عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
الشعراء الأعضاء .. فصيح > مصر > مراد الساعي ( عصام كمال ) > صافرة الرحيل ( نص نثري )

مصر

مشاهدة
1663

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

صافرة الرحيل ( نص نثري )

صافرة الرَّحيل
أَطلقَ الْقطارُ صَافرةَ الرَّحيلِ، وَالْقلبُ يئِنُ أَنِينًا كالْعَليلِ، والزَّادُ عَلى الدَّربِ قليل. صَمتٌ طََويلٌ، يَنشرُ الْماضي شِراعَه
، أمضي وَأَحْزاني بِقلبي، تَتَراقصُ علَى جَمرٍ وَعَويلٍ، أُعَانقُ قَدرًا ودروبًا وخيالاً وربَّما أوهامًا .
أُطلُّ وَالليلُ مِنْ نافذةٍ بالْجِوارِ، أَشْيَاءٌ، وَأَشْبَاحٌ، تَعدُو، تَلهثُ، خَلفَ الْقِطََارِ
دَمعٌ يَبرُقُ بَينَ رَعيدٍ وَأَمْطََارٍ، تَخْتَفي الْبيوتُ وَالزِّرُوعُ وَالْخُطواتُ، والرِّيحُ توقظُ السّكونَ تنتزعُ كِبريَاءَ الأَشْجارِ
وَتَسْحقُ غَوثَ الأطيارِ، كلُّ الدّرُوبِ قد غََشَاها السَرابُ، غَابَ الإِبصَارُ، وَشَابتْ الأََبصَارُ .
مَحَطّاتٌ، وَمَحَطّاتٌ، دُخَانٌ، رَمادٌ، لِقاءٌ، فراقٌ، زَحامٌ، مَواجع ٌ، ضَحكاتٌ
مَنْ يَهْبطُِ لا يَعودٌ، مَنْ يَصعَدُ، يَنتَظرُ الْهُبوطُ .
أَغْصَانٌ تَدَاعتْ بِشهقةِ الوداعِ، وُجُوهٌ، خَضبَّها الْعذابُ، وَأبْكتها الرَّجَوَاتُ
وُرودٌ تَنزفُ أَلَمًا عَلََى مَشارفِ الْكَونِِ لا تَملكُ غَيرَ الدُّمُوع ِ وَالدَّعَوَاتِ
تَشتاقُ لِصحوةِ الرّبيعِ وَرَقصةِ الشّموعِ وَبَريقِ الأُمْنيَاتِ .
تَوّقفَ الْقطارُ، ترجَّلَتُ خُطوتي، أَحْملُ حَقِيبتِي، تَعْرفُ أَسْراري وَ وجهتي على الدَّ ربِ أَسيرُ، أَسيرَ الْوحدةِ،
لا َأَدري إلىَ أَينَ الْمَسير .، هَمهَماتُ الصَّمتِ تُسَامرُ رِِحْلَتي وَالألمُ، أمْ النّدمُ، لا أدري، لا أَدْري مَن ْ يَسْحقُ مُهجتي؟
يا هُدَى الْحَائرِ، ِ فِي مَهبِّ الرِّياحِ، أينَ الْمفّرُ؟ مِنْ عالمٍ إِلَى عالم، يقبعُ فِي سرَاديبِ الشِّقوةِ، تَغمْرهُ عَذابَاتُ التِّيهِ والْجِراحِ .
أَينَ أنتَ أَيُّها الْفجرُ الْهَاربُ كَالْمذعورِ، خلفَ هِجرةِ الظَّلامِ؟! تَنأَى عنِّي؟!وَكنتُ بِِكَ أَلوذُ مِنْ سَطوةِ الأحْزانِ
خائفٌ أنت َ أنْ يَنكشفَ سِترُ اللَّيلِ؟! فَتَرى بعُيونِ الْبَشَرِِ الألمَ! حُرقّةََ الِبؤسِ والْويلِ؟! خائفٌ أنْ تَرى دُموعَ الأزهار؟!
تجري بسياطِ الأقدارْ؟!
أينَ أنتَ أَيُّها الْقمرُ الْقابعُ، بَينَ دَجوجِ اللَّياليْ؟! مَحْجورٌ عليكَ، أمْ رَضيتَ بواقعِ الْحالِ؟
مَسْجونٌ بينَ أَنْيابِ الزَّمانِ، وقُضبانِ الْمَكانِ؟! أََعْطنِي بَسْمَتُكَ، الْتي كانتْ تزهو فِيْكَ
