إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
في كتاب ِ المنْعَطَفِ الأَخير في غَزّة.. لا بُدَّ مِنْ صَفْحَةٍ حَمْراء!! |
الشَّرْخ
|
******
|
بِعُمْرِ القَهْرِ هذا الجُرحُ يا وَطَني |
بِعُمْرِ القَهْرْ |
بِعُمْرِ الْخَيْمَةِ الأُولى التي اهْتَرَأَتْ بِوَجْهِ الدَّهْرْ |
بِعُمْرِ الدَّمْعِ في عَيْنَيْكَ يا وطني |
وَعُمْرِ الصَّبْرْ |
وَما مِنْ عُذْرْ |
فهذا الجُرْحُ قَصْمٌ في عِظَامِ الظَّهْرْ |
وَآخِرُ غَلْطَةٍ في العُمْرْ.. |
ويَبقى بعدَ هذا الأَمْرْ |
سُؤالٌ لا يَزالُ يَلِحُّ في شَفَتي، |
يُحَيِّرُني، |
يُفَتِّتُني: |
لِماذا كُلَّما يَزْني بِهذا العُمْرِ زِنديقٌ، |
يَكونُ الجَلْدُ في جَسَدي، |
وَمِنْ دَمِّي يكونُ المَهْرْ؟! |
لِماذا كُلُّ هذا العُهْرْ؟! |
*** |
أُحِسُّ بِأَنَّني أَقْضي على مَهْلي |
طريدًا في بُيوتاتي، وفي أَهلي |
بِلا سَبَبٍ، |
سِوى أَنّي رَفَضْتُ تَقاعُسَ الخَيْلِ |
وَأَرْفُضُ أَنْ أَظَلَّ العُمرَ يا وطني |
أَجيرًا عِنْدَ جَلاَّدي أبي جَهْلِ |
وَكُلُّ القَتْلِ والإرهابِ هذا ليسَ يُقْلِقُني، |
ولكنْ ما يُعَذِّبُني، |
وَيُشْعِلُ حَسْرَةً سَوْداءَ في روحي، |
بِأَنّي بَعدَ هذا الصَّبْرِ أَقْضي اليومَ مِنْ جَهْلي |
وَأَرْجِعُ مَرَّةً أُخرى لِسَفِّ الطِّينِ والوَحْلِ |
بِأَنّي بعدَ هذا النَّصْرِ يا وَطني |
أَموتُ هُنا بِلا ثَمَنِ |
وَأُصْلبُ في مَقاهي الرِّدَّةِ الحمقاءِ والعَفَنِ |
بِلا ثمنِ.. |
أَكونُ ضَحِيَّةَ الإِفلاسِ والْهَوَسِ |
وَلُعْبَةَ مَعْشَرِ الأَوثانِ والحَرَسِ |
وَمَهْرَ الواقِعِ النَّتِنِ! |
لأَني لا أُطيقُ قَساوَةَ الرَّسَنِ، |
لأَنّي لا أُريدُ عِبادَةَ الوَثَنِ، |
يَكونُ دَمي الذي يَجْري، |
لِيَسْتُرَ عَوْرَةَ المُدُنِ!! |
*** |
جَميعُ كِلابِ هذا العالَمِ المَسْعورِ ما قَوِيَتْ على بَدَني |
وَكُلُّ أَظافِرِ الجُوعِ التي مَرَّتْ على جَسَدي، |
وَكُلُّ خَناجِرِ الظَّهْرِ التي غُرِزَتْ بِلا عَدَدِ |
تَهاوَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْوى فَتُجْهِضَني |
وهذا الشَّرْخُ.. هذا الشَّرْخُُ |
يُمْكِنُ أَنْ يَخيطَ اليومَ لي كَفَني! |
وَيَقْتُلُني الأَسى والخوفُ مِنْ نَفْسِي على نَفْسي |
فَأَدْفِنُ في يَدي رَأْسي |
وَأَكْسِرُ في فَمي كَأْسي |
وَيُسْعِفُني لآخِرِ مَرَّةٍ قَلَمي |
فَأَفْتَحُ دَفْتَرَ الآمالِ والحُلُمِ |
وَأَشْطُبُ ليلَةَ العُرْسِ! |
*** |
جَميعُ كِلابِ هذا العالَمِ المَسْعورِ ما زالَتْ تُلاحِقُني |
وَكُلُّ مَذابِحي الحمراءِ تَرقُصُ فَوْقَ ذاكِرَتي |
وما زالَتْ يَدايَ تَذودُ عَنْ لَحمي |
بِلا كَلَلٍ، ولا وَهَنِ |
ولكنْ .. حينَما يَرْتَدُّ ظُفْري نَحْوَ خاصِرَتي |
لِيَذْبَحَ فِيَّ إِحساسي |
يَحِلُّ دَمي على النَّاسِ |
وَأُعلِنُ دونَما حَرَجٍ، |
أَمامَ القَوْمِ إِفلاسي!! |
بني وَطَني: |
أَرى في الأُفْقِ مِقْصَلَةً، وَجَلاَّدًا |
وَقَبْرًا فاتِحًا فاهُ |
وَنَحنُ نُساقُ آحادًا |
إِلى قَبْرٍ بِأَيدينا حَفَرْناهُ |
فماذا يَقْرأُ الجيلُ الذي مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتي خَذَلْناهُ؟! |
وَماذا يَكْتُبُ التَّاريخُ عَنْ جُرْحٍ، |
بِأَيْدينا فَتَحْناهُ؟! |
عَجِبْتُ لنا: |
نَثورُ لِنَقْتُلَ الإِذلالَ في غَدِنا... وَنَرْضاهُ |
فَسَجِّلْ أَيُّها التّاريخُ: |
إِنَّا بَعْدَ أَنْ شِدْنا لَنا صَرْحًا، |
وَمِنْ أَجسادِنا لَحْمًا بَنَيْناهُ، |
وَمِنْ أَعراقِنا دَمًّا زَكِيًّا قد سَقَيْناهُ |
رَجَعْنا مَرَّةً أُخْرى، |
بِفَأْسِ الحُمْقِ والفَوضى هَدَمْناهُ |
وَسَجِّلْ أَيُّها التَّاريخُ: |
حينَ أَطَلَّ مِنْ خَلْفِ الظَّلامِ، |
وَمِنْ جَحيمِ اليأْسِ إِشْراقٌ... قَتَلْناهُ!! |
بني وَطَني: |
إِذا الآمالُ هانَتْ عِنْدَ مَطْلَبِها، |
وَصارَ الحُمْقُ للإِنْسانِ مَبْغاهُ |
سَتَفْقِدُ عِنْدَها الآمالُ قيمَتَها، |
وَيَفْقِدُ عِنْدَها الإِنْسانُ مَعْناهُ! |
بني وَطَني: |
أَكادُ أَرى النِّهايَةَ في فَمِ الزَّمَنِ |
وَقُلْ ما شِئْتَ عَنْ يَأْسي وَعَنْ عَفَني |
فهذا الشَّرْخُ في السَّفَّانِ والسُّفُنِ |
وهذا القَطْعُ في الشِّريانِ.. في الشِّريانِ |
يا وَطَني!!! |