إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
صافرة الرَّحيل |
أَطلقَ الْقطارُ صَافرةَ الرَّحيلِ، وَالْقلبُ يئِنُ أَنِينًا كالْعَليلِ، والزَّادُ عَلى الدَّربِ قليل. صَمتٌ طََويلٌ، يَنشرُ الْماضي شِراعَه |
، أمضي وَأَحْزاني بِقلبي، تَتَراقصُ علَى جَمرٍ وَعَويلٍ، أُعَانقُ قَدرًا ودروبًا وخيالاً وربَّما أوهامًا . |
أُطلُّ وَالليلُ مِنْ نافذةٍ بالْجِوارِ، أَشْيَاءٌ، وَأَشْبَاحٌ، تَعدُو، تَلهثُ، خَلفَ الْقِطََارِ |
دَمعٌ يَبرُقُ بَينَ رَعيدٍ وَأَمْطََارٍ، تَخْتَفي الْبيوتُ وَالزِّرُوعُ وَالْخُطواتُ، والرِّيحُ توقظُ السّكونَ تنتزعُ كِبريَاءَ الأَشْجارِ |
وَتَسْحقُ غَوثَ الأطيارِ، كلُّ الدّرُوبِ قد غََشَاها السَرابُ، غَابَ الإِبصَارُ، وَشَابتْ الأََبصَارُ . |
مَحَطّاتٌ، وَمَحَطّاتٌ، دُخَانٌ، رَمادٌ، لِقاءٌ، فراقٌ، زَحامٌ، مَواجع ٌ، ضَحكاتٌ |
مَنْ يَهْبطُِ لا يَعودٌ، مَنْ يَصعَدُ، يَنتَظرُ الْهُبوطُ . |
أَغْصَانٌ تَدَاعتْ بِشهقةِ الوداعِ، وُجُوهٌ، خَضبَّها الْعذابُ، وَأبْكتها الرَّجَوَاتُ |
وُرودٌ تَنزفُ أَلَمًا عَلََى مَشارفِ الْكَونِِ لا تَملكُ غَيرَ الدُّمُوع ِ وَالدَّعَوَاتِ |
تَشتاقُ لِصحوةِ الرّبيعِ وَرَقصةِ الشّموعِ وَبَريقِ الأُمْنيَاتِ . |
تَوّقفَ الْقطارُ، ترجَّلَتُ خُطوتي، أَحْملُ حَقِيبتِي، تَعْرفُ أَسْراري وَ وجهتي على الدَّ ربِ أَسيرُ، أَسيرَ الْوحدةِ، |
لا َأَدري إلىَ أَينَ الْمَسير .، هَمهَماتُ الصَّمتِ تُسَامرُ رِِحْلَتي وَالألمُ، أمْ النّدمُ، لا أدري، لا أَدْري مَن ْ يَسْحقُ مُهجتي؟ |
يا هُدَى الْحَائرِ، ِ فِي مَهبِّ الرِّياحِ، أينَ الْمفّرُ؟ مِنْ عالمٍ إِلَى عالم، يقبعُ فِي سرَاديبِ الشِّقوةِ، تَغمْرهُ عَذابَاتُ التِّيهِ والْجِراحِ . |
أَينَ أنتَ أَيُّها الْفجرُ الْهَاربُ كَالْمذعورِ، خلفَ هِجرةِ الظَّلامِ؟! تَنأَى عنِّي؟!وَكنتُ بِِكَ أَلوذُ مِنْ سَطوةِ الأحْزانِ |
خائفٌ أنت َ أنْ يَنكشفَ سِترُ اللَّيلِ؟! فَتَرى بعُيونِ الْبَشَرِِ الألمَ! حُرقّةََ الِبؤسِ والْويلِ؟! خائفٌ أنْ تَرى دُموعَ الأزهار؟! |
تجري بسياطِ الأقدارْ؟! |
أينَ أنتَ أَيُّها الْقمرُ الْقابعُ، بَينَ دَجوجِ اللَّياليْ؟! مَحْجورٌ عليكَ، أمْ رَضيتَ بواقعِ الْحالِ؟ |
مَسْجونٌ بينَ أَنْيابِ الزَّمانِ، وقُضبانِ الْمَكانِ؟! أََعْطنِي بَسْمَتُكَ، الْتي كانتْ تزهو فِيْكَ |
