أتاني عنك يا مسكينُ قول |
بذلتُ النِّصف فيه غيرَ آل |
دعوتَ إلى التفاخر غيرُ قحمٍ |
ولا غمر يطيشُ لدى النِّضال |
أخا ثِقةٍ بفرصته بصير |
شديدَ البَزم معتدلَ الشمال |
فدونك فالتمس تلخيصَ فخرٍ |
يقصر دونه أهلُ الكمال |
وقد ناضلتُ قبلكَ كلَّ عَضّ |
على الرسلات مرزوق الخِصال |
فما يلقى كسردي سروداً |
وما يغلو كغلوي من أغال |
فأورثني الصِّدقَ حدودُ صدقٍ |
مضوا متتابعين ذوو فِعال |
بآيد منكبٍ وأشدِّ ركنٍ |
وأنزه طعمة وأعفِّ بال |
وإني في الحداثة رِستُ عَمرَاً |
وأحكمت الرياسةَ في اكتهال |
فأيّة خصلةٍ ترجو نكولي |
بها مسكينُ ويحكَ في الكَلال |
أخذن السبقَ قد علِمت مَعدّ |
على الأكفاء في الركض السلال |
وأمكنني الفعالَ بفعل قومي |
وأيامٍ تجلُ عن المقال |
وقد حادت كلابُ الحيّ مني |
وخافت بعد جدٍ واشتبال |
وقد لاقى بنو الزرقاء مني |
لساناً صارماً طلقَ العِقال |
فما انتضفوا ومزلهم أمير |
يرهب بالوعيدِ والإحتيال |
فلم يفلل توعدٌّه لساني |
ولم يوهن ولم يقطع قبال |
وفي خِيف المحصَّب قد علمتم |
بهرب الحارثيّ بلا اختيال |
نجاشيّ الحماس وذلَلته |
قصائد من طرازي وانتحالي |
ولي عن شبِّ قومِك ما كفاني |
بقولٍ صادقٍ غير المحال |
فإن تكُ شاعراً من حيّ صدقٍ |
فما تهدِّ كجريّ ذي احتفال |
فأمّا ما تقول فغيرُ شكِّ |
لفضلٍ بيّنٍ غير انتحال |
ببذلِ المال في عُسرٍ ويُسرٍ |
لأضياف الحداة على الحلال |
وضربِ الناس عن عرضٍ جهاراً |
على الإسلام ليس بذي اعتقال |
على رغم الأباعد والأداني |
من الأقصَين والشُّنف الموال |
فإن تفخر بقومِك من تميمٍ |
فإنّ الأكمَ من صُمِّ الجبال |
أنا ابن مزيقيا عمرو نماني |
على أشراف أطوادٍ الجبال |
ومن ماءِ السماء ورثتُ جدّاً |
فدوني كلٌّ فخرٍ واختيال |
ففخري قاهر للناس بادٍ |
قهور الشمسِ توماض الذُبال |
فإن تفضض بها من بحر نجدٍ |
فكم عضَبا وسارا بالرجال |
فما وسعاهما ضرباً وطعناً |
يمجُّ كمجِّ أفواه العزالي |
فما صبروا لوقعِ سيوفِ قومٍ |
كفَوها بالكفاح من الصِّقال |
إذا لبِسوا سوابغَهم ليومٍ |
كريه النجم معتكِر الضلال |
وبارز بعضُهم للموت بعضاً |
كظمِّ الخمس بادرن السحال |
تيقن من ذا أنه رحاهم |
بصرف الموت إذ دعيت نزال |
وجاشت قدرُهم فرأيتُ فيها |
جُناةَ الحرب عادية المجال |
تفوزُ قدورهم ولها نفيِّ |
تكبُّ المترفين على السِبال |
وخلقُ الله كلُّهم علينا |
بكلِّ عناد أمرٍ واحتيال |
فقلنا أسلموا أو قد طعنا |
إليكم فاجهدوا عقد الحبال |
نصبّحُ أو نمسي كلَّ يوم |
نُهزهزُ عن يمينٍ أو شِمال |
وننغزوهم فنقتلُ كلَّ خرقٍ |
ونسبي كل آنسةِ الدلال |
فلا فرَح إذا نِلنا مَنالاً |
ولا جَزَع لأيامِ المثال |
لأنّ محمداً فينا فلسنا |
وإن جلّت مصيبتنا نُبالي |
فسائل عن بلائهمُ ببدرٍ |
وقد يشفى العمى عند السؤال |
غداةَ رمَوا بجمعهمُ لؤيّاً |
وكبشُهم يزيف إلى الصِيال |
فكانوا كالهشيم يشبُّ فيه |
حريق شِبه لَفحٍ في الشمال |
وسائل عنهمُ الأحزابَ لمّا |
هجمناهم فخرّت كالثِلال |
ونضربُهم على ألمٍ وقَرحٍ |
كضربِ فلاةٍ ولدان ثِقال |
وقد حشدت لنا الأحزابُ لمّا |
