مضَتْ السنونَ وودّعَتْ ساعاتي
|
ومضى الكثيرُ مِنَ القَليلِِ الآتي
|
نَهَباً كما فعَلَ الزّمانُ بعَصْفِهِ
|
ولّتْ بأدراج ِ الرّياح ِ حياتي
|
حتى اذا أحْصَيْتُ صَحْبَ مَواسِمي
|
ألْفَيْتُ أكثَرَهُمْ مِن الأمْواتِ
|
مُتَوَتِّراً نَزِقَ الفؤادِ وأرتدي
|
حُزْنَ السّنينَ زرَعْتُهُ بِرِئاتي
|
مُتَذَكِّراً عمري الطويلَ قضَيْتُهُ
|
أُعْطي لِمَنْ شرِبوا دَمِي أقواتي
|
ولِمَنْ أُجَنِّبُهُمْ أسايَ وهم على
|
طولِ الطريق ِ يُقَسِّمونَ رُفاتي
|
هُمْ .. هُمْ وإنْ بدّلْتُ كلّ َ مسالِكي
|
حجَرٌ يُطارِدُني الى عَثَراتي
|
هُمْ جَنّبُوا قَدَمي المَقامَ وقرّبوا
|
مني الحِمَامَ وقلّبُوا آهاتي
|
هُم زيّفوا صُوَري التي صوّرْتُها
|
وتبادَلوا التَشْويشَ في مِرآتي
|
هُمْ مَنْ يُقبِّحَُ لي أرَقّ َ محاسِني
|
وهُمُ المُسَرِّحُُ قبْحَهُ في ذاتي
|
وأشدّ ُهمْ عَطْفاً عليّ َ هو الذي
|
غَطّى بضِحْكَتِهِ على صَرَخاتي
|
قتلوا فؤادي المُسْتَحِمّ َ بحُبِّهِمْ
|
لكنّهمْ لم يعْلموا بوفاتي
|
والانَ أسكُنُ في طريق ِ رجوعِهِمْ
|
وأعُدّ ُهم من أجْمَل ِ الأوقاتِ
|
مُتَنَصِّتاً أخْبارَهُمْ وردودَهُمْ
|
والأذنُ قدْ تَعِبَتْ مِنَ الإنْصاتِ
|
لي في الشّروقِ لهم غروبٌ دائمٌ
|
وحمائمٌ تجري معَ النّسَماتِ
|
لم يسمَعوا مني النّداءَ ولا أنا
|
عَدَمُ الرّجَاءِ يحُدّ ُ مِنْ أصواتي
|
شَهِِدُوا على جِسْرِ اللقاءِ تأفُّفِي
|
وترصُّدي وتوَقُّفي وهِناتي
|
ختَموا على قلبي فصِرْتُ حبيبَهُمْ
|
رغْمَ اخْتِلافِ طرائِقي ولُغاتي
|
رِكْضاً أُطارِدُ كلّ َ ظِلّ ٍ مائِل | |
|
|
ومعي بمَعْرَكَةِ الظِّلال ِ عَصَاتي
|
ذهَبَ الجّميعُ الى منازِل ِ قَيْظِهِمْ
|
وبَِقِيتَ أنتَ تَعِيثُ في جَنَباتي
|
أَذْهَبْتَ لي عُمْري القصيرَ بلَحْظَةٍ
|
وخَتَمْتَ لي في لحْظَةٍ سَنَواتي
|
ماذا قرأْتَ مِنَ الكِتاب ومالذي
|
للآخرينَ كتَبْتَ في صَفَحَاتي؟
|
دَعْني أَعِشْ بيَْنَ السّطورِ لواحِدٍ
|
قَلِقَ الشّعورِ يرُدّ ُ لي ساعاتي
|
أضحى الحبيبَ ولم يزَلْ بعُيونِهِ
|
نَظَرُ الطبيبِ مُسَكِّناً وجَعَاتي
|
فازَ الرفيقُ بثَوْبِهِ وبجِسْمِهِ
|
وأنا مَلَكْتُ القلبَ والنّبَضاتِ
|
وإذا اراهُ أميلُ عنهُ كأنّما
|
عندي سِواهُ مُدَبِّراً لحياتي
|
روحي تُرَفْرِفُ مثْلَ طَيْرٍ مُثْقَلٍ
|
بِبُلُولَةِ الأمْطارِ والرّجَفاتِ
|
وأودّ ُ لو أحْنو عليهِ أضُمُّهُ
|
ضَمّ َ القَطا لبيوضِها بفَلاةِ
|
مالي إذا شاهَدْتُهُ أنْكَرْتُهُ
|
وجَفَوْتُهُ ومَنَعْتُهُ نَظَراتي
|
تَصْفَرّ ُ ألواني إذا شاهَدْتُهُ
|
وإذا مضى فاضَتْ لهُ عَبَراتي
|
حتى الفؤادُ إذا فَرَرْتُ يقولُ لي
|
هذا الحبيبُ يدُقّ ُ في دَقّاتي
|
إنّ الغرامَ أشدُّهُ إخْفاتُهُ
|
وأنا بدَأتُ هواكَ بالإخْفاتِ
|
ليْسَتْ لثاقِبَةِ الظّلامِ بِبَرْقِها
|
إلاّ القِيامُ إلَيْكَ بالصّلَواتِ
|
يا مَنْ يُعَلِّمُني بدَوْرَةِ وجْهِهِ
|
كيفَ الشُّموسُ تُطِلّ ُ في المِرآةِ
|
قدْ جِئْتُ في الكَلِماتِ لَحْناً موجِعاً
|
إقْرَاْ فإنّي الآنَ في كَلِماتي
|