إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
شيء ما |
يحدث خلف الباب، |
يد تطرق، أم أنَّ دما يتدفق، |
من صدر ما |
أم أنَّ الريح السريَّة ساقت عبد اللّه إليّ |
دالية أول هذا الليل وساقية، |
تصعد من أنبوب الموت الصحراويّ |
أيُّ ظلال تتبدَّى الآن وراء ستار العتمة، |
عبر شبابيك الحيّ |
أين ترى عبد الله .. |
وكيف يخبىء أو يطفىء مشعله .. |
كيف لهذا المزمار البلديّ |
أن يصمت.. |
أو يدخل في خوذة جنديّ |
شيء ما يحدث.. |
شيء ما . |
عبد اللّه المزمار |
عبد اللّه الفلك الدوَّار |
عبد اللَّه بلا عمل، |
أو جار |
لكنَّ وظيفته أن يقرأ هذا الخطأ المتواصل، |
أن يتكامل، |
في الليل حدودا |
ووجودا |
ويرى ما ليس يرى . عبد اللّه التّذكار |
عبدالله المتوسط، نكهة خبز الأم، |
وشاي المغرب، والدار |
عبد الله السنبلة المغتربة والآسوار |
عبد الله |
الطلقة والآه . |
*** |
شيء ما |
يحدث خلف الباب، |
فمن أين أجيء، ومن أين يجيء إلينا |
من هذا الظلُّ المتمدّد فينا |
والساكن في الليل مآقينا |
الأرض أم الشارة، |
والصدر أم الغارة، |
هذا عبد الله اذن |
من يغمره الرمل العربيُّ ولا يغرق |
شيء ما يحدث .. |
فلعبد الله الأزرق |
تتزيَّن بثياب البحر صبايا القرية، |
يهبطن إلى النهر بأسرار أغانيهنَّ القمريَّة |
يتحدَّثن |
فيشرق فوق أصابعهنَّ، |
بنفسجة سريّة |
ينفضن جدائلهنَّ الرمليَّة |
يرشقن النهر الصامت، |
برماح الأضلاع |
ثم يغادرن |
وعبد الله الملتاع |
ينسلُّ خفيفا من ماء النهر |
ويستل أغنيَّة |
شيء ما يحدث .. |
ها هو ثانية يملأ أفق الوديان، |
ويصرخ في البريًّة |
يدخل فاصلة البدء، يركَّب جملا |
أو يصعد تلاَّ |
ليقول قصيدته الأولى في الطرد، |
فعبد الله بلا ملكوت |
عبد الله حزين كالسَّعف العربيَّ |
حزين كالعرب الرحَّل، |
ووحيد، |
كالنخلة في الأندلس الغارب |
مزمار منفيٌّ، وبيوت |
ذاكرة تتكاثر، لا تتناثر وتموت . |
شيء ما يحدث |
ها هوذا عرس يبدأ، |
فتحطُّ عصافير الوديان، |
يجيء الرعيان بقطعان الماعز .. |
والصبية يأتون، |
الفتيات كنوَّار اللوز يجيئن، |
الأشجار تهلَّل، والأرض تحدّث أو |
تتنفس عن أقراط من برقوق. |
تسطع في ثوب من تفاح، |
التفاح أغان، |
التفاح بروق |
والرجل المستند على حجر بين قطيع الماعز، |
يتكشَّف عبر الشبَّابه |
عن شجر مقصوف ورنين كآبه |
يتكشَّف عن أفق مسكون بهواجس أعشاب ووعول |
وصحارى تتدفَّق وحقول |
*** |
شيء ما يحدث .. |
ها هو ذا عرس |
ها عبد الله يلوح |
في الصف الثاني، في الصف الثالث، في الرابع |
أو في صف ما |
في هذا المقعد أو ذاك |
في هذي القاعة، |
أو خارج هذي القاعه |
ها عبد لاله يلوح، سأصرخ |
شيء ما يحدث |
شيء ما |
من سأنادي، من سأنادي يا عبد الله! |
يا عبد الله |
يا عبد الله تعال نجمَّع هذي الأحزان، |
نعبىء قمصان الوحدة بالنافر والآسر والمتفجَّر، |
وتعال نغني |
يا عبد الله تعال نغنّي |
نمتدُّ إلى شجر لا يذبل، |
نبدع سكنا وكمينا |
