كَشَفْتُ حِجَابَ الْسَّجْفِ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ | |
|
| فَزَحْزَحْتُ جِنْحَ اللَّيلِ عَنْ طَلْعَة ِ الْبَدْرِ |
|
وهتكتُ عن سينِ الثَّنايا لثامَها | |
|
| فأبصرتُ عينَ الخضرِ في ظلمة ِ الشَّعرِ |
|
وجاذبتُها سودَ الذوائبِ فانثنى | |
|
| عَلِيَّ قَضِيبُ الْبَانِ فِي الْحُلَلِ الْخُضْرِ |
|
وَقَبَّلْتُ مِنْهَا وَجْنَة ً دُونَ وَرْدِهَا | |
|
| وتقبيلِها شوكُ المثقَّفة ِ السمرِ |
|
تَأَتَّيْتُهَا فِي اللَّيْلِ كَالْصَّقْرِ كَاسِراً | |
|
| وَقَدْ خَفَقَتْ فِي الْجِنْحِ أَجْنِحَة ُ الْنُّسْرِ |
|
وَخُضْتُ إِلَيْهَا الْحَتْفَ حَتَّى كَأَنَّنِي | |
|
| أفتشُ أحشاءَ المنيَّة ِ عن سرّي |
|
وَشَافَهْتُ أَحْرَاساً إِلَى ضَوءِ وَجْهِهَا | |
|
| يَرَوْنَ سَوَادَ الطَّيْفِ إِذْ نَحْوَهَا يَسْرِي |
|
فَنَبَّهْتُ مِنْهَا نَرْجِساً زَرَّهُ الْكَرَى | |
|
| كَأَنِّي أَفُضُّ الْخَتْمَ عَنْ قَدَحَيْ خَمْرِ |
|
وبتنا وقلبُ الَّليل يكتُمنا معاً | |
|
| وغرّّتها عندَ الوشاة ِ بنا تغري |
|
وَإِذَا الصُّبْحُ فِي الظَّلْمَاءِ غَارَ غَدِيرٌ | |
|
| فَمَنْ ضَوْئِهَا لُجُّ السَّرَابِ بِنَا يَسْرِي |
|
فلوْ لمْ تردُّ الَّليلَ صبغة ُ فرعها | |
|
| عليها لكانَ الحيُّ في سرِّنا يدري |
|
وباتتْ تحلِّي السَّمع منا بلؤلؤٍ | |
|
| عَلَى عِقْدِهَا الْمَنْظُومِ مَنْثُورُهُ يُزْرِي |
|
كِلاَنَا لَهُ مِنَّا نَصِيبٌ فَجَامِدٌ | |
|
| على نحرهَايزهُو وجارٍ على نحري |
|
تباركَ منْ قدْ علمَ الظَّبي منطلقاً | |
|
| وَسُبْحَانَ مُجْرِي الرُّوحِ في دُمْيَة ِ الْقَصْرِ |
|
بِرُوحِيَ مِنْهَا طَلْعَة ٌ كُلَّمَا انْجَلَتْ | |
|
| تشمَّت في موتِ الدُّجى هاتفُ القُمْري |
|
ونقطة ُ خالٍ من عبيرٍ بخدِّها | |
|
| كحبَّة ِ قلبٍ أحَّجبته يدُ الذكرِ |
|
خلتْ منْ سواها مهجتي فتوطَّنت | |
|
| بها والمهى لمْ ترضَ داراً سوى القصر |
|
كأنَّ فمي منْ ذكرها فيها وطيبهِ | |
|
| قارة ُ بيتِ النَّحل أو دارة ُ العطرِ |
|
إِذَا زَيَّنَ الأَمْلاَكَ حِلْيَة ُ مَفْخَرٍ | |
|
| إذا خدُّها في القلب صوَّرهُ فكري |
|
أَرَدْتُ بِهَا التَّشْبِيبَ فِي وَزْرِ شَعْرِهَا | |
|
| فغزَّلت في البحر الطَّويلِ من الشعرِ |
|
وَصُغْتُ الرُّقَى إِذْ عَلَّمَتْنِي جُفُونُهَا | |
|
| بِنَاءَ الْقَوَافِي السَّاحِرَاتِ عَلَى الْكَسْرِ |
|
أُجَانِسُ بِاللَّفْظِ الرَّقِيقِ خُدُودَهَا | |
|
| وَأَلْحَظُ بِالْمَعْنَى الدَّقِيقِ إِلَى الْخَصْرِ |
|
أَمَا وَالْهَوَى الْعُذْرِيِّ لَوْلاَ جَبِينُهَا | |
|
| لَمَا رُحْتُ فِي حُبِّي لَهَا وَاضِحَ الْعُذْرِ |
|
ولولا الَّلآلي البيضِ بين شفاهها | |
|
| لَمَا جَادَ دَمْعِي مِنْ يَوَاقِيتِهِ الْحُمْرِ |
|
شُغِفْتُ بِهَا حُبّاً فَرَقَّتْ رَقَائِقِي | |
|
| وَمَلَّكْتُ رِقِّي حَيْدَرَاً فَسَمَا قَدْرِي |
|
خُلاَصَة ُ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ مُطَّهَراً | |
|
| سلالة ُ آباءٍ مطهَّرة ٍ غوِّ |
|
حليفُ النَّدى واليأسِ والحلمِ والنُّهى | |
|
| أخو العدلِ والإحسانِ والعفوِ والبِّرِ |
|
جَمَالُ جَبِينِ الْبَدْرِ وَالنَّيِرُ الَّذِي | |
|
| بِطَلْعَتِهِ قَدْ أَشْرَقَتْ غُرَّة ُ الدَّهْرِ |
