آنَسْتُ نُورَكِ مُذْ أَغرَى لَيَالِينَا | |
|
| بِالشَّهدِ والوَردِ يَا أَغلَى أَمَانِينَا |
|
لُمتُ الظَّلامَ الَّذِي مَا كُنتُ أَعرِفُهُ | |
|
| إِلَّا دُمُوعاً أُرِيقَتْ مِنْ مَآقِينَا |
|
دَربٌ مِنَ الشَّوقِ نَحوَ الصُّبحِ يَأْخُذُنِي | |
|
| مِنِّي إِلَيْكِ إِلى أنْ تُشرِقِي فِينَا |
|
كَتَمتُ تَحتَ ضُلُوعِي كِلْمَةً، عَجَزَتْ | |
|
| عَن وَصفِهَا لُغَتِي، فِيهَا تَأَسِّينَا |
|
تَاجٌ عَلَى رَأسِ أَشعَارِي يُزَيِّنُهُ | |
|
| حَرفَانِ مِن رَوْضَةِ النِّسْرِينِ تَزيِيِنَا |
|
وهَلْ سَتَنعَمُ أَشعَارِي بِحَاضِرِنَا | |
|
| إِلاَّ إِذَا نَهَلَتْ مِنْ فَيضِ مَاضِينَا؟! |
|
رُوحِي فِدَاؤُكِ يَا مَن بِتُّ أَعشَقُهَا | |
|
| و لَم يَجُلْ فِي خَيَالِي أَنْ تُجَافِينَا |
|
هِيَ المَحَبَّةُ جَلَّ اللهً خَالِقُهَا | |
|
| قَد أَنبَتَتْ فِي قُلُوبِ الخَلقِ نِسرِينَا |
|
شَمسٌ بِأُفْقِيَ قَد أَرخَتْ جَدَائِلَهَا | |
|
| عَلَى الظَّلامِ، وجَاءَتْ كَي تُدَاوِينَا |
|
مَدَّتْ إِلَيَّ يَداً، مِن طِيبِ مَلْمَسِهَا | |
|
| نَسِيتُ أّيَّ جَفَاءٍ كَادَ يُفنِينَا |
|
سَلَّمتُ بِالعَينِ قَبلَ الكَفِّ فَاْنصَهَرَتْ | |
|
| عُيُونُنَا فِي عِنَاقٍ غَاظَ وَاشِينَا |
|
الدِّفءُ فِي يَدِهَا، والطُّهرُ فِي دَمِهَا | |
|
| و العِطرُ فِي فَمِهَا يُهدِي الرَّيَاحِينَا |
|
لا زِلْتُ أَذكُرُ إِذ جَادَتْ بِضِحكَتِهَا | |
|
| و الَّليْلُ سَاجٍ وصَمتُ اللَّيلِ يُغرِينَا |
|
دَاوَتْ بِقَلْبِيَ هَمّاً قَد شَقِيتُ بِهِ | |
|
| مُذْ كَشَّفَتْ دُرَراً فِي الثَّغرِ تَسبِينَا |
|
يَا لَلجَمَالِ الَّذِي أَبصَرتُ طَلْعَتَهُ | |
|
| فِي وَجهِ مِن سَبَحَتْ فِيهَا مَعَانِينَا |
|
نِيلٌ إِذَا مَنَحَتْ، نُورٌ إِذَا ضَحِكَتْ | |
|
| شَهدٌ إذَا نَطَقَتْ، تَسمُو قَوَافِينَا |
|
رَأَيْتُ نَفسِيَ فِي لَيلٍ يَطُولُ بِنَا | |
|
| كَمَا يُرَى البَدرُ فَرداً فِي دَيَاجِينَا |
|
الشَّمسُ تَمنَحُهُ نُوراً يُشِعُّ بِهِ | |
|
| كَي مَا يُسَامِرُ فَي الَّليلِ المُحِبِّينَا |
|
غَرِيبَة هَذِهِ الأَيَّامُ تَحرِمُنَا | |
|
| مِمَّنْ نُحِبُّ ومِمَّنْ أَثَّروا فِينَا |
|
بَحرٌ يُقَرِّبُنَا مِنهُم، ويُبعِدُنَا | |
|
| مِنْ دُونِ أَشرِعَةٍ عَنهُمْ ولاَ مِينَا |
