قُتِلَ الْحَرِيْرِيْ، فَالْعَمَاْرُ خَرَاْبُ
|
وَالْبَيْتُ قَفْرٌ، وَالدِّيَاْرُ يَبَاْبُ
|
وَبِكُلِّ قَلْبٍ حَسْرَةٌ مَكْبُوْتَةٌ
|
وَبِكُلِّ بَيْتٍ مَأْتَمٌ، وَمُصَاْبُ
|
فَدَمُ الَحَرِيْرِيْ طَاْهِرٌ، وَمُطَهِّرٌ
|
وَدَمُ الْحَرِيْرِيْ لِلْعَرُوْسِ خِضَاْبُ
|
وَعَرُوْسُهُ بَيْرُوْتُ!! مَهْمَاْ حُوْصِرَتْ
|
تَعْلُوْ لَهَاْ ضِمْنَ الْقُلُوْبِ قِبَاْبُ
|
تعلو الْجَوَاْمِعُ، وَالكَنَاْئِسُ حَيْثُمَاْ
|
حُفِظَتْ لأَبْطَاْلِ الْوَغَىَ أَنْسَاْبُ
|
وَكَرَاْمَةٌ، وَأَمَاْنَةٌ، وَحَصَاْنَةٌ
|
وَمَكَاْنَةٌ تَسْمُوْ بِهَا الآدَاْبُ
|
بَيْرُوْتُ تَبْكِيْ عُرْسَهَاْ، وَعَرِيْسَهَاْ
|
وَعَلَيْهِ يَبْكِي الأَهْلُ، وَالأَصْحَاْبُ
|
بَيْرُوْتُ أَرْمَلَةٌ، وَنَهْرُ دُمُوْعِهَاْ
|
بَحْرٌ، وَأَحْلاْمُ الزِّفَاْفِ سَرَاْبُ
|
قَتَلُوا الْعَرِيْسَ، وَشَاْرَكُواْ بِجَنَاْزَةٍ
|
رُفِعَتْ، وَهَاْمَ بِحُبِّهَا الأَقْطَاْبُ
|
وَاسْتَقْطَبَتْ خَيْرَ الطَّوَاْئِفِ، وَانْحَنَتْ
|
لِسَنَاْئِهَاْ، وَبَهَاْئِهَا، الأَحْزَاْبُ
|
خَاْنُوْهُ!! يَاْ بَيْرُوْتُ!! فِيْ وَضَحِ الضُّحَىْ
|
وَتَكَاْلَبَتْ ضِدَّ الشَّهِيْدِ ذِئَاْبُ
|
ضُمِّي الْعَرِيْسَ، وَهَيِّئِيْ لِرُفَاْتِهِ
|
صَدْرَ الأَمِيْنِ، فَإِنَّهُ وَهَّاْبُ
|
شَهْمٌ، كَرِيْمٌ، لاْ يُشَقُّ غُبَاْرُهُ
|
عِنْدَ الْعَطَاْءِ، وَخَصْمُهُ نَهَّاْبُ
|
وَالْقَاْتِلُوْنَ الْمُجْرِمُوْنَ شَرَاْذِمٌ
|
دَمَوِيَّةٌ، وَشِعَاْرُهَا الإِرْهَاْبُ
|
تَعْدُوْ عَلَى الأَخْيَاْرِ حَسْبَ مِزَاْجِهَاْ
|
وَبِغَدْرِهَاْ تَتَحَيَّرُ الأَلْبَاْبُ
|
مَاْ عِنْدَنَاْ شَكٌّ بِأَنَّ عِصَاْبَةً
|
بِقَدِيْمِنَاْ، وَحَدِيْثِنَاْ تَرْتَاْبُ
|
سَفَكَتْ دِمَاْءَ الطَّيِّبِيْنَ، وَعَرْبَدَتْ
|
فَتَنَمْرَدَ السَّفَّاْحُ وَالنَّصَّاْبُ
|
وَاسْتَعْذَبَتْ قَهْرَ الأَكَاْبِرِ عَنْوَةً
|
فَتَرَاْقَصَتْ لِجُيُوْشِهَاْ الأَذْنَاْبُ
|
وَتَأَلَّمَ الشُّرَفَاْءُ فِيْ أَوْطَاْنِهِمْ
|
وَتَيَتَّمَّ الْعُلَمَاْءُ، وَالطُّلاْبُ
|
وَالصَّاْبِرُ الْمَقْهُوْرُ صَاْرَ مُصَابُهُ
|
جَلَلاً، وَصَاْلَ الْمُجْرِمٌ الْكَذَّاْبُ
|
يُرْغيْ، وَيَهْتِفُ: إنَّ مَنْ قَتَلَ الْفَتَىْ
|
شَبَحٌ مُخِيْفٌ مُرْعِبٌ قَصَّاْبُ