رأوا ناراً تشبُّ لكلِّ صال |
ولفّوا لفّهم لتنالَ نيلاً |
لدينا منهمُ عسر المنال |
فجدّدنا لهم نيلاً وآبوا |
كباغي الغي رُدّ بلا بِلال |
ويومَ الفتح قد علموا بأنّا |
وطئناهم بواهضةٍ ثقال |
فما برحت جيادُ الخيل تهوي |
خلالَ بيوتِ مكةَ كالسعالى |
نكفُ أعنّةً منها مراراً |
ونُثنيها فنعطفُ كلَّ حال |
فسائل عن حُنينٍ حين ولّت |
جموعُ المسلمين على توال |
ونادانا بنصرتنا منادٍ |
فنبنا نوبَ آلفةِ الفِحال |
وما فينا غريب من سوانا |
نؤمّ إلى النبوّة كالجمال |
فوافينا الرسول فقال شدّوا |
بعونِ الله واسمه ذي الجلال |
فما صبروا لشدتنا ولكن |
تولوا مجهضين عن القتال |
وأبنا بالنِّهاب وبالأسارى |
وبالبيض المهفهفة الحفال |
وأيامٍ سواها قد ذهبنا |
بسبقةِ مجدِها أخرى الليالي |
وآسينا الرسولَ ومَن أتانا |
بصدقِ ما يقول بكل حال |
فنحن أولو مؤازرة ونصرٍ |
نكانفه ونمنع مَن يوالي |
فسل عنا القبائل حين رُدّت |
عن الإسلام كالبقر اليمال |
فوافينا بُزاخة غير ميلٍ |
ولا خرَق بمعتزل النِّزال |
وأنزعَ بيننا حوضُ المنايا |
بانهال السقاة وبالعِلال |
فأفلتهم طُليحتُهم جريضاً |
واتكلّ من نغر أبو حبال |
وزُرنا بالبطاح بني تميمٍ |
على جُردٍ كالنصال |
فما تابوا ولا امتنعوا ولكن |
وجدناهم كسائمة المئال |
تحارُ جيادنا ونردُّ منها |
خشائشها وتصرف كل حالي |
تركنا مالكاً ومسوّديهم |
بمنخرقٍ لسافيّةِ الشمال |
وحُزنا عُرسّه من بعدِ بيض |
صفايا مصطفين من الجِمال |
بِلا مهرٍ أصبن سوى حدادٍ |
وسُمرٍ من مثقّفة نِهال |
وقُدنا لليمامة كلَّ طرفٍ |
أقبَّ مقلّصٍ نهدٍ طوال |
يريد لقاء كذّابٍ لئيمٍ |
مسيلمةَ المصرِّ على الضَلال |
ففاجأناهُ تحتَ النقع شُعثاً |
كأُسدٍ غامرت تحت الضِلال |
وحاسيناهُم جُرَعاً تؤدي |
على كره الحياة إلى الزوال |
وأوردنا الحديقة مترفيهم |
نسوقُهم بهنديِّ النّصال |
وأقحمنا عليهم كلَّ خَرقٍ |
رَكوبِ الخيل مضطلع النِضال |
فكانوا كالحصيد غدت عليهم |
طماطم ليس توصَف بالنكال |
وغودر فيهمُ الكذّاب رَهنَاً |
لدائرة العواقب بالتوالي |
ورُحنا بالسبايا لم تناظر |
مراضعُها متى أمَدُ الفِصال |
فهاتِ كما أعدوا هات قوماً |
كقومي عند مختلف العوالي |
ورُم مسكينُ حين تريح رأياً |
سوى الرأي المضلَّل والمقال |
ولو جاريت قومك من معدٍّ |
كفوت الطرف عيراً في النكال |
سوى رهطِ النبي فثمَّ مجد |
وفعلُ قاهرٍ للناس عال |
وقبلك رامَ يجري ذو فَخارٍ |
غزيرُ الشِّعر مشتهر الرجال |
أتانا شامخاً يُبدي سروراً |
بشأوٍ كان منه وهو خال |
جعلنا بالقصيد له خِشاشاً |
فواتاً في العقيق والإرتجال |
ولولا أن تحيدَ اليوم عني |
تركتُك ترك حرٍّ ذي اشتعال |
يقول إذا هجاه غير كفؤ |
ذروه ليس نبلُك بالنبال |
قعيدَك قد أجبتك لا بفحشٍ |
ولم يكُ غير حقٍ واستطال |
فإن تنزع فحظُك نلتَ منه |
وإن تلجُج فجدُّك للسَفَال |
ستبعث للجواب أخا حفاظٍ |
على الأقران يُعنف في السؤال |
رحيب الباعِ لا قصفاً هدوراً |
شديد الشَغب يوصف بالبَسال |
أديب زانه حِلم وعِلم |
ومجد كان في الحُقَب الخوالي |
فإن تحلم فذو حلمٍ جسيمٍ |
وإن تجهل فجهل ذو اغتيال |