! |
صمت عربي |
تهليلة سارا: الزينة لحبيبي |
والأقواس المعقودة بالحنّون الأحمر |
والأصفر لاستقبال حبيبي |
والريح تصفّر في قصب الوديان |
تهلّل لقدوم حبيبي |
وحبيبي يأتي من ناحية البحر بمهري |
خمس زنابق في الكّفين |
وست زنابق في الصدر |
في منعطف الشارع كمنوا لحبيبي |
لكنّ حبيبي واصل سيري |
ها هي مركبة حبيبي |
جلّلها الشفق النابع من وجنته المرفوعة |
جملّها الأخضر والأحمر |
جملّها الأبيض والأحمر |
يا أخواتي |
ينحسر البحر عن الوجه فيعرفه كلّ الناس |
ولا يفهمه أحد ويكون حبيبي |
ممهورا بالموّال النازف كان حبيبي |
جاء إلى العرس حزينا وغريبا |
كالموجة والشاطىء |
فلتخرجن إليّ إليّ جميعا يا أخوتي |
وليبتدىء الآن زفافي الهادىء |
تهليلة لنساء تل الزعتر: |
هكذا تخرج من أضلاع سارا |
جوقة القتلى وأزهار الحدائق |
هكذا تخضّر في شبّاك سارا |
مزهريات الحرائق |
هكذا تبدأ في أعراس سارا |
الأناشيد المدمّاة المشانق |
نشيد أول: قال والنار على النار تفيق |
هذه فاتحة الموت وناقوس الحريق |
قال إنّ الصوت من هذا المحيط |
كاذب .. إنّ الخليج |
وطن للنفط منحاز إلى الأعداء |
والأعداء في تفّاحة الأهل يقيمون ولا |
تبدأ أنبوبة الغاز طريق |
نشيد ثان: قال شبّهت الوطن |
بالأمير الشارد النهر النبال |
والخطى تركض والنخل وقال |
من يدي تسّاقط الآن زهور البرتقال |
وأرى سارا إلى يثرب تذهب |
وأرى عشبا على جبهتها ينمو وكوكب |
رقعة في جيب محمد: |
كنت في بادية الشا أهشّ الروم عن صدري |
أنادي الأهل والأفق الترابي الرصاصيّ |
المدى وجهي |
وكانت قبرّات الحزن تستلّ من القلب المداد |
أيهذا الوطن الكابي الرماد |
نقرأ الأشجار في مسودّة الأيام حينا |
نفهم الأشجار نهديها ندى القلب |
فتهدينا مدى أو ياسمينا |
ونرى أنّ السلام |
سفن نائية أنّ الكلام |
طائر فرّ فنمشي للأمام |
للأمام |
للأمام |
للأمام |