ما هَبَّتِ الريحُ إِلّا هَزَّني الطَرَبُ | |
|
| إِذ كانَ لِلقَلبِ في مَرِّ الصَبا أَرَبُ |
|
لِذاكَ إِن هَيمَنَت في الدَوحِ أُنشِدُهُ | |
|
| بَيني وَبينَكَ يا دَوحَ الحِمى نَسَبُ |
|
يا جيرَةَ الشِعبِ لَولا فَرطُ بُعدِكُمُ | |
|
| لَما غَدا القَلبُ بِالأَحزانِ يَنتَعِبُ |
|
فَهَل يَجودُ بِكُم عَدلُ الزَمانِ لَنا | |
|
| يَوماً وَتُرفَعُ فيما بَينَنا الحُجُبُ |
|
يا سادَةً ما أَلِفنا بَعدَهُم سَكَناً | |
|
| وَلا اِتَّخَذنا بَديلاً حينَ نَغتَرِبُ |
|
بِوُدِّكُم صارَ مَوصولاً بِكُم نَسَبي | |
|
| إِنَّ المَوَدَّةَ في أَهلِ النُهى نَسَبُ |
|
جَميلُكُم كانَ في رِقّي لَكُم سَبَباً | |
|
| لا يوجَدُ الحُكمُ حَتّى يَوجَدَ السَبَبُ |
|
فَكَيفَ أَنساكُمُ بَعدَ المَشيبِ وَقَد | |
|
| صاحَبتُكُم وَجَلابيبُ الصِبا قُشُبُ |
|
أَم كَيفَ أَصبِرُ مُغتَرّاً بِأُمنِيَةٍ | |
|
| وَالدارُ تَبعُدُ وَالآجالُ تَقتَرِبُ |
|
قَد زُرتُكُم وَعُيونُ الخَطبِ تَلحَظُني | |
|
| شَزراً وَتَعثُرُ في آثارِيَ النُوَبُ |
|
وَكَم قَصَدتُ بِلاداً كَي أَمُرَّ بِكُم | |
|
| وَأَنتُمُ القَصدُ لا مِصرٌ وَلا حَلَبُ |
|
وَكَم قَطَعتُ إِلَيكُم ظَهرَ مُقفِرَةٍ | |
|
| لا تَسحَبُ الذَيلَ في أَرجائِها السُحبُ |
|
وَمَهمَهٍ كَسَماءِ الدَجنِ مُعتَكِرٍ | |
|
| نَواظِرُ الأُسدِ في ظَلمائِهِ شُهُبُ |
|
حَتّى وَصَلتُ إِلى نَفسٍ مُؤَيَّدَةٍ | |
|
| مِنها النُهى وَاللُهى وَالمَجدُ يُكتَسَبُ |
|
بِمَجلِسٍ لَو رَآهُ اللَيثُ قالَ بِهِ | |
|
| يا نَفسِ في مِثلِ هَذا يَلزَمُ الأَدَبُ |
|
مَنازِلٌ لَو قَصَدناها بِأَرؤُسِنا | |
|
| لَكانَ ذاكَ عَلَينا بَعضَ ما يَجِبُ |
|
أَرضٌ نَدى الصالِحِ السُلطانِ وابلُها | |
|
| وَرَأيُهُ لِرَحى أَحوالِها قُطُبُ |
|
مَلكٌ بِهِ اِفتَخَرَت أَيّامُهُ شَرَفاً | |
|
| وَاِستَبشَرَت بِمَعالي مَجدِهِ الرُتَبُ |
|
وَقالَتِ الشَمسُ حَسبي أَن فَخَرتُ بِهِ | |
|
| وَجهي لَهُ شَبَهٌ وَاِسمي لَهُ لَقَبُ |
|
لا يَعرِفُ العَفوَ إِلّا بَعدَ مَقدَرَةٍ | |
|
| وَلا يَرى العُذرَ إِلّا بَعدَما يَهَبُ |
|
سَماحُهُ عُنوِنَت بِالبِشرِ غايَتُها | |
|
| كَما تُعَنوَنُ في غاياتِها الكُتُبُ |
|