|
شَتَّانَ مَا بَينَ مَن مُتْنَا بِهِم عَطَشاً | |
|
| و بَينَ مَن غَمَرُوا بِالحُبِّ وَادِينَا |
|
مَاذَا سَتَكتُبُ أَشعَارِي إِذَا وَصَفَتْ | |
|
| مَن أَسعَدُوا الكَونَ أَقوَالاً وتَبْيِيِنَا |
|
سَأَلْتُهَا، قَالَت الأَشعَارُ عَاجِزَةً: | |
|
| لَنْ نَستَطِيعَ لَهُمْ وَصفاً يُوَافِينَا |
|
النُّورُ يَنبُعُ مِن عَيْنَيْكِ مُلهِمَتِي | |
|
| فَكَيفَ أَمنَحُ لِلأَنوَارِ تَزْيِيِنَا؟! |
|
لا تَعجَبِي، فَالهَوَى لَوْ زَارَ صَاحِبَهُ | |
|
| يَهِيمُ حِيناً وقَد يَهذِي أَحَايِيِنَا |
|
قَلبٌ كَقَلبِكِ أَهوَى أَن أَعِيشَ بِهِ | |
|
| فَمِثلُ قَلبِكِ بَعدَ المَوتِ يُحيِيِنَا |
|
صَوتُ كَصَوْتِكِ تَهوَى الأُذْنُ نَغْمَتَهُ | |
|
| مَاذَا سَيُنشِدُ بَعدَ السِّحرِ شَادِينَا؟! |
|
يَمَّمتُ وَجهِيَ نَحوَ البَيتِ خَاشِعَةً | |
|
| جَوَارِحِي، وجَلالُ البَيتِ يُغشِينَا |
|
دَعَوْتُ رَبِّيَ أَنْ يُبقِيكِ لِيْ سَنَداً | |
|
| فَرَدَّدَ النَّبضُ فِي الخَفَّاقِ: آمِينَا |
|
هِيَ الحَيَاةُ أَذَاقَتْنَا حَلَاوَتَها | |
|
| حَتَّى دَعَا لَكِ قَاصِينَا ودَانَيِنَا |
|
أَيقَنْتُ أَنِّيَ مَهمَا طُوِّعَتْ لُغَتِي | |
|
| يَظَلَّ شِعرِيَ فِي عَيْنَيْكِ مِسكِينَا |
|
يَا لَيْتَهُ كَانَ يَسْطِيعُ القِرَاءَةَ فِي | |
|
| سِفرِ العُيُونِ، ومَا فِي القَلبِ تُخفِينَا |
|
قُرآنُ رَبِّيَ يَحكِي عَن مَلَائِكَةٍ | |
|
| للهِ لَوْ أُمِرُوا، جَاؤُوا مُلَبِّينَا |
|
وقَد رَأَيْتُكِ فِي الأَحلامِ فَاتِنَتِي | |
|
| مَلْكاً عَلَى الأَرضِ فِي الأَنوَارِ تَمشِينَا |
|
نُبِّئتُ أنَّك جئتِ الأَرضَ مُرسَلَةً | |
|
| مِنَ السَّمَاءِ بِأَخلاقِ النَّبِيِينَا |
|
تُوحِينَ لِلنَّاسِ أَن ثُوبُوا لِرُشدِكُمُو | |
|
| و سُقتِ فِي نُصحِكِ الغَالِي بَرَاهِينَا |
|
أَستَغفِرُ اللهَ مِن قَولٍ بِهِ شَطَطٌ | |
|
| فَإِنَّ لِلشِّعرِ شَطْحَاتٍ تُوَاتِينَا |
|
لا تَعتِبِي إِنْ رَأَيْتِ الشِّعرَ يَأْخُذُنِي | |
|
| لِمَنْ تَخِذْتُ هَوَاهَا فِي الوَرَى دِينَا |
|
نَقَشْتُهَا فَوقَ صَدرِي قِصَّةً بَقِيَتْ | |
|
| وَضِيئَةً فِي المَدَى تَمحُو مَآسِينَا |
|
وَهَبتُها الرُّوحَ، إنَّ الرُّوحَ أُمهِرُهَا | |
|
| لِمَن إِذَا جُرِحَتْ فَالجُرحُ يُدْمِينَا؟ |
