مُرِ القَوَافِي تَجِيءُ طُوْعاً وَلاَ عَجَبَا | |
|
| عَلَّ الْقَوَافِي تُوَدِّي بَعْضُ مَا وَجَبَا |
|
صِغْهَا عُقُوداً لِهَذَا الْيَوْمَ مِنْ دُرَرٍ | |
|
| وَحَيِّ فِيهَا العُلاَ وَالْعِلْمَ وَالأَدَبَا |
|
فَالْيُوْمُ عِيدٌ لِهَذَا القُطْرِ أَجْمَعَهِ | |
|
| هَنِّيءْ بِهِ الشَّرْقَ والسُوْدَانَ وَالعَرَبَا |
|
فَانْشُدْ نَشِيدَ الأَمَانِي رُبَّ قَافِلَةٍ | |
|
| قَدْ أَبْطَأَتْ في السَّرَى تَشْدُو بِهِ حُقُبَا |
|
حَلَّقْ مَعِ الْفَلكِ الدَوَّارِ في فَلَكٍ | |
|
| وَزُحُ أَنْ اسْطَعْتْ عَنْ أَسْرَارِهِ حُجُبَا |
|
وَانْظُرْ بِعَيْنَيْكَ خَطَّ الْقَضَاءُ بِهِ | |
|
| في اللَّوْحِ وَاقْرَأْ لَنَا مَا فِيهِ قَدْ كُتِبَا |
|
فَذَاكَ عُمْرِي وَرَاءَ الْحُجْبِ مَسْتَتِرٌ | |
|
| عَلَيْهِ سُورٌ مِنَ الأَنْوَارِ قَدْ ضُرِبَا |
|
وَاهْبِطْ إلى الأَرْضِ خَبِّرْنَا بِمَا سَمِعَتْ | |
|
| أُذْنَاكَ أَنَّ لَنَا في سَمْعِهِ أَرَبَا |
|
وَانْثُرْ عَلَى الْوَادِي مِنْ عِلْمٍ وَمِنْ أَدْبٍ | |
|
| فَإِنَّ ذَا الشَّعْبِ يَهْوَى العِلْمَ وَالأَدَبَا |
|
حَدِّثْهُ كَيْفَ سَمَتْ أَرْوَاحُنَا زَمَناً | |
|
| وكَيْفَ كُنَّا عَلَى رُغْمِ العِدَى الْعَرَبَا |
|
وَكَيْفَ كَانَتْ لَنَا الأَيَّامُ طَائِعَةً | |
|
| كَمَا تَشَاءُ فَلَمْ تُهْمِلْ لَنَا طَلَبَا |
|
حَدَّثْ بَنِي الْنِّيْلِ عِنْ كَثَبٍ | |
|
| عَنِ الأَمِينِ عَنِ الْمأَمُونِ إِذْ غَضِبَا |
|
سَالَتْ دِمَاءُ بَنِي العَبَّاسِ بَيْنَهُمَا | |
|
| الْمُلْكُ أَسْمَى وَأَعْلَى مِنْ دَمٍ سَكَبَا |
|
بَغْدَادُ كَانَتْ مَنَاراً لِلْعُلُومِ فَمَا | |
|
| لِلْعِلْمِ مِنْ طَالِبٍ إِلاَّ لَهَا طَلَبَا |
|
لاَ تُشْرُقُ الشَّمْسُ إِلاَّ في مَنَائِرِهَا | |
|
| وَلَيْسَ يَغْرُبُ عَنْهَا الْبَدْرُ مَا غَرُبَا |
|
وَصِفْ لَنَا كَيْفَ دَالَتْ وَامَحَتْ دُوَلٌ | |
|
| وَكَيْفَ جَيْشُ حُمَاةِ الشَّرْقِ قَدْ غُلِبَا |
|
وَمَا دَهَى الْشَّرْقَ في ابْنَاهُ قَاطِبَةً | |
|
| فأَصْبَحَ الرَّأْسُ مِنْ أَبْنَائِهِ ذَنَبَا |
|
قَدْ أَثْقَلَتْنَأ قُيودٌ لاَ نُهُوضَ بِهَا | |
|
| وَإِنْ يَكُ صَائِغُ قَدْ صَاغَهَا ذَهَبَا |
|
أَعِدْ عَلَى مَسْمَعِي ذِكْرَ الأُلَى سَلَفُوا | |
|
| فَرُبَّ ذِكْرَى مَحَتْ فِيْمَا مَحَتْ كَرَبَا |
