سِربٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَواتِها |
داني الصِفاتِ بَعيدُ مَوصوفاتِها |
أَوفى فَكُنتُ إِذا رَمَيتُ بِمُقلَتي |
بَشَرًا رَأَيتُ أَرَقَّ مِن عَبَراتِها |
يَستاقُ عيسَهُمُ أَنيني خَلفَها |
تَتَوَهَّمُ الزَفَراتِ زَجرَ حُداتِها |
وَكَأَنَّها شَجَرٌ بَدَت لَكِنَّها |
شَجَرٌ جَنَيتُ المرَّ مِن ثَمَراتِها |
لا سِرتِ مِن إِبِلٍ لَوَ اَنّي فَوقَها |
لَمَحَت حَرارَةُ مَدمَعِيَّ سِماتِها |
وَحَمَلتُ ما حُمِّلتِ مِن هَذي المَها |
وَحَمَلتِ ما حُمِّلتُ مِن حَسَراتِها |
إِنّي عَلى شَغَفي بِما في خُمرِها |
لَأَعِفُّ عَمّا في سَراويلاتِها |
وَتَرى الفُتُوَّةَ وَالمُرُوَّةَ وَالأُبُو |
وَةَ فِيَّ كُلُّ مَليحَةٍ ضَرّاتِها |
هُنَّ الثَلاثُ المانِعاتي لَذَّتي |
في خَلوَتي لا الخَوفُ مِن تَبِعاتِها |
وَمَطالِبٍ فيها الهَلاكُ أَتَيتُها |
ثَبتَ الجَنانِ كَأَنَّني لَم آتِها |
وَمَقانِبٍ بِمَقانِبٍ غادَرتُها |
أَقواتَ وَحشٍ كُنَّ مِن أَقواتِها |
أَقبَلتُها غُرَرَ الجِيادِ كَأَنَّما |
أَيدي بَني عِمرانَ في جَبَهاتِها |
الثابِتينَ فُروسَةً كَجُلودِها |
في ظَهرِها وَالطَعنُ في لَبّاتِها |
العارِفينَ بِها كَما عَرَفَتْهُمُ |
وَالراكِبينَ جُدودُهُمْ أُمّاتِها |
فَكَأَنَّما نُتِجَت قِيامًا تَحتَهُمْ |
وَكَأَنَّهُمْ وُلِدوا عَلى صَهَواتِها |
إِنَّ الكِرامَ بِلا كِرامٍ مِنهُمُ |
مِثلُ القُلوبِ بِلا سُوَيداواتِها |
تِلكَ النُفوسُ الغالِباتُ عَلى العُلا |
وَالمَجدُ يَغلِبُها عَلى شَهَواتِها |
سُقِيَت مَنابِتُها الَّتي سَقَتِ الوَرى |
بِيَدَي أَبي أَيّوبَ خَيرِ نَباتِها |
لَيسَ التَعَجُّبُ مِن مَواهِبِ مالِهِ |
بَل مِن سَلامَتِها إِلى أَوقاتِها |
عَجَبًا لَهُ حَفِظَ العِنانَ بِأَنمُلٍ |
ما حِفظُها الأَشياءَ مِن عاداتِها |
لَو مَرَّ يَركُضُ في سُطورِ كِتابَةٍ |
أَحصى بِحافِرِ مُهرِهِ ميماتِها |
يَضَعُ السِنانَ بِحَيثُ شاءَ مُجاوِلًا |
حَتّى مِنَ الآذانِ في أُخراتِها |
تَكبو وَراءَكَ يا ابنَ أَحمَدَ قُرَّحٌ |
لَيسَت قَوائِمُهُنَّ مِن آلاتِها |
رِعَدُ الفَوارِسِ مِنكَ في أَبدانِها |
أَجرى مِنَ العَسَلانِ في قَنَواتِها |
لا خَلقَ أَسمَحُ مِنكَ إِلّا عارِفٌ |
بِكَ راءَ نَفسَكَ لَم يَقُل لَكَ هاتِها |
غَلِتَ الَّذي حَسَبَ العُشورَ بِآيَةٍ |
تَرتيلُكَ السوراتِ مِن آياتِها |
كَرَمٌ تَبَيَّنَ في كَلامِكَ ماثِلًا |
وَيَبينُ عِتقُ الخَيلِ في أَصواتِها |
أَعيا زَوالُكَ عَن مَحَلٍّ نِلتَهُ |
لا تَخرُجُ الأَقمارُ عَن هالاتِها |
لا نَعذُلُ المَرَضَ الَّذي بِكَ شائِقٌ |
أَنتَ الرِجالَ وَشائِقٌ عِلّاتِها |
فَإِذا نَوَت سَفَرًا إِلَيكَ سَبَقتها |
فَأَضَفتَ قَبلَ مُضافِها حالاتِها |
وَمَنازِلُ الحُمّى الجُسومُ فَقُل لَنا |
ما عُذرُها في تَركِها خَيراتِها |
أَعجَبتَها شَرَفًا فَطالَ وُقوفُها |
لِتَأَمُّلِ الأَعضاءِ لا لِأَذاتِها |
وَبَذَلتَ ما عَشِقَتهُ نَفسُكَ كُلَّهُ |
حَتّى بَذَلتَ لِهَذِهِ صِحّاتِها |
حَقُّ الكَواكِبِ أَن تَزورَكَ مِن عَلٍ |
وَتَعودَكَ الآسادُ مِن غاباتِها |
وَالجِنُّ مِن سُتُراتِها وَالوَحشُ مِن |
فَلَواتِها وَالطَيرُ مِن وُكناتِها |
ذُكِرَ الأَنامُ لَنا فَكانَ قَصيدَةً |
كُنتَ البَديعَ الفَردَ مِن أَبياتِها |
في الناسِ أَمثِلَةٌ تَدورُ حَياتُها |
كَمَماتِها وَمَماتُها كَحَياتِها |
هِبتُ النِكاحَ حِذارَ نَسلٍ مِثلِها |
حَتّى وَفَرتُ عَلى النِساءِ بَناتِها |
فَاليَومَ صِرتُ إِلى الَّذي لَو أَنَّهُ |
مَلَكَ البَرِيَّةَ لَاستَقَلَّ هِباتِها |
مُستَرخَصٌ نَظَرٌ إِلَيهِ بِما بِهِ |
نَظَرَت وَعَثرَةُ رِجلِهِ بِدِياتِها |