إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
سَتَعْلَم! |
أغيبُ أغيبْ
|
أغيبُ عن الليل نجماً يُنيرُ الصحارى ويهدى الدروب لوطء خطاوى الرجال وصوت الحِداء ووقع سنابكِ خيلِ الكرامةِ تسرى على جنبات الطريقْ |
أغيبْ عن الكون مجداً وعلماً وهدياً يفرّجُ من كربات القلوبِ إذا ما الزمان يضيقْ |
اذا ما الجهالة تغشى العقول فلا تستفيقْ |
أغيب عن البحر طوق نجاة لكل غريقْ |
وحتى جمال الزهور .. الغروب .. الجنان .. البدور يصير بدون بريقْ |
أغيبُ عن الفرحِ عند المروجِ وحيث الرعاةُ يقيمون حفلاً بكل مساءٍ رقيق الضياء بديع النجوم يرقرق فى الليل حلو الغناءْ |
أغيبُ عن الحب حيث البنات يقمن شموساً ونهراً وعمراً يضجّ بلحن الهناء ويزرعن زهراً وحباً ووداً يفيض بكل معانى الوفاءْ |
أغيبُ عن الكون فرحةَ نفسٍ وصوتَ أذانٍ وهمسَ صلاةٍ ودعوى صفاءْ |
أغيبُ عن العمرِ عمرى وعمرِ بلادى وعمر حقولى وأغصان كرمى وزيتونتى .. عن ليالٍ تشعُّ بنور البهاءْ |
أغيبُ ولكننى سأعودْ |
وأنت ستعلم حين أعودْ |
ستعلم أن السنينَ صديقٌ خئونْ |
وأن الزمانَ خصيمٌ خصيمْ |
ستعلم أن السعادةَ ضيفٌ خفيفٌ وليس يقيمْ |
وأنك تبدو صحيحاً وأنت سقيمْ |
وانك برقٌ سيذوى وعقلٌ يشيخ وجسمٌ سيهرمْ |
ستعلمْ |
ستعلم أنىَ أشحذ ثأرىَ ليوم عصيبْ |
وأنت ستملك محضَ صراخٍ ومحضَ نحيبْ |
وأنت ستلعن جوْرَ الزمانِ وظلمَ الخطوبْ |
وسوف تلاقى |
نعم ستلاقى |
ستعرف طعمَ الدموع لهيباً يحمحمُ فوق الخدودِ ومِلحاً يؤجّج نارَ المآقى |
وسوف تعانى |
نعم ستعانى مشاعرَ ذنبٍ تجبّرَ ثم تندّمْ |
ستعلمْ |
تظن بأن ضناي الذى فد تفتّت مثل الهباءْ |
سيجعل قلبى يُجيد فنونَ البكاءْ |
هراءْ |
ضناى شهيدٌ يعيش مع الأبرياءْ |
سعيد مع السعداءْ |
وحين يئون الأوانُ |
ستعلم أن لكل حديثٍ حديثْ |
ستعلم أنك أتفه من خنفساء الخرائبْ |
وأنك صعلوك كل المواكبْ |
وحين يدوّى صراخُ المعازف حين يدوّى صياحُ العساكر حين يقول قرينُك أهلاً وسهلاً وكيف وأين سيجهل انك ذئبٌ صغيرٌ |
وان الصفاقةَ بابٌ يؤدى لكل صنوف الحقارةْ |
وأنت ضعيفٌ .. ويهديك فيلاً وقوساً لتبدو قوياً عظيماً . ولكن ستعلم أنك عبدٌ لسادة طست الإمارةْ |
وهذى الإمارة سوف تزولُ وانت كعبدٍ ذليلٍ تزولُ وكل ضروب النذالة سوف تزولُ وكل المظالم سوف تزولُ تزولُ تزولْ |
ومن يجهل الأمرَ ليس كمن يتعلّمْ |
ستعلمْ |
تبسمْ |
قليلاً .. كثيراً .. تبسمْ |
تظاهرْ .. تحركْ .. تكلمْ |
وحاربْ جمالَ الطفولةِ حاربْ معانى الرجولةْ |
وقم باغتصاب الشريفات إن الضعيفَ قويٌ بحمل المعانى النبيلةْ |
تبسّمْ |
واقتلْ ودمّرْ وحطمْ.. |
غدا تستقيم الأمورُ .. غدا تتحطمْ |
ستعلمْ |
سأحيا بثأرى .. أجيجا يحمحم تحت الرمادِ .. صُراخاً يؤجج شجواً تبعثر فى القلبِ .. نبضاً يدوّى بصوتٍ خفيضٍ .. هزيماً تعلّم يا كم تعلّمْ |
