إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
أحلام الفارس القديم |
لو أننا كنّا كغُصنيْ شجره |
الشمسُ أرضعتْ عروقَنا معا |
والفجرُ روّانا ندىً معا |
ثم اصطبغنا خضرةً مزدهره |
حين استطلنا فاعتنقنا أذرُعا |
وفي الربيع نكتسي ثيابَنا الملوّنه |
وفي الخريف، نخلعُ الثيابَ، نعرى بدَنَا |
ونستحمُّ في الشتا، يدفئنا حُنوُّنا! |
لو أننا كنا بشطّ البحر موجتينْ |
صُفِّيتا من الرمال والمحارْ |
تُوّجتا سبيكةً من النهار والزبدْ |
أَسلمتا العِنانَ للتيّارْ |
يدفعُنا من مهدنا للحْدِنا معا |
في مشيةٍ راقصةٍ مدندنه |
تشربُنا سحابةٌ رقيقه |
تذوب تحت ثغر شمسٍ حلوة رفيقه |
ثم نعودُ موجتين توأمينْ |
أسلمتا العنان للتيّارْ |
في دورة إلى الأبدْ |
من البحار للسماءْ |
من السماء للبحارْ! |
لو أننا كنا بخَيْمتين جارتينْ |
من شرفةٍ واحدةٍ مطلعُنا |
في غيمةٍ واحدةٍ مضجعُنا |
نضيء للعشّاق وحدهم وللمسافرينْ |
نحو ديارِ العشقِ والمحبّه |
وللحزانى الساهرين الحافظين مَوثقَ |
الأحبّه |
وحين يأفلُ الزمانُ يا حبيبتي |
يدركُنا الأفولْ |
وينطفي غرامُنا الطويل بانطفائنا |
يبعثنا الإلهُ في مسارب الجِنان دُرّتينْ |
بين حصىً كثيرْ |
وقد يرانا مَلَكٌ إذ يعبر السبيلْ |
فينحني، حين نشدّ عينَهُ إلى صفائنا |
يلقطنا، يمسحنا في ريشه، يعجبُه بريقُنا |
يرشقنا في المفرق الطهورْ! |
لو أننا كنّا جناحيْ نورسٍ رقيقْ |
وناعمٍ، لا يبرحُ المضيقْ |
مُحلّقٍ على ذؤابات السُّفنْ |
يبشّر الملاحَ بالوصولْ |
ويوقظ الحنينَ للأحباب والوطنْ |
منقاره يقتاتُ بالنسيمْ |
ويرتوي من عَرَقِ الغيومْ |
وحينما يُجنّ ليلُ البحرِ يطوينا معاً.. معا |
ثم ينام فوق قِلْعِ مركبٍ قديمْ |
يؤانس البحّارةَ الذين أُرهقوا بغربة الديارْ |
ويؤنسون خوفَهُ وحيرتهْ |
بالشدوِ والأشعارْ |
والنفخ في المزمارْ! |
لو أننا |
لو أننا |
لو أننا، وآهِ من قسوةِ «لو» |
يا فتنتي، إذا افتتحنا بالمُنى كلامَنا |
لكنّنا.. |
وآهِ من قسوتها «لكننا»! |
لأنها تقول في حروفها الملفوفةِ المشتبكه |
بأننا نُنكرُ ما خلّفتِ الأيامُ في نفوسنا |
نودُّ لو نخلعهُ |
نودُّ لو ننساه |
نودّ لو نُعيده لرحمِ الحياه |
لكنني يا فتنتي مُجرِّبٌ قعيدْ |
على رصيف عالمٍ يموج بالتخليطِ والقِمامه |
كونٍ خلا من الوَسامه |
أكسبني التعتيمَ والجهامه |
حين سقطتُ فوقه في مطلع الصِّبا |
قد كنتُ في ما فات من أيّامْ |
يا فتنتي محارباً صلباً، وفارساً هُمامْ |
من قبل أن تدوس في فؤاديَ الأقدامْ |
من قبل أن تجلدني الشموسُ والصقيعْ |
لكي تُذلَّ كبريائيَ الرفيعْ |
كنتُ أعيش في ربيع خالدٍ، أيَّ ربيعْ |
وكنتُ إنْ بكيتُ هزّني البكاءْ |
وكنتُ عندما أحسُّ بالرثاءْ |
للبؤساء الضعفاءْ |
أودُّ لو أطعمتُهم من قلبيَ الوجيعْ |
وكنتُ عندما أرى المحيَّرين الضائعينْ |
التائهينَ في الظلامْ |
أودُّ لو يُحرقني ضياعُهم، أودُّ لو أُضيءْ |
وكنتُ إنْ ضحكتُ صافياً، كأنني غديرْ |
يفترُّ عن ظلّ النجومِ وجههُ الوضيءْ |
ماذا جرى للفارس الهمامْ؟ |
انخلع القلبُ، وولَّى هارباً بلا زِمامْ |
وانكسرتْ قوادمُ الأحلامْ |
يا من يدلُّ خطوتي على طريقِ الدمعةِ البريئه! |
يا من يدلُّ خطوتي على طريقِ الضحكةِ البريئه! |
لكَ السلامْ |
لكَ السلامْ |
أُعطيكَ ما أعطتنيَ الدنيا من التجريب والمهاره |
لقاءَ يومٍ واحدٍ من البكاره |
لا، ليس غيرَ «أنتِ» من يُعيدُني للفارسِ القديمْ |
دونَ ثمنْ |
دون حسابِ الربحِ والخساره |
صافيةً أراكِ يا حبيبتي كأنما كبرتِ خارجَ الزمنْ |
وحينما التقينا يا حبيبتي أيقنتُ أننا |
مفترقانْ |
وأنني سوف أظلُّ واقفاً بلا مكانْ |
لو لم يُعدني حبُّكِ الرقيقُ للطهاره |
فنعرفُ الحبَّ كغصنيْ شجره |
كنجمتين جارتينْ |
كموجتين توأمينْ |
مثل جناحَيْ نورسٍ رقيقْ |
عندئذٍ لا نفترقْ |
يضمُّنا معاً طريقْ |
يضمّنا معاً طريقْ . |