وَهِمَّةٌ حارَ فِكرُ الواصِفينَ لَها | |
|
| هَتّى تَشابَهَ مِنها الصِدقُ وَالكَذِبُ |
|
قالوا هُوَ البَدرُ قُلتُ البَدرُ مُنمَحِقٌ | |
|
| قالوا هُوَ الشَمسُ قُلتُ الشَمسُ تَحتَجِبُ |
|
قالوا هُوَ الغَيثُ قُلتُ الغَيثُ مُنتَظَرٌ | |
|
| قالوا هُوَ اللَيثُ قُلتُ اللَيثُ يُغتَصَبُ |
|
قالوا هُوَ السَيلُ قُلتُ السَيلُ مُنقَطِعٌ | |
|
| قالوا هُوَ البَحرُ قُلتُ البَحرُ مُضطَرِبُ |
|
قالوا هُوَ الظِلُّ قُلتُ الظِلُّ مُنتَقِلٌ | |
|
| قالوا هُوَ الدَهرُ قُلتُ الدَهرُ مُنقَلِبُ |
|
قالوا هُوَ الطَودُ قُلتُ الطَودُ ذو خَرسِ | |
|
| قالوا هُوَ المَوتُ قُلتُ المَوتُ يَجتَنَبُ |
|
قالوا هُوَ السَيفُ قُلتُ السَيفُ نَندُبُهُ | |
|
| وَذاكَ مِن نَفسِهِ بِالجودِ يُنتَدَبُ |
|
قالوا فَمَن مِنهُمُ يَحكيهِ قُلتُ لَهُم | |
|
| كُلٌّ حَكاهُ وَلَكِن فاتَهُ الشَنَبُ |
|
يا اِبنَ الَّذينَ غَدَت أَيّامُهُم عِبَراً | |
|
| بَينَ الأَنامِ بِها الأَمثالُ قَد ضَرَبوا |
|
كَالأُسدِ إِن غَضِبوا وَالمَوتِ إِن طَلبوا | |
|
| وَالسَيفِ إِن نُدبوا وَالسَيلِ إِن وَهَبوا |
|
إِن حُكِّموا عَدَلوا أَو أُمِّلوا بَذَلوا | |
|
| أَو حورِبوا قَتَلوا أَو غولِبوا غَلَبوا |
|
سَرَيتَ مَسراهُمُ في كُلِّ مَنقَبَةٍ | |
|
| لَم يَسرِها بَعدَهُم عُجمٌ وَلا عَرَبُ |
|
وَفُقتَهُم بِخِلالٍ قَد خُصِصتَ بِها | |
|
| لَولا الخُصوصُ تَساوى العودُ وَالحَطَبُ |
|
حَمَلتَ أَثقالَ مُلكٍ لا يُقامُ بِها | |
|
| لَو حُمِّلَتها اللَيالي مَسَّها التَعَبُ |
|
وَحُطتَ بِالعَدلِ أَهلَ الأَرضِ كُلَّهُمُ | |
|
| كَأَنَّما الناسُ أَبناءٌ وَأَنتَ أَبُ |
|
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا عَلَّلتَهُ سَبَبٌ | |
|
| وَأَنتَ لِلرِزقِ في كُلِّ الوَرى سَبَبُ |
|
مَولايَ دَعوَةَ عَبدٍ دارُهُ نَزَحَت | |
|
| عَلَيكُمُ قُربَهُ بَل قَلبُهُ يَجِبُ |
|
قَد شابَ شِعري وَشَعري في مَديحِكُمُ | |
|
| وَدُوِّنَت بِمَعاني نَظمِيَ الكُتُبُ |
|
فَالناسُ تَحسُدُكُم فيهِ وَتَحسُدهُ | |
|
| فيكُم وَلَيسَ لَهُ في غَيرِكُم طَلَبُ |
|
فَلا أَرَتنا اللَيالي مِنكُمُ بَدَلاً | |
|
| وَلا خَلَت مِنكُمُ الأَشعارُ وَالخُطَبُ |
|