عروبةُ قلبى وتاريخُ عمرى وفرحى وآيات مجدى وشِعرى |
مآثر قومى هوايا وحبى وسيفى الذى قد علا وتسنّم |
ستعلمْ |
سأحيا بثأرى.. كموجٍ تعالى وأرسل مداً رهيباً علامته دمدماتُ البحارِ وشوق المياه لغرقىَ وقتلىَ ولا يتندمْ |
ستعلمْ |
سأحيا بثأرى كجرعةكرهٍ تمزّق كلَ العروقْ |
وتنشر دون كلامٍ كمائنَ موتٍ وحقدٍ وكرهٍ كسم أفاعى الشقوقْ |
وانى قتيلٌ سأصحو لكي استعيد الحياهْ |
أعلّم شعبَ العصاةِ الكريهَ جزاءَ المروقْ |
سأحيا بثأرٍ يعشّشُ بين الهشيمِ وتحت الصخورِ وأسفلَ موج البحارْ |
يدقّ بقلب الوجودْ |
ويلمع كالبرق حين يضجّ الفضاءْ |
ويرقد فى الطين يرقب كيف تدور السنينْ |
ويصنع فى الطين رمحاً وسيفاً وترساً ودرعاً وثأراً مُبينْ |
يُحيك الشرانق طيّ الظلامِ وحين يئون الأوانُ سيخرج أعظمْ وأعظمْ |
وأعظمْ |
ستعلمْ |
تظن بأنك فى الزعماءْ |
وأنت هباءْ |
تعيش بقبضةِ طيفٍ مخيفٍ من الثأر يسعى خفياً ويُخفى لظاهْ |
يراك وليس تراهْ |
يراك وليس تراهْ |
تعيش بقبضة كرهٍ عميقٍ تعلّمَ كيف يُذيبُ الحياةْ |
يراك وليس تراهْ |
يراك وليس تراهْ |
تعيش كأنك حرّ وأنت أسيرٌ ولن تستطيعَ النجاهْ |
وفى القلب منك .. وفى العرق منك .. وفى الروح منك .. يخيّم موت ٌ تمكّن ثم تحكّمْ |
ستعلمْ |
ستعلم كيف يكون البكاءْ |
وكيف تسيل الدماءْ |
وتفهم معنى الهموم ومعنى الشقاءْ |
وكيف تجوع بقلب العراءْ |
ومعنى الوقوف وحيداً ضعيفاً أمام القنابلْ |
ومعنى هدير المناجلْ |
تبدد كل أمانى السنابلْ |
وكيف يُحرّق دمعُ الطفولةِ خدَّ الملائكْ |
نموتُ نموتُ .. وأنت غداً ستخوض المهالكْ |
ستعرف كيف يحس الضعيفْ |
ومعنى اشتهاء الرغيفْ |
وذل الأسير ودمع الكسير ولوعة ظلم المعنّى الأسيفْ |
تظن بأنك فى الأقوياءْ |
وأنك فى العظماءْ |
هراءٌ هراءْ |
ستعلم أن الجروحَ قصاصْ |
وأن المماتَ قصاصْ |
وأن صراخَ الثكالى ونوحَ اليتامى وفقدَ الحبيب قصاصْ |
وأي قصاصْ |
ستعلم ألا مناصْ |
ستعلم أنى وإن كنتُ حلوَ الطباعِ رقيقَ السجايا |
ولكننى حين يأتى أوانك يا ثأر أضحى رهيباً كحدِّ المنايا |
وقتلك سوف يكون هوايا |
وكلََّ منايا |
ستعلم أنى وإن كنت دوماً رحيمْ |
ولكن خلقت لأقتل كل عتلّ زنيمْ |
أمات الحياةَ ومعنى الحياةِ وروحَ الحياةِ وأطفأ نورَ الأمانى وأظلمْ |
ستعلمْ |
ستعلمُ أن الإلهَ لطيفْ |
يورّث ذاك النعيمَ لكل ضعيفْ |
ويجعل ضعفيَ قوة |
لأحفرَ تحتك بئراً عميقاً وجرفاً وحفرةَ نارٍ وهوّةْ |
وآخذ ثأرى |
ويبسُم عمرى |
ويطلع فجرى |
والقى جزاءً جميلاً لصبرى وشكرى |
الهى أرانى الشقاءَ وبعد الشقاء تكرّمْ |
وأنعمْ |
وكل شهيدٍ تكلّمْ |
ستعلمْ |
وكل جريحٍ حكى وتألمْ |
ستعلمْ |
وكلُ غلامٍ صغيرٍ بكى وتظلمْ |
وكل الشقيقات والأمهات بكين .. حكين بما كان والله أعلمْ |
وأن حبيبى رسولى شفيعى رنا ودعا وتبسّمْ |
ستعلمْ |
ستعلمْ |
ستعلمْ |