أَقْفَرَ الْحَقْلُ فاهْدَئي يا رياحُ | |
|
| قَتَلَ النَّاسُ ناسَهُ، واسْتَراحوا |
|
قَتَلَ الناسُ ناسَنا، وَتَناخَتْ | |
|
| مِلَّةُ القَصْرِ والجُيوشُ الرَّداحُ |
|
كمْ تَنادَوْا إلى لِقاءٍ وَحَشْدٍ | |
|
| وَتَباكَوْا، وَدَمْعُنا الْمُسْتَباحُ |
|
خَيَّمَ الصَّمْتُ غَيْرَ أنَّ المنايا | |
|
| ناطِقاتٌ بما رَوَتْهُ الْجِراحُ |
|
والْعُروقُ التي تَمادَتْ مُداها | |
|
| شَرِقَتْ مِنْ نَزيفِهِنَّ الْبِطاحُ |
|
لا تَئِنِّي، ولا تَروحي وَتَغْدي | |
|
| ليسَ في الحَقْلِ شاخِصٌ يُسْتَباحُ |
|
لا تَنُوحي، فنحنُ مثلُكِ نُحْنا | |
|
| واخْتَنَقْنا، وما أَفادَ نُواحُ |
|
واهدَئي قدْ هوى على السَّاحِ عِرْضٌ | |
|
| يَتَعَرَّى على العُيونِ، مُباحُ |
|
أَيُّها الرِّيحُ: مَنْ سَيَسْتُرُ عِرْضًا | |
|
| شَرَّعَتْهُ على السِّنانِ الرِّماحُ؟ |
|
وَيْحَ قابيلَ إذْ تَناثَرَ عارًا | |
|
| خَجِلَتْ مِنْهُ نابِحاتٌ وساحُ |
|
وَيْحَهُمْ كيفَ لم يُوارُوا نُحورًا | |
|
| حينَ دارَتْ على النُّحورِ الْقِداحُ؟ |
|
أيُّها الرِّيحُ: تلكَ راحَةُ طفلٍ | |
|
| يَسْجُدُ الََّليلُ عندَها، والصَّباحُ |
|
تَتَحَنَّى بِنَزْفِها، فَدَعيها | |
|
| تَتَلَهَّى بِنَزْفِنا يا رِياحُ |
|
غَيَّبَ اللهُ أُمَّةً لم يَرُعْها | |
|
| كَفُّ طِفلٍ يُسَنُّ فيها السِّلاحُ! |
|
مَوْكِبَ الموْتِ كم طَوَيْتَ رِجالاً | |
|
| وَتَهاوَتْ على يَدَيْكَ الْمِلاحُ |
|
ليتَ شِعْري، وكم طَمَسْتَ عُيونًا | |
|
| هُدْبُها الّليلُ، والدُّموعُ القِراحُ |
|
أَيُّها الرِّيحُ، صَرْصَرٌ أَنتِ فينا | |
|
| وَسَلامٌ على الْقُصورِ، وراحُ |
|
يَعْجِزُ القَلْبُ عن نِداءِ الضَّحايا | |
|
| تَتَنَدَّى، وما غَشَاها وِشاحُ |
|
رُبَّ ليلٍ يَذوبُ فينا عُواءً | |
|
| ونَهارٍ يَنِزُّ مِنْهُ النُّباحُ |
|
والثَّكالى على الرَّصيفِ حُبالى | |
|
| والْوِلاداتُ كُلُّهُنَّ سِفاحُ |
|
مَوْكِب َالموتِ مَن على الحَدِّ ماضٍ | |
|
| بعدما أُفْرِدَ الرِّجالُ، وطاحوا؟ |
|
مَنْ سَيَمْضي إلى عِناقِ الْمَنَايا | |
|
| دونَ أُفْقٍ يَرِفُّ فيهِ الْجَناحُ؟ |