|
وَرُبَّ ذِكْرَى سَرَتْ في جِسْمِ سَامِعِهَا | |
|
| وَرَدَّتِ الرُّوْحَ فِيهِ بِعْدَمَا ذَهَبَا |
|
فأَنْتَ كَالْوَحْيِّ لَمْ تَهْبِطْ عَلَى بَلَدٍ | |
|
| إِلاَّ رَأَيْنَا بِهِ الآيَاتِ وَالعَجَبَا |
|
كَمُحَكَّمِ الآي وَالتَّنْزِيلِ جِئْتَ بِهِ | |
|
| وَقَدْ مَلأْتَ بِهِ الأَشْعَارَ وَالْكُتُبَا |
|
فَيَا أَمِيرَ الْقَوَافِي رُبَّ مَمْلَكَةٍ | |
|
| أَنَارَ قَوْلُكَ فِيهَا جَيْشَهَا اللُّجَبَا |
|
وَرُبَّ قَوْلٍ جَرَى مِنْ فِيكَ حَزْتُ بِهِ | |
|
| في عَالَمِ الشِّعْرِ دُوْنَ العَالَمِ القَصَبَا |
|
فَمَا حَدَا الحَادِي إِلاَّ مِنْ قَصَائِدِكُمْ | |
|
| وَلاَ شَدَا بُلْبُلٌ إِلاَّ بِهَا طَرَبَا |
|
وَلاَ تَغَنَّى فَتَىً في الشَّرْقِ قَافِيَةً | |
|
| إِلاَّ وَشِعْرُكَ مَا أَوْحَى وَمَا كَتَبَا |
|
لَوْ كُنْتُ في الوَادِي ذَا مَالٍ أَقَمْتُ لَكُمْ | |
|
| تَمْثَألَ دُرِّ وَلَمْ أَرْضِ بَهِ الذَّهَبَا |
|
وَقُلْتُ لِلنًّاسِ طُوْفُوا حَوْلَهُ أَبَداً | |
|
| مِثْلَ الْحَجِيجِ فَهَذَا كَعْبَةُ الأَدَبَا |
|
فَارْجَعْ إلى مِصْرَ في أَمْنٍ وَعَافِيَةٍ | |
|
| وَزُرْ دِمَشْقَ وَزُرْ بَغْدَادَ زُرْ حَلَبَا |
|
وَصِفْ لَهُمْ مَا رَأَتْ عَيْنَاكَ في بَلَدٍ | |
|
| أَبْنَاهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلاَّ العُلا طَلَبَا |
|
فَإِنْ أَصَاخُوا لِمَا تُمْلِيهِ وَاسْتَمَعُوْا | |
|
| فَاخْبِرْهُمُ عَنْ بَنِي السُّودَانِ خَيْرَ نَبَا |
|
وَقُلْ لَهُمْ إِنَّا لَمْ نَزَلْ هَدَفاً | |
|
| لِكُلِّ رَامٍ وَمَنْ قَدْ لاَمَ أَوْ عَتَبَا |
|
لاَ نَعْرِفَ النَّوْمَ إِلاًّ خِلْسَةً غَضَبَاً | |
|
| وَالحُرُّ إِنْ مَسَّهُ مَا سَاءَهُ غَضِبَا |
|
النِّيلُ في الْوَادِي يَرْوي كُلَّ ذِي ظَمإِ | |
|
| وَلَيْسَ فِينَا فَتىً مِنْ مَائِهِ شرِبَا |
|
لَنَا إِلَيْهِمْ حَنِينٌ دَائِمٌ وَهَوىً | |
|
| مَهْمَا تَدَارى بِهِ عُذَّالُنَا حَلَبَا |
|
فَهُمْ لَنَا إِخْوَةٌ بَلْ هُمْ أَشِقَّتُنَا | |
|
| وَمِصْرُ لَمَّا تَزَلْ أُمًّا لَنَا وَأبَا |
|
الشَّرْقُ يَجْمَعُنَا وَالنِّيلُ يَرْبِطُنَا | |
|
| كَوِحْدَةٍ جَمَعَتْ مَا بَيْنَهَا العَرَبَا |
|
أَمَّا الْمَلِيكُ فَإِنَّا لاَ نَكُنُّ لَهُ | |
|
| إِلاَّ الوَلاءَ وَإِلاًّ الحُبَّ وَالأَدَبَا |
|