|
رَضَعْتُ فِي المَهدِ نِيلَ الطُّهرِ مِن يَدِهَا | |
|
| و هَل كَمَا النِّيلُ مِن نَهرٍ يُرَوِّينَا |
|
وطُفتُ مِن شَرقِهَا لِلغَربِ مُنْتَشِيَاً | |
|
| رَأَيْتُ أَزهَارَهَا تَكسُو رَوَابِينَا |
|
مَا زِلتُ أَذكُرُ لَهوِي فِي مَرَابِعِنَا | |
|
| و ذِكرَيَاتِ شَبَابِي فِي ضَوَاحِينَا |
|
لَيتَ الَّذِي مَرَّ مِن عُمرٍ يَعُودُ لَنَا | |
|
| لَكِنَّهُ الشَّيبُ يُنْسِينَا أَمَانِينَا |
|
يَجِيءُ غَصبَاً فَلَم نَمنَعْ زِيَارَتَهُ | |
|
| و يَنثُرُ الفُلَّ فِي الفَوْدَينِ، يُغرِينَا |
|
كَأَنَّنَا بَعدَمَا أَضحَتْ كُهُولَتُنَا | |
|
| نَقشاً بِحَاضِرِنَا، نَشتَاقُ مَاضِينَا |
|
تَاللهِ لَم أنسَ مَا قَد كَانَ يُضحِكُنَا | |
|
| كَلَّا، ولَم أَنْسَ مَا قَد كَانَ يُبكِينَا |
|
قُولِي أُحِبُّكَ كَي مَا أَستَظِلُّ بِهَا | |
|
| عَسَى تُهدِّئُ فِي القَلبِ البَرَاكِينَا |
|
لَستِ البَخِيلَةَ حَتَّى تَحرِمِي وَلِهَاً | |
|
| يَحيَا بِهَا عُمُراً لَوْ كُنتِ تَدرِينَا |
|
بَيْنِي وبَينَكِ بَوْنٌ شَاسِعٌ ومَدَىً | |
|
| و كُلُّ أَشرِعَتِي أَضحَتْ بِلا مِينَا |
|
جَمِيلَةٌ بَعضُ أَحلَامِي فَقَد زَرَعَتْ | |
|
| فِي أُفْقِ أَخيِلَتِي الأَعنَابَ والتِّيِنَا |
|
مَنَحتُهَا مَن بِهَذِي الأَرضِ قَد حُرِمُوا | |
|
| حَقَّ الحَيَاةِ مَلايِيِناً مَلاَيِيِنَا |
|
الحُلْمُ يَا رَبَّةَ الأَحلامِ يَحمِلُنَا | |
|
| عَلَى جَنَاحِ أَمَانِينَا فَيُحيِينَا |
|
لَيتَ الحَيَاةَ كَمَا الأَحلامُ نُبصِرُهَا | |
|
| وَردِيَّةَ الرَّوضِ، تَرعَاهَا أَيَادِينَا |
|
لاَ خَوْفَ، لا فَقرَ، لا أَوجَاعَ تَسكُنُهَا | |
|
| لا حَربَ، لا مَوتَ تَرعَى خَيْلُهُ فِينَا |
|
مَا عَادَ يَشغَلُنِي مَا قِيلَ مِن زَمَنٍ | |
|
| أَضحَى التَّنَائِي بَدِيلاً مِنْ تَدَانِينَا |
|
رَسَمتُ يِا أَنتِ مَا قَد فَاقَهُ لُغَةً | |
|
| بِلا غُرُورٍ، ولَم تَعجَزْ قَوَافِينَا |
|
سَكَبْتُ كُلَّ أَحَاسِيسِي عَلَى وَرَقِي | |
|
| فأَوْرَقَتْ فِي فَضَاءَاتِي أَفَانِينَا |
|
يَوماً وَعَدْتُ إِذَا وَلَّادَةٌ رَجَعَتْ | |
|
| إِلَى الحَيَاةِ لَجَاءَتْ كَي تُحَيِّيِنَا |
|
واليَومَ وَفَّيتٌ وعداً قَد قَطَعتُ عَلَى | |
|
| نَفسِي، وعَارَضْتُ مَا قَد كَانَ يُشجِينَا |
|