|
أَدْلَج الْمارِقونَ فوقَ الضَّحايا | |
|
| فَتَعالى مِنَ الْجُروحِ الصِّياحُ |
|
وَتَهادَتْ مِنَ النَّزيفِ حِرابٌ | |
|
| حَدَّثَتْنا بِما رَواهُ الْكِفاحُ |
|
كُلُّ حَسْناءَ وَجْهُها كالأَقاحي | |
|
| زَنَّرَتْ خَصْرَها الخُيولُ الجِماحُ |
|
قَدَحَتْ دَرْبَها السَّنابِكُ حتَّى | |
|
| فَجَّرَتْنا، وَصَمْتُنا ذَبَّاحُ! |
|
كُلُّ وَرْقَاءَ دَمْعُها كاللآلي | |
|
| أَغْرَقَتْنا، وَعَزْمُنا ضَحْضاحُ |
|
أَفْزَعَتْنا بِنَوْحِها، فَخَجِلْنا | |
|
| ومضينا، وَجُبْنُنا فَوَّاحُ |
|
قَدْ جَزِعْنا لِما نَرى غَيْرَ أنَّا | |
|
| ضاعَ مِنَّا السَّفينُ والْمَلاَّحُ |
|
ذاكَ حَظُّ الضِّعافِ، إنْ جَلَّ خَطْبٌ | |
|
| شَمَّروا عَنْ خُوائِهِمْ واسْتَراحوا |
|
وَمَضَوْا في طَلاسِمٍ وَضَياعٍ | |
|
| وَتَآويلَ ما رَوَتْها الصِّحَاحُ |
|
فَتَصيرُ الدِّماءُ شِعْرًا مُقَفًى | |
|
| وَيُديرُ الصِّراعَ منهم وَقاحُ |
|
إنَّهم شاهِرونَ للسَّيفِ إلاّ | |
|
| أَنهم خاسِرونَ حَمْقى كُساحُ |
|
خَبَّأَ الجُبْنُ للرُّجولَةِ حَتْفًا | |
|
| لا طَبيبٌ لهُ، ولا جَرَّاحُ |
|
وَيْحَ قَوْمٍ ثُغورُهُمْ ثاكِلاتٌ | |
|
| وَيْحَ قومٍ أمْجادُهُمْ تُسْتَباحُ |
|
زَعَموا أَنَّ للحُروبِ حِسابًا | |
|
| وَخَرابًا، وَليسَ فيها مُزاحُ! |
|
وَأَشاعوا بِأَنَّنا قد خَسِرْنا | |
|
| وَعَسِرْنا، وَأَثْخَنَتْنا الْجِراحُ! |
|
ليسَ عَيْبًا إذا خَسِرْنا حُروبًا | |
|
| إِنَّما العَارُ أنْ يَهونَ السِّلاحُ |
|
ليسَ عَيْبًا إذا عَسِرْنا زَمانًا | |
|
| إنَّما العارُ أنْ يَخونَ الشِّحاحُ |
|
أُمَّةَ الغَزْوِ، مَنْ يَبيعُ إِباءً | |
|
| سَطَّرَتْهُ الأَوْدَاجُ والأَرْواحُ؟ |
|
أَسْرَجَ النَّاسُ خَيْلَهُمْ واعْتَلَيْنا | |
|
| ظِلَّ نَعْلٍ، كَأَنَّنا أَشْباحُ |
|
ذاكَ حَظُّ البُغَاثِ لو لاحَ نَسْرٌ | |
|
| تَتَهاوى، وَدَمْعُها سَحَّاحُ |
|
بِئْسَ عيشٌ فُصولُهُ مِنْ نَجيعٍ | |
|
| في دِنَانٍ سُعاتُها النُّزَّاحُ |
|
يَظْمَأُ الماجِدونَ فيِهِ، وَيَرْوى | |
|
| مُسْتَكينٌ ومارِقٌ سَفَّاحُ |
|