أَلا هَل دَرى الداعي المُثَوِّبُ إِذ دَعا | |
|
| بِنَعيِكَ أَنَّ الدينَ مِن بَعضِ ما نَعى |
|
وَأَنَّ التُقى قَد آذَنَتنا بِفُرقَةٍ | |
|
| وَأَنَّ الهُدى قَد بانَ مِنكِ فَوَدَّعا |
|
لِرُزئِكِ تَنهَلُّ الدُموعُ فَمِثلُهُ | |
|
| إِذا حَلَّ وَدَّ القَلبُ لو كانَ مَدمَعا |
|
لَقَد أَجهَشَ الإِخلاصُ بِالأَمسِ باكِياً | |
|
| عَلَيكِ كَما حَنَّ اليَقينُ فَرَجَّعا |
|
وَدُنيا وَجَدنا العَيشَ في غَفَلاتِها | |
|
| طَريقاً إِلى وِردِ المَنِيَّةِ مَهيَعا |
|
نُعَلِّلُ فيها بِالمُنى فَتَغُرُّنا | |
|
| بَوارِقُ لَيسَ الآلُ مِنها بِأَخدَعا |
|
أُصِبنا بِما لَو أَنَّ هَضبَ مَتالِعٍ | |
|
| أُصيبَ بِهِ لَاِنهَدَّ أَو لَتَضَعضَعا |
|
مَنارٌ مِنَ الإيمانِ لَم يَعدُ أَن هَوى | |
|
| وَحَبلٌ مِنَ التَقوى وَهى فَتَقَطَّعا |
|
وَشَمسُ هُدىً أَمسى لَها التُربُ مَغرِباً | |
|
| وَكانَ لَها المِحرابُ في الخِدرِ مَطلَعا |
|
لَئِن أُتبِعَت مِنّا غَمامَةَ رَحمَةٍ | |
|
| لَقَد ظَلَّلَت ذاكَ السَريرَ المُرَفَّعا |
|
سَريرٌ بِأَملاكٍ وَزُهرِ مَلائِكٍ | |
|
| إِلى جَنَّةِ الفِردَوسِ راحَ مُشَيَّعا |
|
لِتَبكِ الأَيامى وَاليَتامى فَقيدَةً | |
|
| هِيَ المُزنُ أَحيا صَوبُهُ ثُمَّ أَقشَعا |
|
أَضَلَّهُمُ فِقدانُها فَكَأَنَّما | |
|
| أَضَلَّت سَوامُ الوَحشِ في الجَدبِ مَرتَعا |
|
مُسَبِّحَةُ الآناءِ قانِتَةُ الضُحى | |
|
| ثَوَت فَزَوى مَغنى التَأَوُّهِ بَلقَعا |
|
تَبيتُ مَعَ الإِخباتِ مُسعَرَةَ الحَشا | |
|
| تَقِيَّةَ مَن يَخشى إِلى اللَهِ مَرجِعا |
|
إِذا ما هِيَ اِستَوفَت مِنَ البِرِّ غايَةً | |
|
| تَأَتَّت لِأُخرى لا تَرى تِلكَ مَقنَعا |
|
كَأَنَّ قَضاءَ الواجِباتِ مُحَرَّجٌ | |
|
| تَقَبُّلُهُ إِلّا بِأَن تَتَطَوَّعا |
|
أَصَرفَ الرَدى لَو أَنَّ لِلسَيفِ مَضرِباً | |
|
| لَما رُعتَنا أَو أَنَّ في القَوسِ مَنزَعا |
|
فَلَو كُنتَ إِذ ساتَرتَ رامَ مُجاهِرٌ | |
|
| ذِمارَ الهُدى كانَ المَحوطَ المُمَنَّعا |
|
إِذاً لَثَناهُ الجَيشُ مِن كُلِّ أَليَسٍ | |
|
| يُشايِعُ قَلباً في الحِفاظِ مُشَيِّعا |
|
وَمُعتَضِدٌ بِاللَهِ يَحمي ذِمارَهُ | |
|
| فَلا سِربَ يُلفى في حِماهُ مُرَوِّعا |
|
وَلَكِن عَرَرتَ المَلكَ مِن حَيثُ لا يَرى | |
|
| فَلَم يَستَطِع لِلحادِثِ الحَتمِ مَدفَعا |
|
يُغيظُ العِتاقَ الجُردَ أَلّا تَرى لَها | |
|
| مَجالاً فَتَعنو في المَرابِطِ خُشَّعا |
|
وَتَأسَفَ بيضُ الهِندِ أَن لَيسَ تُنتَضى | |
|
| وَسُمرُ القَنا أَلّا تُهَزَّ وَتُشرَعا |
|
لَئِن ساءَكَ الدَهرُ المُسيءُ فَلَم يَكُن | |
