آن النّشُورُ وَجاءَت ساعَةُ الأُمَمِ | |
|
| واعتَلّتِ الأرضُ إِذ حَرُّ الوَطِيس حمي |
|
طَمى بِهَا الخَطبُ حتى كادَ محوَرُها | |
|
| يزيح عَن مَركَزِ القُطبَينِ من ألَمِ |
|
مكمدةُ الوَجهِ تبكي مَن أقاموا بها | |
|
| كالقلبِ في الجسمِ أو كالنورِ في الظلمِ |
|
مصيبَة مَا دَهَتها منذ نشأتها | |
|
| حتى وَلا نَكبَةُ الطّوفَانِ في القِدَمِ |
|
كُنّا ظّنَنّا بأنّ السَيفَ دَولَتُهُ | |
|
| دالَت وأنّ القَضَايا في يَدش القَلَمِ |
|
فَخَانَنا الأمرُ لمّا جاءنَا نَبَأ | |
|
| أنّ القَضَايا بِغَيرِ السّيفِ لم تُرَمِ |
|
كانَت أوربّا قُبَيلَ اليومِ نحسَبُها | |
|
| أمُّ التّمدّنِ نُورَ الناسِ كُلّهمِ |
|
فيها المُلوكُ الألى مَدّوا أكُفّهمُ | |
|
| نحوَ السّلامِ لِرَفعِ الضّيمِ والنّقمِ |
|
حَتّى إِذا مَحّصَتهُم نارُ تَجرِبَةٍ | |
|
| خانوا العُهودَ وداسوا حُرمَةَ القَسَمِ |
|
قامَت قِيَامتهم من غيرِ ما سَبَبٍ | |
|
| حتى كَأنّ بِهِم ضرباً من اللَّمَمِ |
|
حُلّت مَوَاثيقهم جاشَت ضَغائِنُهم | |
|
| عافوا الإخاءَ وفّكّوا عُقدَةَ الرّحِمِ |
|
واستَنكُروا الله حتى باتَ دأبُهُمُ | |
|
| حَشدَ الجُيوشِ ودَفعَ الناسِ للضرَمِ |
|
أعطوا العَلامَةَ للمرَيخِ عن بَشَرٍ | |
|
| من بحرِ حربٍ بِنَارِ الموتِ مضط |
|
مِن كُلّ ماشٍ صَلِيلُ السيفِ يطربُهُ | |
|
| أو فارِسٍ عِندَه التّصهالُ كالنّغَمِ |
|
لاحَت بَيارِقُهُم في كلّ مُعتَرَكٍ | |
|
| في البرِّ في البحرِ في الأوداءِ في القمَمِ |
|
مُستَنشِقينض من البارُودِ رَائِحَةً | |
|
| كَأنّها من أريجِ الرّند والخزَمِ |
|
طارُوا لخوضِ المَنايا في مَرَاكِبِهم | |
|
| وإن تخُنهُم لَطارُوا في قُلوبِهمِ |
|
فَلَيلُهُم من شعاع البيض صُبحُهمُ | |
|
| وصبحُهُم من دُخانِ الحَربِ كالقَتَمِ |
|
كَم ناشرٍ عَلَماً في طَيّهِ كمنَت | |
|
| لهُ المَنِيّةُ وهوَ ناشرُ العَلًَمِ |
|
باللهِ يا قَبرَ نابوليون هَل فَلِقَت | |
|
| عظامُه فانبرَت في مجدها الهَرِمِ |
|
وقامَ فَوقَ صفوفِ الجَيشِ ترقُبُها | |
|
| نَفسٌ لهُ لِسِوَى العلياءِ لم تَقمِ |
|
حتى كَأنّ فتى الهَيجاءِ أودَعَها | |
|
| صُدورَهُم فَتَمَشّت في نُفُوسِهِم |
|
للهِ حَرَبٌ بها الأبطالُ عاكِفَةٌ | |
|
| مِن كلّ مُقتَحِمٍ للمَوتِ مُبتسِمِ |
|
حَربٌ أضاعَ ذوُو الألبَابِ فَهمهُمُ | |
|
| فيها وكلّ بصيرٍ من لظاها عَمِي |
|
حَربٌ تفتّحُ أبواب الجَحيمِ بِهَا | |
|
| وَيَفخرُ الدّهرُ في أحداثِهِ الحطمِ |
|
تَصُبّ ناراً عَلى الأبطَالِ آكِلَةً | |
|
| مِنَ المدافِعِ والمِنطَادِ كَالديمِ |
|
أثارَهَا سَيّدُ الألمَان عَن طَمَعٍ | |
|
| وسوفَ لا يجتَني منها سِوَى النّدمِ |
|
تلكَ الحقولُ التي كانَت تقيتهُمُ | |
|
| قَد أصبَحَت تَغتَذي غربانها بهمِ |
|
ظمآنَةٌ لا يُرَوّي الغَيثُ تُربتَهَا | |
|
| وفوقها جُثَثُ الأشلاءِ كَالأكَمِ |
|
يَبكي التمَدّنُ أزماناُ بِها خَفَقَت | |
|
| رَاياتُهُ بِسَلامٍ في رُبُوعِهِم |
|
تلك الرّبوع التي شادوا بِساحَتِهَا | |
|
| معاهِدَ العِلمِ أمسَت وهيَ كالرّجَمِ |
|
هُنَاكَ حُرّيّةٌ مقروحَةٌ لَطَمَت | |
|
| وَجهاً يَعِيثُ بِه جيشٌ من السقمِ |
|
يا حاكمينَ عِبَادَ اللهِ ويحَكُمُ | |
|
| أين العَدالة والإيفَاء للذّمَمِ |
|
مَاذا يحلّ بِكُم لمّا نُفُوسهمُ | |
|
| تشكو إِلى باعث الأموَاتِ من رَمَمِ |
|
كَم والدٍ قلبُه قد ذابَ من أسفٍ | |
|
| عَلى بَنِيهِ وأمٍّ دَمعُهَا كَدَمِ |
|
تَرنُو ِإلى قُبّةِ الأفلاك مجهِشَةً | |
|
| وتَستَغِيثُ بباري الخلقِ مِن عَدَمِ |
|
وغادةٍ كُلَّما جنَّ الظَّلامُ هَوَت | |
|
| على فِراشٍ تقاسي محنةَ الحُلُمِ |
|
طَوراً ترَى حبّها في الحرب منهَزماً | |
|
| وَتارَةً تَلتَقِيهش غير مُنهَزِمِ |
|
يبدو لها وجهه في زيِّ مُبتَهِجٍ | |
|
| أو شاحِبٍ بوشاحِ المَوتِ مُلتَثِمِ |
|
إن كان ما قد جَنَاهُ العلمُ مَهلَكَةً | |
|
| للنّاس يا لَيتَ دامَ الجهلُ لِلأُمَمِ |
|
أو كان لا بُدّ في الحالَينِ من كَدَرٍ | |
|
| للنّاس يا لَيتَ هذا العيش لم يَدُمِ |
|