إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
كنا كباراً معه فى كتب الزمان |
كنا خيولاً تشعل الآفاق عنفوان |
كان النسر الخرافى الذى يشيلنا |
على جناحيه إلى شواطئ الأمان |
كان كبيراً كالمسافات .. |
مضيئاً، كالمنارات .. |
جديداً كالنبوءات .. |
عميق الصوت كالكهان .. |
وكان فى عينيه برقٌ دائم |
يشبه ما تقوله النيران للنيران |
كنا شموساً معه |
نوزع الضوء على مساحة الأكوان |
كنا جبالاً معه حجر الصوان |
وكان يحمينا من الركوع والهوان |
كنا نسمى .. باسمه |
إذا نسينا مرة أسماءنا |
كنا نناديه جميعاً يا أبى |
إذا أضعنا مرة آباءنا |
فهو الذى أطلقنا من رقنا |
وهو الذى حررنا من خوفنا |
وهو الذى أيقظ فى أعماقنا الإنسان |
كان هو الأجمل فى تاريخنا |
والنخلة الأطول فى صحرائنا |
كان هو الحلم الذى يورق فى أهدابنا |
كان هو الشعر الذى يولد مثل البرق من شفاهنا |
كان بنا يطير فوق جغرافية المكان |
مستهزنا فى هذه الحواجز المصطنعة |
من هذه الممالك المخترعة |
من هذه الملابس الضيقة المضحكة المرقعة |
من هذه البيارق الباهتة الألوان |
كنا على صورتنا |
كنا على صورته |
كان يرى التاريخ فى نظرتنا |
كنا نرى المستقبل الجميل فى نظرته |
جبهتنا مرفوعة تستلهم الشموخ من جبهته |
قبضتنا قوية تستلهم القوة من قبضته |
أولانا قد رضعوا الحليب من ثورته |
كان هوة القوة فى أعماقنا |
واللهب الأزرق فى أحداقنا |
والريح والإعصار والطوفان |
كان هو المهدى فى خيالنا |
وكان هو فى معطفه يخبئ الأمطار |
وكان إذ ينفخ فى مزماره |
تتبعه الأشجار |
وكان فى جبينه سنابل وحنطة |
وفى رنين صوته ما يشبه الأذان |
وكان فى قدرته أن يطلع السنابل |
ويجمع القبائل |
ويستثير نخوة الفرسان |
ويرجع الملك إلى بيت بنى عدنان |
كان هو النجمة فى أسفارنا |
والجملة الخضراء فى تراثنا |
كان هو المسيح فى اعتقادنا |
فهو الذى عمدنا |
وهو الذى وحدنا |
وهو الذى علمنا |
أن الشعوب تسجن السجان |
وأنها حين تجوع تأكل القضبان |
يا ناصر البعيد قد أوجعنا الغياب |
نمد أيدينا إليك كلما حاصرنا الصقيع والضباب |
نبحث عن عينيك فى الليل ولا نمسك إلا الوهم والسراب |
يا ناصر العظيم أين أنت؟ أين أنت؟ |
بعدك لا زرع ولا ضرع ولا سحاب |
بعدك لا شعر ولا نثر ولا فكر ولا كتاب |
بعدك نام السيف فى مرابه واستنسر الذباب |
يا ناصر العظيم |
هل تقرأ فى منفاك أخبار الوطن |
فبعضه مغتصب .. وبعضه مؤجر وبعضه مقطع وبعضه مرقع |
وبعضه مستسلم وبعضه ممزق وبعضه ليس له سقف ولا أبواب |
يا ناصر العظيم لا تسأل عن الأعراب |
فإنهم قد أتقنوا صناعة السباب |
وواصلوا الحوار بالظفر وبالأنياب |
وحاصروا شعوبهم بالنار والحراب |
يا ناصر العظيم سامحنى فما لدى ما أقوله |
فى زمن الخراب ... |