إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
ها هي الروضة قد عاثت بها أيدي الخريف |
عصفت بالسَجف الخضر وألوت بالرفيف |
تعس الإعصار، كم جار على اشراقها |
جرَدتها كفَه الرعناء من أوراقها |
عريت، لا زهر، لا أفياء، لا همس حفيف |
ها هي الريح مضت تحسر عن وجه الشتاءِ |
وعروق النور آلت لضمورٍ وانطفاء! |
الفضاء الخالد اربدَ وغشَاه السحابُ |
وبنفسي، مثله، يجثم غيم وضباب |
وظلالٌ عكستها فيَ أشباح المساء! |
وأنا في شرفتي، أصغي الى اللحن الأخير |
وقَعته في وداع النور أجواق الطيور |
فيثير اللحن في نفسي غمَا واكتئابا |
ويشيع اللحن في روحي ارتباكا واضطرابا |
أي أصداء له تصدم أغوار شعوري! |
الخريف الجهم، والريح، وأشجان الغروب |
ووداع الطير للنور وللروض الكئيب |
كلها تمثل في نفسي رمزاً لانتهائي! |
رمز عمرٍ يتهاوى غاربا نحو الفناء |
فترةً، ثم تلفّ العمر، أستار المغيب |
سيعود الروض للنضرة والخصب السّريّ |
سيعود النور رفّافاً مع الفجر الطّريّ |
غير أني حينما أذوي وتذوي زهراتي |
غير أني حينما يخبو غداً نور حياتي |
كيف بعثي من ذبولي وانطفائي الأبديّ؟! |
آه يا موت! ترى ما أنت؟ قاس أم حنون |
أبشوش أنت أم جهمٌ؟ وفيٌّ أم خؤون؟! |
يا ترى من أي آفاق ستنقضّ عليّه؟ |
يا ترى ما كنه كأسٍ سوف تزجيها!! |
قل، أبن، ما لونها؟ ما طعمها؟ كيف تكون؟ |
ذاك جسمي تأكل الأيم منه والليّالي |
وغداً تلقى الى القبر بقاياه الغوالي |
وي! كأني ألمح الدود وقد غشّى رفاتي |
ساعياً فوق حطام كان يوما بعض ذاتي |
عائثاً في الهيكل الناخر، يا تعس مآلي! |
كلّه يأكل، لا يشبع، من جسمي المذاب |
من جفوني، من شغافي، من عروقي، من غهابي |
وأنا في ضجعتي الكبرى، وحضن الارض مهدي |
لا شعورٌ، لا انفعالات، ولا نبضات وجد |
جثّة تنحل في صمتٍ، لتنفى في التراب |
ليت شعري، ما مصير الروح، والجسم هباء؟! |
أتراها سوف تبلى ويلاشيها الفناء؟ |
أم تراها سوف تنجو من دياجير العدم . . |
حيث تمضي حرّةً خالدةً عبر السُدم . . |
ساط النور مرغاها، ومأواها السماء؟! |
عجباً، ما قصة البعث وما لغز الخلود؟ |
هل تعود الروح للجسم الملقّى في اللحود؟ |
ذلك الجسم الذي كان لها يوما حجابا! |
ذلك الجسم الذي في الأرض قد حال ترابا! |
أو تهوى الروح بعد العتق عودا للقيود؟! |
حيرةٌ حائرةٌ كم خالطت ظنّي وهجسي |
عكست ألوانها السود على فكري وحسّي |
كم تطلعت º وكم ساءلت: من أين ابتدائي؟ |
ولكم ناديت بالغيب: الى أين انتهائي؟ |
قلقٌ شوَش في نفسي طمأنينة نفسي! |