|
فتى جاءَ والأيَّامُ سودٌ وجوهها | |
|
| فَأَصْبَحَ كالتَّوْرِيدِ فِي وَجْنَة ِ الْعَصْرِ |
|
وأضحتْ وجوهُ المكرماتِ قريرة | |
|
| ً بمولدهِ والصَّدر منشرحُ الصَّدرِ |
|
وأينعَ منْ بعدِ الذُّبول بهِ النَّدى | |
|
| فغرَّدَ في أفنائهِ طائرُ الشُّكرِ |
|
ووافى المعاليَ بعدَ تشتيت شملها | |
|
| فأحسنَ منها النَّظمَ بالنَّائلِ النثري |
|
أَرَقُّ مِنَ الرَّاحِ الشَّمُولِ شَمَائِلاً | |
|
| وألطف خلقاً من نسيمِ الهوى العذري |
|
إذا زيَّنَ الأملاكَ حلبة ُ مفخرٍ | |
|
| فَفِيهِ وَفِي آبَائِهِ زِيْنَة ُ الْفَخْرِ |
|
تكلِّمه في الصدقِ آياتُ سورة | |
|
| ٍ ولكنَّه في السَّمعِ في صورة ِ السِّحرِ |
|
تسمِّيهِ باسمِ الجد عندي كناية ٌ | |
|
| كَمَا يَتَسَّمَى صَاحِبُ الْجُودِ بِالْبَحْرِ |
|
إِذَا بِأَبِيهِ قِسْتَ مِصْبَاحُ نُورِهِ | |
|
| تيقَّنتهُ من ذلكَ الكوكبِ الدُّري |
|
يَرِّقُ وَيَصْبُو رَحْمَة ً وَصَلاَبَة | |
|
| ً فيجري كما تجري العيونُ من الصَّخرِ |
|
سما للعلاقِ والشُّهبُ تطلبُ شأوه | |
|
| فعبَّرَعند السَّبق عن جهة ِ الغفرِ |
|
فلو كانَ حوضُ المزنِ مثلَ يمينه | |
|
| لما هطلتْ إلاَّ بمستحسنِ الدُّرِ |
|
ولو منبتُ الزَّقُّومِ يسقى بجودهِ | |
|
| لما كانَ إلاَّ منبتَ الوردِ والزَّهرِ |
|
يهزُّ سيوفَ الهندِ وهي جداولٌ | |
|
| فتقذفُ في أمواجها شعلَ الجمرِ |
|
وَيَحْمِلُ أَغْصَانَ الْقَنَا وَهْيَ ذُبَّلٌ | |
|
| فَتَحْمِلُ فِي رَاحَاتِهِ ثَمَرَ النَّصْرِ |
|
ويسفرُ عنْ ديباجتيهِ لثامهُ | |
|
| فيلبس عظفَ الَّليلِ ديباجة َ الفخرِ |
|
ويسلبُ نحرَ الأفقِ حلية َ شهبهِ | |
|
| فيغنيهِ عنها في خلائقهِ الزُّهرِ |
|
سحابٌ إذا ما جاءَ يوماً تنوَّرت | |
|
| رياضُ الأماني البيض بالورق الصُّفرِ |
|
بوارقهُ بيضُ الحديدِ لدى الوغى | |
|
| ووابلهُ في سلمهِ خالصُ التِّبرِ |
|
لَهُ فِطْنَة ٌ يَوْمَ الْقَضَا عِنْدَ لَبْسِهِ | |
|
| تفرِّقُ ما بينَ السُّلافة والسُّكرِ |
|
وعزمٌ يذيبُ الرَّاسياتِ إذا سطا | |
|
| فَتَجْرِي كَمَا يَجْرِي السَّحَابُ مِنَ الذُّعْرِ |
|
وَعَدْلٌ بِلاَ نَارٍ وَضَرْبٍ يَكَادُ أَنْ | |
|
| يُقَوَّمَ فِيْهِ الإِعْوِجَاجَ مِنَ الْبُتْرِ |
|
وَسُخْطٌ لَوَ أَنَّ النَّحْلَ تَرْعَى قَتَادَهُ | |
|
| لمجَّتهُ من أفواهها سائلَ الصَّبرِ |
|
وَلُطْفٌ لَوَ انَّ الرُّقْشَ فِيْهِ تَرَشَّفَتْ | |
|
| لبُدِّلَ منها السُّمُ بالسُّكَّرِ المصري |
|
يعيدُ رفاتَ المعتفينَ كأنَّما | |
|
| تفجَّرَ في راحاته موردُ الخضرِ |
|
إذا مرَّ ذكرُ الفاخرينَ فذكرهُ | |
|
| كَفَاتِحَة ِ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ الذِّكْرِ |
|
فيا ابنَ عليٍّ وهي دعوة ُ مخلصٍ | |
|
| لدولتكمْ بالسرِّ منهُ وبالجهرِ |
|
لقد زادت الأيَّام فيكَ مسرَّرة | |
|
| وفاقَ على وجهِ العلا رونقُ البشرِ |
|
وَعَزَّتْ بِكَ الأَيَّامُ حَتَّى كَأَنَّمَا | |
|
| لَيَالِيكَ فِيْهَا كُلُّهَا لَيْلَة ُ الْقَدْرِ |
|
فَفِي يَدِكَ الْيُمْنَى الْمَنِيَّة ُ وَالْمُنَى | |
|
| ويمنٌ لمن يبغي الأمانَ من الفقرِ |
|
فَلاَ بَرِحَتْ فِيْكَ الْعُلاَ ذَاتَ بَهْجَة | |
|
| ٍ ولازالَ فيكَ المجدُ مبتسمَ الثَّغرِ |
|