|
وَالْقَتْلُ فِيْ عُرْفِ الْعِصَاْبَةِ وَاْرِدٌ
|
لاْ سِيَّمَاْ إِنْ لاْحَتِ الأَسْلاْبُ
|
وَبِعُرْفِهَاْ سَلْبُ الْرَّفِيْقِ غَنِيْمَةٌ
|
تُعْطَىْ لَهَا الأَنْوَاْطُ، وَالأَلْقَاْبُ
|
فَعِمَادُهَاْ لِصٌّ يَخُوْنُ لِوَاْءَهَاْ
|
وَعَرِيْفُهَاْ وَنَقِيْبُهَاْ نَقَّاْبُ
|
نَقَبُوا الْبُيُوْتَ، وَهَرَّبُوْا أَبْوَاْبَهَاْ
|
وَاسْتَسْلَمَ الْفَرَّاْشَ، وَالْبَوَّاْبُ
|
أَحْفَاْدُ هُولاْكُوْ، وَتِيْمُوْرَ الَّذِيْ
|
لَمْ تَنْسَهُ الأَعْجَاْمُ، والأَعْرَاْبُ
|
هَجَمُوْا عَلَىْ لُبْنَاْنَ لَيْلاً حِيْنَمَاْ
|
فُتِحَتْ لَهُمْ مِنْ حَوْلِهِ الأَبْوَاْبُ
|
فَتَسَلَّلُوْا بِحُفَاْتِهِمْ، وَعُرَاْتِهِمْ
|
فَاسْتَهْجَنَتْ فِعْلَ الْجُنَاْةِ كِلاْبُ
|
وَبِهِمَّةٍ سُفْلِيَّةٍ مُنْحَطَّةٍ
|
فَتَكُوْا، فَنَاْحَتْ أَنْهُرٌ، وَهِضَاْبُ
|
بَيْرُوْتُ! يَاْ بَيْرُوْتُ! أَنْتِ بَهِيَّةٌ
|
مَهْمَاْ تَخَاْذَلَ، وَانْحَنَى الْحُجَّاْبُ
|
فِيْكِ الْمَسِيْحُ، وَفِيْكِ رَهْطُ مُحَمَّدٍ
|
وَلِكُلِّ قَوْمٍ فِيْ حِمَاْكِ كِتَاْبُ
|
عَيْنُ الْمِرَيْسَةِ لَنْ تَجِفَّ دُمُوْعُهَاْ
|
حَتَّىْ تُزِيْلَ شُكُوْكَهَا الأَسْبَاْبُ
|
وَيُحَصْحِصَ الْحَقُّ الصَّرِيْحُ صَرَاْحَةً
|
وَيَعِيْشَ أَحْبَاْبٌ لَهُمْ أَحْبَاْبُ
|
قُتِلُوْا بِنَاْرِ الْغَدْرِ فِيْ أَوْطَاْنِهِمْ
|
ظُلْماً، فَلَيْسَ سِوَى الْقِصَاْصِ جَوَاْبُ
|
سَتَظَلُّ أَرْوَاْحُ الْكِرَاْمِ مَشَاْعِلاً
|
لِيُنَاْرَ فِيْ لَيْلِ الشُّعُوْبِ شِهَاْبُ
|
وَلَئِنْ مَحَا التَّفْجِيْرُ فَجْرَ تَحَرُّرٍ
|
فَالْفَجْرُ آتٍ، وَالصُّمُوْدُ صَوَاْبُ
|
وَمَشَاْعِلُ الْحُرِّ الْحَرِيْرِيْ لأْلأْتْ
|
نُوْراً، فَلاْ أَخْفَى الضِّيَاَءَ ضَبَاْبُ
|
قَتَلُوا الْمُكَاْفِحَ فِيْ عَمَاْرِ بِلاْدِهِ
|
ظُلْماً وَسُنَّتْ لِلأَذَى الأَنْيَاْبُ
|
ثَأْرُ الْحَرِيْرِيْ فِي الرِّقَاْبِ أَمَاْنَةٌ
|
وَبِفَضْلِهِ يَتَحَدَّثُ الْمِحْرَاْبُ
|
وَيَقُوْلُ لِلثُّوَّاْرِ: شُدُّوْا عَزْمَكُمْ
|
مَاْ مَاْتَ شَهْمٌ خَلْفَهُ نُوَّاْبُ
|
وَالْقَتْلُ ظُلْمٌ، وَالْقِصَاْصُ عَدَاْلَةٌ
|
وَالثَّأْرُ حَقٌّ، حَقُّهُ الإِيْجَاْبُ
|
هذه القصيدة من البحر الكامل
|
|
|
|
موقع د. محمود السيد الدغيم: | |
|
|