أَََمْضي بِِِها، وَاكْسرُ الأَحْزانَ، هَبْ لِي رُوحكَ، رُوحكَ وَارحلْ، هلْ يَكونُ الْغَدُ أَفْضلَ مِمَّا كانْ |
يا عُيونَ اللَّيلِ أََطفئي النيرانَ، دَعِي ثَغرَ الْكونِ يُشرقُ وَيشْدو الصَّباحُ، كَفَى ظُلمًا وَجُورًا، ظَلامًا وجراحًا، |
تَكادُ الأرضُ أنْ تميدَ، تتوقفَ، َينكسرَ وَجْهُ الْقَمرِِ، وَتنطفيءَ الشَّمسُ بِغضْبةِ الرِّياحِ . |
تسقطَ السّماءُ، يصيرَ الْهَواءُ إِلَى نَارٍ، والْكونُ إِلى رَماد ٍ، وأطلالٍ، وَنُواحٍ |
كَي يستريحَ الْبَاطلُ فَوقَ أَشْلاءِ النَّهارِ، و يُغنِّي الظَّلامُ لِرَحيلِ الأطهارِ . |
إلى أينَ يا قلبُ، نَمضِي وَنَسير؟! وَالْفكرُ تَائهٌ غَريبٌ، ينزفُ الْوَجَعَ، عَلى الدّربِ الْعسيرِ . |
أَهْربُ مِن نَفْسي، إِلى نَفْسي لاَ نَدري إلى مَتى الرَّحيلْ. |
أَشبَاحُ الْماضي تقولُ: هُنَا أمْ هناكَ قَدَرُكَ يسيرُ، تَسْكنُ فِيكَ الأحزانُ، في جَسدكَ، وريدكَ |
في روحكَ في كلِِّ مكانٍ، مَا أنتَ بِقادرٍ عَلىَ طََيِّ ذكرياتٍ بِرحِيلٍ جديدٍ |
تَنسَى أم تحاولُ! والنِّسيانُ، يأبَى أنْ يحيدَ، تترنحُ بين الْهَاويةِ، وَأَملٍ فَقيدٍ |
بَينَ النّار ِ، والْحَديدْ، ظَمآنٌ، و النَّهرُ يفيضْ . |
إِمْضِِ، إِمْضِ، يَا قلبُ وَاسْكنْ الْحَاضرَ، سَوفَ نَرحلُ، سَوف نَرحلُ إِلى أَمد ٍ بَعيدٍ |
كي لا تُطاردُنا الذِّكرياتُ والأحزانُ . |
سَأُخرجكِ أَيُّتها الأَحزانُ مِنْ رُوحي وَ إنْ خَرجَتْ مَعِكْ روحي مِنْ جَسَدي، مِنْ وَرِيديْ |
مِنْ بوَّاباتِ قَََلبِِي، وَتلافيفِ فِكري، مِنْ سَراديبِ العقلِ، منْ زمنٍ طالَ فيهِ البْهتان وخَضعَ الْبَاطل للإنسانِ |
سأحطِّمُ الْمعَابرَ وَالْجِسورَ والأسَْوارَ، وَأَشْرعَةَ الْمَاضي، وَقِيودَ الصَّبرِ، |
َسأبحثُ عنْ روحٍ لِوجودي، مِنْ نَسائمَ الأزْهَارِ، سَوفَ نَبحثُ عَنْ مَأوَى بَينَ أَحضَانِ الأَطيارِ |
فوقَ التِّلالِ، فيْ مَجَاهل البحارِ، بَينَ الْوِديانِ وَالسّهولِ، |
نُحلِّق أَحْرارًا بِلا أَكْدارٍ، بَعيدًا، بَعيدًا عَنْ مَدَائنَ الْبشرِ، عنْ أَسْيافِ الْحقدِ والدَّمارِ |
عَنْ الضَميرِِ الْمُلقى على قارعة الغابِ، وَيَتشحُ الْعارِ، عَنْ الْحقِّ المَهتوكِ والْعَدل الْمغْدور لَيلَ، نَهَارْ |
سآوي بعيدًا، بَعيدًا، إلى جبلٍ يعصمني من الأرضِ، إلى عُشْبةٍ تنمو بِلا خَوفِ، وفجرٍ يغتسلُ بماء المطرِ |
وورودٍ تتوضاُ بالنَّدى، إلى بدرٍ يغفو بِسلام وصبحٍ يصحو بأمان. |