|
أنَّى التفتُّ وجدت أن الليل آذن بالرحيلْ
|
فالكل من حولي يسوق بشائر المجد الأثيل
|
الماء والأزهار والأطيار والظل الظليل
|
والجنة الغناء والأفياء والنسم العليل
|
وتمايل الأغصان مثل الغيد في دلٍّ تميل
|
والفجر وصوص من قريب يرقب الصبح الجميل
|
والبدر يحكي في العلا شمما بطولات الرعيل
|
والقلب وشوشني بأن الظلم أوشك أن يزول
|
فانظر إلى الفرسان في القسام إن تبغ الدليل
|
أرواحهم تهفو إلى العلياء جيلا بعد جيل
|
بالعزم بالإيمان بالإصرار بالصبر الجميل
|
ألحانهم عند اللقاء رنين قعقعة الصليل
|
وسنابك الأجياد صائلة وحمحمة الصهيل
|
وانظر إلى الطوفان بعد الطل يجتاح الفلول
|
لكأنه الضعفاء لما أقبروا الصمت الذليل
|
أعناقهم لما أطلوا خلتها جيد النخيل
|
نظراتهم كالبرق تفضح من تستر بالوحول
|
واكتن في جيب الظلام يروم مأوى أو سبيل
|
كم لاحق الشرفاء معتصما بأوكار الدخيل
|
كم ألهبت أسواطه ظهرا لأستاذ جليل
|
كم مزقت أنيابه جسدا لمغوار أصيل
|
كم من سليم بات من ركلاته أبدا عليل
|
كم لطخ الشرف الكريم لعفة كانت بتول
|
كم من فتى ألقاه في حسك الجوى يبكي الخليل
|
للسهد للآهات للعبرات للقد النحيل
|
يبكي يئن يصخ آذان الهجوع بلا عويل
|
من جرع الزغب الأسى من أورث الزهر الذبول
|
من هيج العبرات جمرا تلهب الخد الأسيل
|
من فجر الآهات نارا تلفح الجوف الغليل
|
واليوم تبحث عن مجير بعدما أزف الأفول
|
أيجار من أبكى المآذن في المثلث والجليل
|
أغواك أن لقبت إفكا صاحب الباع الطويل
|
فأخذت تفتك بالبراعم والحرائر والكهول
|
وولغت في نشر الرذيلة والدعارة والكحول
|
وتظن إذ أعماك غيك أنك الرجل الرجيل
|
واليوم أبت وقد علاك ذباب صمصام صقيل
|
وبدا لك الحق المتوج في الفيافي والسهول
|
وعلمت أنك لم تكن إلا رويبضة هزيل
|
فذهلت من وهج الحقيقة حين لا يغني الذهول
|
إذ أخرس الحق المبين رجيع أصداء الطبول
|
فاستبشر الضعفاء أن الحق باق لا يزول
|