أَََمْضي بِِِها، وَاكْسرُ الأَحْزانَ، هَبْ لِي رُوحكَ، رُوحكَ وَارحلْ، هلْ يَكونُ الْغَدُ أَفْضلَ مِمَّا كانْ
يا عُيونَ اللَّيلِ أََطفئي النيرانَ، دَعِي ثَغرَ الْكونِ يُشرقُ وَيشْدو الصَّباحُ، كَفَى ظُلمًا وَجُورًا، ظَلامًا وجراحًا،
تَكادُ الأرضُ أنْ تميدَ، تتوقفَ، َينكسرَ وَجْهُ الْقَمرِِ، وَتنطفيءَ الشَّمسُ بِغضْبةِ الرِّياحِ .
تسقطَ السّماءُ، يصيرَ الْهَواءُ إِلَى نَارٍ، والْكونُ إِلى رَماد ٍ، وأطلالٍ، وَنُواحٍ
كَي يستريحَ الْبَاطلُ فَوقَ أَشْلاءِ النَّهارِ، و يُغنِّي الظَّلامُ لِرَحيلِ الأطهارِ .
إلى أينَ يا قلبُ، نَمضِي وَنَسير؟! وَالْفكرُ تَائهٌ غَريبٌ، ينزفُ الْوَجَعَ، عَلى الدّربِ الْعسيرِ .
أَهْربُ مِن نَفْسي، إِلى نَفْسي لاَ نَدري إلى مَتى الرَّحيلْ.
أَشبَاحُ الْماضي تقولُ: هُنَا أمْ هناكَ قَدَرُكَ يسيرُ، تَسْكنُ فِيكَ الأحزانُ، في جَسدكَ، وريدكَ
في روحكَ في كلِِّ مكانٍ، مَا أنتَ بِقادرٍ عَلىَ طََيِّ ذكرياتٍ بِرحِيلٍ جديدٍ
تَنسَى أم تحاولُ! والنِّسيانُ، يأبَى أنْ يحيدَ، تترنحُ بين الْهَاويةِ، وَأَملٍ فَقيدٍ
بَينَ النّار ِ، والْحَديدْ، ظَمآنٌ، و النَّهرُ يفيضْ .
إِمْضِِ، إِمْضِ، يَا قلبُ وَاسْكنْ الْحَاضرَ، سَوفَ نَرحلُ، سَوف نَرحلُ إِلى أَمد ٍ بَعيدٍ
كي لا تُطاردُنا الذِّكرياتُ والأحزانُ .
سَأُخرجكِ أَيُّتها الأَحزانُ مِنْ رُوحي وَ إنْ خَرجَتْ مَعِكْ روحي مِنْ جَسَدي، مِنْ وَرِيديْ
مِنْ بوَّاباتِ قَََلبِِي، وَتلافيفِ فِكري، مِنْ سَراديبِ العقلِ، منْ زمنٍ طالَ فيهِ البْهتان وخَضعَ الْبَاطل للإنسانِ
سأحطِّمُ الْمعَابرَ وَالْجِسورَ والأسَْوارَ، وَأَشْرعَةَ الْمَاضي، وَقِيودَ الصَّبرِ،
َسأبحثُ عنْ روحٍ لِوجودي، مِنْ نَسائمَ الأزْهَارِ، سَوفَ نَبحثُ عَنْ مَأوَى بَينَ أَحضَانِ الأَطيارِ
فوقَ التِّلالِ، فيْ مَجَاهل البحارِ، بَينَ الْوِديانِ وَالسّهولِ،
نُحلِّق أَحْرارًا بِلا أَكْدارٍ، بَعيدًا، بَعيدًا عَنْ مَدَائنَ الْبشرِ، عنْ أَسْيافِ الْحقدِ والدَّمارِ
عَنْ الضَميرِِ الْمُلقى على قارعة الغابِ، وَيَتشحُ الْعارِ، عَنْ الْحقِّ المَهتوكِ والْعَدل الْمغْدور لَيلَ، نَهَارْ
سآوي بعيدًا، بَعيدًا، إلى جبلٍ يعصمني من الأرضِ، إلى عُشْبةٍ تنمو بِلا خَوفِ، وفجرٍ يغتسلُ بماء المطرِ
وورودٍ تتوضاُ بالنَّدى، إلى بدرٍ يغفو بِسلام وصبحٍ يصحو بأمان.
مراد الساعي ( عصام كمال )
التعديل بواسطة: مراد الساعي( عصام كمال محمد)
الإضافة: الاثنين 2007/10/08 03:53:56 صباحاً
التعديل: الجمعة 2012/09/28 01:21:13 صباحاً
إعجاب
مفضلة
متابعة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com