كان المخيم |
|
و نما على زندي المخيمُ |
كيفما ينمو انتشاء الحلم فيهِ |
و كيفما كبرت بعمق الجرح أغنيتي.. |
تُفَتِّشُ عن ملامحَ تحتويني بَعْدَهُ. |
كُنا نجيء مع اقتسام الوردِ فلسفةَ الحكايا |
و المساء و أضلع الوتر الشريدة مثلنا |
و نروح مثلكَ في احتضار ظهيرة الوطن المُرَتَّقِ بالأكاذيب العتيقةِ |
كي نعود مُحَمَّلينَ بموسم الوجع الوليدِ |
نعانق الوهم الطريَّ |
لتنتشي الأحلام في زبد الحقيقة وحدها |
أو بين بيْنْ.. |
كان المخيمُ |
و انكسارُ الحلم صورةَ عاشقينِ |
و كنتُ وحدي.. |
الطائراتُ توزع القلقَ المُتاخِمَ للحدودِ |
و للحياةِ.. |
و تنسج الذكرى لقلبهما |
و صوتُ الموت يسخر من دمي |
و النهر متسعٌ رواياتٍ أُخَرْ |
و الحلم متسعٌ لألف قصيدة أخرى |
و لكن ليس لي |
وحدي أبي.. |
و الأرض تهدي للسماء ضفيرتي و الحبَّ |
لكن.. ليس لي |
فحملتُ جرحك في دمي |
و هربتُ من موتي المُعَنْوَنِ بالحماقة و انفجار الطيشِ |
من وطنٍ بلا ذكرى |
إلى ذكرى بلا وطنٍ |
بلا زمنٍ يخط ظلامَه. |
و لأن لي وجهَ الطواحين القديمة |
و الفيافى.. |
لعنةَ الوطن البعيدِ |
لأنني بعض من المنفى |
و لي المنفى |
استضافتني عيون الآبقين من الخداعِ |
و لعنةِ التاريخِ |
فاجنح يا فؤادي.. |
أنت بعض مدافن الفكر الممزق و السكوت.. |
و أنا بكاء الحاجز المجروح مثلكَ. |
لستَ أولَّ عائد بالخيبة العصماءِ |
لكن أول القتلى |
و آخر من يموت.. |
قيلولة الحلم استطالت يا أبي.. |
و قد اضمحلتْ خضرةُ الآتي |
فأثمرَ هجرتَيْنِ و موطنًا.. لمخيمي |
للجرحِ.. لكن ليس لي |
و الموت أعرفه و يعرفني |
و أسخر منه.. يسخر من دمي |
وحدي التجأت إليه |
أعطي كلَّهُ للراحلين لينثروه على ضفافِ المجدِ |
و الصحراءِ، كي تخضر من وجع البلادِ |
و لعنة المنفى |
و أعطيهِ "أنا" |
بل بعض بعضي.. |
لك أيها الموت المسافر فِيَّ عبري |
لا تتركوا كلي إليهِ |
فبعضنا ملك لأسوار المدينةِ |
بعضنا ملك لوجه الأرضِ |
صوتِ الحلمِ |
للاشيء لكن.. |
ليس لي |
أو ليس للموت الخصيبْ. |
يا قبة الزيتونِ |
يا وطن البعاد و موطن التشريدِ |
لا.. |
سأموت دون دمي |
و أترك نصفه للباحثين عن الملامحِ |
و الهوية و الوطن.. |
و أموت دون دمي |
و أترك نصفه الثاني لأمي |
ثم أتركني.. |
و أترك لي مُخَبَّئَةً جراحي و اغترابي. |
و المخيمُ.. |
حين يكبر فِيَّ.. أكبُرُ فيه |
نكبر في دم الماضي سريعًا |
عَلَّنا .. |
سأموت قربي أيها الماضي |
و حين أصيرُ "أنتَ" سأحمل التاريخَ |
صوب مزابل التاريخ مثلكَ |
مثلنا... |
أو مثل ثلاجاتنا المعطوبةِ. |
اسْترق الحنين الروحَ |
يا وطني المعبدَ بالحنينِ.. |
أنا استعار الحلمِ |
همهمة الندى للفجرِ |
حين أموت دوني |
لو عرفتُكَ قلتُ لا.. |
و لئن جهلتكَ ألف لا.. |
و لأنني لم أعرف اللاءات إلا في الأساطير القديمةِ |
قلتُ لا. |
و رأيتُني أهوي قبيل الحلمِ |
ثم أعاود الذكرى |
و أحتضن الشتاتَ فيحتويني |
ثم لا |
يا ريح لا.. |
يا قدس لا |
يا أرض لا |
يا عالمي المفتون بالأهوال لا |
سأعيش دون دمي.. |
و أكتب للحياةِ.. |
الباحثين عن الهوية و الملامحِ.. |
هل سيمنحني المخيم من وريقات الشتات؟ |
قد لا يهمّْ.. |
مني سأقطع ألف ألف وريقةٍ.. |
لكن أيمهلني الممات؟ |
كان المخيم.. |
أطهر الأشياء في عمري |
كان التماع الحق في وترٍ |
و في حجرٍ.. |
و في تعويذةٍ خُطَّت على صخرٍ |
و كانَ.. دواةَ حبرٍ من دمِ الماضي |
و داءِ الحلمِ |
زَفَّتْ ألفَ ألفِ قصيدةٍ |
حبلى بأوجاع الكتابة و الوطن.. |
يا أطهر الأشياء في زمني |
عشقتك مرتينْ.. |
و رميتُ غربتَكَ المنيعةَ باحتضاري |
مرتينْ.. |
و إليك عدت أضج بالذكرى |
و بالنَّفَسِ المدنسِ |
باقتسام الخبز و الوطنِ |
اقتسام الموتِ للتاريخِ |
للاشيء لكن.. |
ليس لي |