|
| بِأَوَّلِ عَهدٍ واجِبَ الحِفظِ ضَيَّعا |
|
شَهِدنا لَقَد طَرَّزتَ بُردَ جَمالِهِ | |
|
| وَقَلَّدتَهُ عِقدَ البَهاءِ مُرَصَّعا |
|
وَما فَخرُهُ إِلّا بِأَن كانَ مُصغِياً | |
|
| لِأَمرِكَ إِن نادَيتَ لَبّى فَأَسرَعا |
|
أَتى العَشرَةَ العُظمى فَهَل أَنتَ قائِلٌ | |
|
| لَهُ حينَ أَشفى مِن كَآبَتِهِ لَعا |
|
وَها هُوَ مُنقادٌ لِحُكمِكَ فَاِحتَكِم | |
|
| لِتَبلُغَ ماتَهوى وَمُرهُ لِيَصدَعا |
|
لَعَمرُ الَّتي وَدَّعتَ أَمسِ مُفارِقاً | |
|
| لَقَد وَرَدَت حَوضَ السَعادَةِ مَشرَعا |
|
تَمَنَّت وَفاةً في حَياتِكَ بَعدَما | |
|
| حَشَدتَ لَها الآمالَ مَرأىً وَمَسمَعا |
|
فَوَفَّيتَها مالَم يَدَع لِضَميرِها | |
|
| إِلى غايَةٍ مِن بَعدِهِ مُتَطَلَّعا |
|
خَفَضتَ جَناحَ الذُلِّ في العِزِّ رَحمَةً | |
|
| لَها وَعَزيزٌ أَن تَذِلَّ وَتَخضَعا |
|
تَروحُ أَميراً في البِلادِ مُحَكَّماً | |
|
| وَتَغدو شَفيعاً في الذُنوبِ مُشَفَّعا |
|
عَزاءٌ فَدَتكَ النَفسُ عَزمَ مُسَلِّمٍ | |
|
| لِمَوقِعِ أَمرٍ لَم يَزَل مُتَوَقَّعا |
|
مَتى ظَنَّتِ الأَيّامُ أَنَّكَ جازِعٌ | |
|
| أَوِ اِستَشعَرَت في فَلِّ صَبرِكَ مَطمَعا |
|
فَما اِربَدَّ وَجهُ الخَطبِ إِلّا لَقيتَهُ | |
|
| بِصَفحَةِ طَلقِ الوَجهِ أَبلَجَ أَروَعا |
|
وَما كُنتَ أَهلاً أَن يُصيبُكَ حادِثٌ | |
|
| فَتُصبِحَ عَنهُ مُقصَدَ القَلبِ موجَعا |
|
فَلَولاكَ لَم يَسمَح مِنَ الدَهرِ جانِبٌ | |
|
| وَلا اِهتَزَّ أَعطافاً وَلا لانَ أَخدَعا |
|
فَأَنتَ الَّذي لَم يَنتَقِم غِبَّ قُدرَةٍ | |
|
| وَلَم يُؤثِرِ المَعروفَ إِلّا لِيَشفَعا |
|
مَتى تُسدِ نُعمى قيلَ أَنعَمَ مِثلَها | |
|
| يُقَل جَلَلٌ حَتّى إِذا قيلَ أَبدَعا |
|
وَإِن يَسَلِ العافونَ جَدواكَ يُعطِهِم | |
|
| جَوادٌ إِذا لَم يَسأَلوهُ تَبَرَّعا |
|
وَيُغرى بِتَوكيدِ الإِساءَةِ مُذنِبٌ | |
|
| فَيَلقاكَ بِالإِحسانِ أَغرى وَأَولَعا |
|
خَلائِقُ مُمهاةُ الفِرِندِ كَأَنَّها | |
|
| حَدائِقُ رَوضِ الحَزنِ جيدَ فَأَينَعا |
|
تُنافِحُها مِنها أَحاديثُ سُؤدَدٍ | |
|
| تَخالُ فَتيتَ المِسكِ عَنها تَضَوَّعا |
|
تَغَلغَلُ في الآفاقِ أَسرى مِنَ الصَبا | |
|
| وَأَشهَرَ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَسرَعا |
|
فَلَو صَرَفَت صَرفَ المَنونِ جَلالَةً | |
|
| لَكُنتَ بِمَحيا مَن تَوَدَّ مُمَتَّعا |
|
فَلا زِلتَ مَمنوعَ الحِمى مُسعَفَ المُنى | |
|
| إِذا كانَ شانيكَ المُصابَ المُفَجَّعا |
|
وَدُمتَ مُلَقّى أَنجُمِ السَعدِ باقِياً | |
|
| لِدينٍ وَدُنيا أَنتَ فَخرُهُما مَعا |
|