دُروعٌ لِمَلكِ الرومِ هَذي الرَسائِلُ |
يَرُدُّ بِها عَن نَفسِهِ وَيُشاغِلُ |
هِيَ الزَّرَدُ الضافي عَلَيهِ وَلَفظُها |
عَلَيكَ ثَناءٌ سابِغٌ وَفَضائِلُ |
وَأَنّى اهتَدى هَذا الرَسولُ بِأَرضِهِ |
وَما سَكَنَتْ مُذ سِرتَ فيها القَساطِلُ |
وَمِن أَيِّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ |
وَلَم تَصفُ مِن مَزجِ الدِماءِ المَناهِلُ |
أَتاكَ يَكادُ الرَأسُ يَجحَدُ عُنقَهُ |
وَتَنقَدُّ تَحتَ الذُعرِ مِنهُ المَفاصِلُ |
يُقَوِّمُ تَقويمُ السَماطَينِ مَشيَهُ |
إِلَيكَ إِذا ما عَوَّجَتهُ الأَفاكِلُ |
فَقاسَمَكَ العَينَينِ مِنهُ وَلَحظَهُ |
سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الَّذي لا يُزايِلُ |
وَأَبصَرَ مِنكَ الرِزقَ وَالرِزقُ مُطمِعٌ |
وَأَبصَرَ مِنهُ المَوتَ وَالمَوتُ هائِلُ |
وَقَبَّلَ كُمًّا قَبِّلَ التُربَ قَبلَهُ |
وَكُلُّ كَمِيٍّ واقِفٌ مُتَضائِلُ |
وَأَسعَدُ مُشتاقٍ وَأَظفَرُ طالِبٍ |
هُمامٌ إِلى تَقبيلِ كُمِّكَ واصِلُ |
مَكانٌ تَمَنّاهُ الشِفاهُ وَدونَهُ |
صُدورُ المَذاكي وَالرِماحُ الذَوابِلُ |
فَما بَلَّغَتهُ ما أَرادَ كَرامَةٌ |
عَلَيكَ وَلَكِن لَم يَخِب لَكَ سائِلُ |
وَأَكبَرَ مِنهُ هِمَّةً بَعَثَت بِهِ |
إِلَيكَ العِدى وَاستَنظَرَتهُ الجَحافِلُ |
فَأَقبَلَ مِن أَصحابِهِ وَهوَ مُرسَلٌ |
وَعادَ إِلى أَصحابِهِ وَهوَ عاذِلُ |
تَحَيَّرَ في سَيفٍ رَبيعَةُ أَصلُهُ |
وَطابِعُهُ الرَحمَنُ وَالمَجدُ صاقِلُ |
وَما لَونُهُ مِمّا تُحَصِّلُ مُقلَةٌ |
وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأَنامِلُ |
إِذا عايَنَتكَ الرُسلُ هانَت نُفوسُها |
عَلَيها وَما جاءَت بِهِ وَالمُراسِلُ |
رَجا الرومُ مَن تُرجى النَوافِلُ كُلُّها |
لَدَيهِ وَلا تُرجى لَدَيهِ الطَوائِلُ |
فَإِن كانَ خَوفُ القَتلِ وَالأَسرِ ساقَهُمْ |
فَقَد فَعَلوا ما القَتلُ وَالأَسرُ فاعِلُ |
فَخافوكَ حَتّى ما لِقَتلٍ زِيادَةٌ |
وَجاؤوكَ حَتّى ما تُزادُ السَلاسِلُ |
أَرى كُلَّ ذي مُلكٍ إِلَيكَ مَصيرُهُ |
كَأَنَّكَ بَحرٌ وَالمُلوكُ جَداوِلُ |
إِذا مَطَرَت مِنهُمْ وَمِنكَ سَحائِبٌ |
فَوابِلُهُمْ طَلٌّ وَطَلُّكَ وابِلُ |
كَريمٌ مَتى اِستوهِبتَ ما أَنتَ راكِبٌ |
وَقَد لَقِحَت حَربٌ فَإِنَّكَ باذِلُ |
أَذا الجودِ أَعطِ الناسَ ما أَنتَ مالِكٌ |
وَلا تُعطِيَنَّ الناسَ ما أَنا قائِلٌ |
أَفي كُلِّ يَومٍ تَحتَ ضِبني شُوَيعِرٌ |
ضَعيفٌ يُقاويني قَصيرٌ يُطاوِلُ |
لِساني بِنُطقي صامِتٌ عَنهُ عادِلٌ |
وَقَلبي بِصَمتي ضاحِكٌ مِنهُ هازِلُ |
وَأَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ |
وَأَغيَظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ |
وَما التيهُ طِبّي فيهِمُ غَيرَ أَنَّني |
بَغيضٌ إِلَيَّ الجاهِلُ المُتَعاقِلُ |
وَأَكبَرُ تيهي أَنَّني بِكَ واثِقٌ |
وَأَكثَرُ مالي أَنَّني لَكَ آمِلُ |
لَعَلَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ هَبَّةً |
يَعيشُ بِها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ |
رَمَيتُ عِداهُ بِالقَوافي وَفَضلِهِ |
وَهُنَّ الغَوازي السالِباتُ القَواتِلُ |
وَقَد زَعَموا أَنَّ النُجومَ خَوالِدٌ |
وَلَو حارَبَتهُ ناحَ فيها الثَواكِلُ |
وَما كانَ أَدناها لَهُ لَو أَرادَها |
وَأَلطَفَها لَو أَنَّهُ المُتَناوِلُ |
قَريبٌ عَلَيهِ كُلُّ ناءٍ عَلى الوَرى |
إِذا لَثَّمَتهُ بِالغُبارِ القَنابِلُ |
تُدَبِّرُ شَرقَ الأَرضِ وَالغَربِ كَفُّهُ |
وَلَيسَ لَها وَقتًا عَنِ الجودِ شاغِلُ |
يُتَبِّعُ هُرّابَ الرِجالِ مُرادُهُ |
فَمَن فَرَّ حَربًا عارَضَتهُ الغَوائِلُ |
وَمَن فَرَّ مِن إِحسانِهِ حَسَدًا لَهُ |
تَلَقّاهُ مِنهُ حَيثُما سارَ نائِلُ |
فَتىً لا يَرى إِحسانَهُ وَهوَ كامِلٌ |
لَهُ كامِلاً حَتّى يُرى وَهوَ شامِلُ |
إِذا العَرَبُ العَرباءُ رازَت نُفوسَها |
فَأَنتَ فَتاها وَالمَليكُ الحَلاحِلُ |
أَطاعَتكَ في أَرواحِها وَتَصَرَّفَتْ |
بِأَمرِكَ وَالتَفَّت عَلَيكَ القَبائِلُ |
وَكُلُّ أَنابيبِ القَنا مَدَدٌ لَهُ |
وَما يَنكُتُ الفُرسانَ إِلا العَوامِلُ |
رَأَيتُكَ لَو لَم يَقتَضِ الطَعنُ في الوَغى |
إِلَيكَ اِنقِيادًا لاقتَضَتهُ الشَمائِلُ |
وَمَن لَم تُعَلِّمهُ لَكَ الذُلَّ نَفسُهُ |
مِنَ الناسِ طُرًّا عَلَّمَتهُ المَناصِلُ |