أشهابٌ في دجى الليل ثَقَبْ |
أم سراجٌ نارهُ ماءُ العنب |
أم عروسٌ فوق كرسيِّ يدي |
يجتليها اللهو في عقد الحبب |
يا شقيق النفس، أنفاس الصَّبا |
بردت، والصبح لاشكّ اقترب |
قمْ أمتِّعك بعيشٍ لمْ تَقَعْ |
في صفاءٍ منهُ أقذاءُ النوب |
فلقد حان لضوء الفجر أنْ |
يضربَ السرحانُ فيه بذنبْ |
فأدِرْهَا تَحْتَ لَيْلٍ سَقْفُهُ |
ظلمة ٌ فيها من النور ثقب |
أو على برقِ سماءٍ ضاحكٍ |
غيمُهُ بالدّمْع منه منسكِب |
سَكِرَ الرّوْضُ وغنَّى طيرُهُ |
أفلا ترقصُ قامات القضب |
هات دراً فيه ياقوتٌ وخذ |
جسمَ ماءٍ حاملاً روحَ لهب |
قهْوَة ً لو سُقِيَتْها صخرة |
ٌ أورقتْ باللّهو منها والطَّربْ |
يجذبُ الرُّوحَ إليه روحُها |
ألطف الشيءين عندي ما انجذب |
وُلِدْتْ بالشّيبِ في عنقودها |
وهِيَ اليومَ عجوزٌ لم تشب |
كلَّما مَوّجَهَا المزنُ أرَتْ |
حبب الفضة في ماء الذهب |
ما درى خمَّارُها عاصِرَها |
فحدِيثُ الصدق فيها كالكذب |
خندريس عتقت في أجوفٍ |
من دم العنقود مملوء نخبْ |
واضعٌ كفّيه في أخصاره |
وقيامٌ في قعود قد وجب |
دفنوا اللذّة فيها حية |
ً وأتى الدهرُ عليها.. وذهب |
ظَنَّهُ كنزا فلمَّا انْتسَبَتْ |
منه للأنف درى ذاك النسب |
قلتُ إذا أبرَزَها في قعبه |
: أهيَ بنت الكرم أم أمّ الحقب |
قتلتني وهي بي مقتولة |
ٌ صولة ُ الميت على الحيّ عجب |
كيفَ لا تصرعني صوّالة |
ٌ وهي منِّي في عروقٍ وعصب |
ومليح الدلّ إنْ علّ بها |
قلتَ نجمٌ في فمِ البدر غرب |
شعشع القهوة َ في صوب الحيا |
وسقانِي فضلة ً مما شربْ |
فتلاقى في فمي من كأسِهِ |
ماءُ كَرْمِ وغمامٌ وَشَنَبْ |
وشدا من مدح يحيى نغماً |
هزَّ منه الملكُ عِطفيه طَرَبْ |
من معزِّ الدين في الفخر له |
خيرُ جَدٍّ، وتميمٌ خيرُ أبْ |
مَنْ له وَجْهُ سمَاحٍ سافرا |
أبداً للمجتدي لا ينتقب |
ملكٌ عن ثغرة ِ الدين اتقى |
ورمى الأعداءَ بالجيش اللجب |
في سرير الملك منه قمرٌ |
يُجتلى يومَ العطايا بالسحب |
طاهرُ الأخلاق مألوفُ العلى |
طيِّبُ الأعراق مصقول الحسب |
عادلٌ تعكف بالحمد على |
ذكره أفواهُ عُجمٍ وعرب |
سالبٌ منه الندى ما سَلَبَتْ |
من أعاديه عواليه السُّلُبْ |
في نصابٍ لم يزل من حمير |
مُعْرِقاً في كلّ قَوْمٍ مُنْتَخَبْ |
بُهْمٌ إنْ ذُكِرَ الجيشُ بِهِم |
ْ هالَ منه الرعبُ واشتدّ الرّهَب |
والحديدُ الصلبُ لولا بأسُهُ |
لم يخَفْ في الطعنِ من لين القصب |
أثبت الإقدامُ في أنفسهِم |
أنَّ مُرَّ الضّرْبِ حُلْوٌ كالضَّرْبِ |
يتّقي فيضَ النّدى مَنْ كَفّهُ |
عيل منه لدغ دهر يَنتهِب |
وإذا ما ضحكت سنّ الرضى |
منه لم يُخشَ عبوسٌ في الغضب |
كلّ قطر منه يلقى مشرباً |
من جداه ولقد كان سرب |
يحسب الطودَ حصاة ً حِلْمُهُ |
وتظنّ البحرَ نعماهُ ثُغَب |
نال أهلُ الفضل منه فضلهم |
ومن الشمس سنا نور الشّهب |
تتّقِي الأعداءُ منه سطوة |
ً وهو في ظلّ علاه مُحتجب |
والهصور الوردُ يخشى وثبه |
وهو في الغيل مقيمٌ لم يثب |
كم فمٍ طاب لنا من ذكره |
فهو كالمسكِ، وكم ثغر عَذُب |
وكأنَّ الرَّوضَ في أوصافِهِ |
تُغْمَسُ الأشْعار فيه والخطب |
ثابتٌ كالطود في معترك |
جائلِ الأبطال خفَّاقِ العَذَبْ |
ورؤوس بالمواضي تُختلى |
ونفوسٌ بالعوالي تُنتهب |
كم شجاعٍ خاض في مهجته |
بسنانٍ في الحيازيم رسب |
قلمٌ يمشق في الطعن فقلْ |
أمحا العيش أم الموت كتب |
أيها الوصلُ من إحسانه |
سبباً من كل منبٍ السبب |
ربّ رأيٍ لك جهزتَ به |
جحفلاً ذاقَ العدى منه الشجب |
كنتَ يوم الحرب عنه غائباً |
وظُبى نصركَ فيه لم تغب |
كالذي يلعب في شطرنجه |
رأيُهُ عنه تَخَطَّى في اللّعب |
أنا من صاح به يوم النوى |
عن مغانيه غرابٌ فاغترب |
طفت في الآفاق حتى اكتهلت |
غُرْبَتِي واحتنكتْ سنّ الأدب |
ثمَّ أقبلتُ إلى المَلْكِ الَّذِي |
مدّ بالطول على الدنيا طنب |
مَنَح العلياء كَفَّيْ ناقِدٍ |
فانتقى الدرّ وأبقى المخشلب |
فَلَعَلِّي ببقايا عُمُري |
منه أقضي البعضَ من حقٍّ وَجبْ |