عبد الله يحلُّ وحيدا في الأغصان، |
جميلا وحزينا |
ينسلُّ إلى الماء يغني لامرأة يسكنها .. |
تسكنه خنجر |
عبد الله خطى تتواصل، |
لا آنية تتكسَّر . |
*** |
شيء ما يحدث، |
وصدى لغناء يأتي من طرف الليل |
فيرجف عبد الله . |
سارا موّال وغزال |
والقرية أعراس |
فلمن يندلع رنين الأجراس |
ولمن هذا الشال |
يبرق في الخاطر يا سارا |
ولمن هذا الخلخال! |
يطلع عبد الله، ويطلق زفرته الأولى: |
لا يحضر عبر سواد الليل أليَّ سوى سارا |
لا يطرق بابي الموحش في هذي البريّة، |
غير أصابع سارا |
من يملك أن يختصر الساحل، |
والشجر المتطاول، |
في عنق قرنفلة، |
أو نسمة ريح من ناحية البحر |
سوى سارا.. |
آه سارا |
لأكاد الآن أشمُّ حقول الحنطة، |
والتين الجبليَّ، |
وأغمض إذ تتشرَّبني أنفاس الفجر المتسرَّب |
طيَّ جدائلك اليليَّة، |
تتحفَّر كلُّ مساحات الجسد وتصرخ |
سارا سارا |
سارا سارا |
سارا سارا |
سارا سارا |
يا عبد الله وتشتعل الأسئلة مواكب تنثال، مراكب |
تنهال، |
على خاصرة الأرض، وتقرع صدري |
يا عبد الله |
في أيَّ مخيم |
غمضت عيناك ونمت! |
يا عبد الله |
أو ما مت |
هل غطَّتك الأوراق طويلا |
وتسرَّبت إلى الثمر النائم |
كيف نسجت ظلالا وتستَّرت بها زمنا، |
ثم حلمت |
أن تأتي وتقاوم |
في هذا الغسق الدمويَّ من السَّلم، |
أم أنك شاهدة نزعت من قبر غائم! |
أو نصب ما |
يتجوَّل بين العاصمة وبين النهر |
كيف اقترفت قدماك خطيئة هذا السير! |
*** |
شيء ما يحدث .. |
شيء ما |
هل مرَّ هنا عبد الله |
هل مرَّ هنا عبد الله فأحدث هذي النكهة وأثار الأشياء |
أم أنَّا نتوَّهم صورته في الماء |
فنعدُّ له شكلا |
وقواما ورداء |
أو أنّا نحلم ونطوَّف في الصحراء وحيدين، |
يجلَّلنا الهم!! |
يا عبد الله |
ها إنَّك توقظ أحزان العامَّة، |
وتثير حفيظة أبناء العم |
فلماذا لا تبحث عن زاوية في أيَّ فراغ كونيّ |
تسكنها .. |
حتى ينفذ نسلك من آخر حيّ |
كي ترتاح الأرض، وترتاح العرب البائدة .. |
فقد أثقلت عليهم قيلولتهم في دوحة هذا السلم |
يا عبد الله ونفَّرت مواشيهم في هذي البيد، |
فماذا تطلب، ماذا تطلب،ماذا تطلب.. |
قطعة أرض تنصب خيمتك عليها، |
دعك أذن، دعك اذن .. |
فهنا وهناك |
كلأ يا عبد الله لزغب قطاك |
فأرح قطعانك في هذا الشعب ونم |
يا عبد الله ولكنَّك تطلقها داوية |
في هذا الصمت فلسطينيّ |
*** |
شيء ما يحدث، يحدث |
آخ يا عبد الله . |
أين تقود خطاك رياح النّفيّ؟ |
أين تقود خطاي رياح النفيّ؟ |
تنثرني حتى أتجمَّع |
تكسرني حتى أتوجَّع |
فألمُّ عظامي من أطراف الأرض وأنفخ فيها، |
سبحان الحيّ |
سبحانك يا شعبي الحيّ |
يا سادة من تجتمعون الآن حواليّ |
أنت من يخرج في هدأة هذا الوقت إليَّ عليّ |
أنت من يخرج في ذلَّ الصمت إليَّ عليّ |
وأنا عبد الله العربيُّ، أنا عبد الله العربيّ |
هذا ما أنبأني الأمس به واليوم |
أنبأني من رحلوا |
أنبأني من لم يصلوا |
أنبأني من سيجيئون من الجرح العربيَّ، غدا ... |
أنبأني الأمل . |