مضَى عَصْرُ الرِّجَالِ الأَعَاظِمِ | |
|
| وَأَوْحَشَ مِنْهُمْ أُنْسُ تِلْكَ المعَالِمِ |
|
معَاهِدُ فِي بَيْرُوتَ لِلعِلْمِ عُطُّلَتْ | |
|
| وَأَيَّمُهَا كَانَتْ بِهِمْ كَالمَوَاسِمِ |
|
تَوَلَّوا سِرَاعاً كَاتِبٌ إِثْرَ كَاتِبٍ | |
|
| وَبَانُوا تِباعاً عَالِمٌ إِثْرَ عَالِمِ |
|
فَوَا حَرَّ قَلْباً أَيْنَ فِيهِمْ مُهَذِّبِي | |
|
| وَأَيْنَ رَفِيقِي فِي الصِّبَا وَمُخَالِمِي |
|
عِمَادٌ بِصَرْحِ المَجْدَ قَامُوا فَقُوِّضُوا | |
|
| دِرَاكاً وَدُكَّ اليَوْمَ آخِرُ قَائِمِ |
|
هَوَى العَلَمُ الفَرْدُ الَّذِي كَانَ بَعْدَهُمْ | |
|
| عَزَاءً لأَرْبَابِ النُّهَى وَالعَزَائِمِ |
|
أُقَلِّبُ طَرْفِي حَيْثُ كَانُوا فَلا أَرَى | |
|
| بِهِ غَيْرَ أَنْقَاضِ الذُّرَى وَالدَّعَائِمِ |
|
وَأُنْكِرُ فِي وَجْهِ البَقَاءِ عُبُوسُةً | |
|
| تُوَارِي سَنَى تِلْكَ الوُجُوهِ البَوَاسِمِ |
|
حَقَائِقُ مَرَّتْ بِالحَيَاةِ هُنَيْهَةً | |
|
| كَمَا مَرَّتِ الأَوْهَامُ فِي ذِهْنِ وَاهِمِ |
|
فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ مَا الذِّكُرُ حَافِظٌ | |
|
| إِلَى أَجَلٍ عَنْ عَهْدِهَا المُتَقَادِمِ |
|
وَرَسْم يَرَى الأَعْقَابَ فِيهِ دَلالَةً | |
|
| عَلَى دِقَّةِ التَّمْثِيلِ فِي صُنْعِ رَاسِمِ |
|
إِذَا جَسَّمُوهُ لَمْ يَكُنْ فِي جَلالِهِ | |
|
| سِوَى شَبَهً لِلشَّخْصِ أَغْبَرَ قَاتِمِ |
|
يَلُوحُ بَعِيداً وَهْوَ دَانٍ كَأَنَّهُ | |
|
| تَأَوُّبُ طَيْفٍ فِي مَخِيلَةِ حَالِمِ |
|
فَيَا بَخْسَ مَا بَاعَ المُفَادِي بِعُمْرِهِ | |
|
| عَلَى بَاذِلٍ فِي قَوْمِهِ أَوْ مُسَاوِمِ |
|
عَلَى أَنَّهُ يَسْتَسْلِفُ النَّفْسَ شُكْرَهُ | |
|
| وَلَيْسَ لِشُكْرٍ مِنْ سِوَاهَا بِرَائِمِ |
|
نَعِيُّكَ عَبْدَ اللهِ فِي الشَّرْقُ كُلِّهِ | |
|
| أَسَالَ شُؤُوناً بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ |
|
وَأَوْرَى زِنَادَ البَرْقِ حُزْناً فَلَجْلَجَتْ | |
|
| كَمَا لَجْلَجَتْ بِالنُّطْقِ لُسْنُ التَّرَاجِمِ |
|
فَبَثَّ شَجَاهُ كُلُّ رَبْلٍ وَلَمْ يَكُنْ | |
|
| سِوَى مَأْتَمٍ تَعْدَادَ تِلْكَ المَآتِمِ |
|
وَشَاعَ الأَسَى فِي مِصْرَ فَهْيَ حَزِينَةٌ | |
|
| تَنُوحُ شَوَادِيهَا نُوَاحَ الحَمَائِمِ |
|
وَلا وَجْهَ فِي أَحْيَائِهَا غَيْرُ سَاهِمٍ | |
|
| وَلا قَلْبَ فِي أَحْنَائِهَا غَيْرُ وَاجِمِ |
|
لَكَ اللهُ مِنْ بَانٍ رِجالاً حَمَى بِهِمْ | |
|
| حِمىً عَاثَ فِيهِ الجَهْلُ مِنْ شَرِّ هَادِمِ |
|
عَلَى العِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ أَرْصَدَ وَقْتَهُ | |
|
| فأَحْرَزَ مِنْهُ مَغْنَماً كُلّ غَانِمِ |
|
تَلامِيدُهُ فِي كُلِّ مَطْلَعِ كَوْكَبٍ | |
|
| يَبُثُّونَ فَضْلَ الضَّادِ بَيْنَ العَوَالِمِ |
|
وَفِي كُلِّ بَحْثٍ كُتْبُهُ تُورِدُ النُّهَى | |
|
| مَوَارِدَ أَصْفَى مِنْ نِطَافِ الغَمَائِمِ |
|
وَتَهْدِي إِلَيْهَا مِنْ مَنَاجِمِ فِكْرِهِ | |
|
| نَفَائِسَ أَغْلَى مِنْ كُنُوزِ المَنَاجِمِ |
|
بِأَبْدَعِ مَا كَانَتْ بَلاغَةُ نَاثِرٍ | |
|
| وَأَبْرَعِ مَا كَانَتْ صِيَاغَةُ نَاظِمِ |
|
كَفَى اللغَةَ الفُصْحَى فَخَارَ بِمُعْجَمٍ | |
|
| إِلَيْهِ انْتَهَى الإِتْقَانُ بَيْنَ المَعَاجِمِ |
|
وَحَسْبُ الرِّوَايَاتِ الحَدِيثَةِ عِتْقُهَا | |
|
| بِإِعْرَابِهِ فِيهَا فُنُونَ الأَعَاجِمِ |
|
فَأَمَّا سَجَايَاهُ فَقُلْ فِي كَمَالِهَا | |
|
| وَلا تَخْشَ فِي الإِطْرَاءِ لَوْمَةَ لائِمِ |
|
حَلِيمٌ بِلا ضَعْفٍ رَصِينٌ بِلا وَنىً | |
|
| شَدِيدُ مِرَاسٍ فِي كِفَاحِ المَظَالِمِ |
|
وَمَا اسْطَاعَ يُلْفِيهِ الغَدَاةَ وَلِيُّهُ | |
|
| مُعِيناً عَلَى دَفْعِ الأَذَى وَالمَغَارِمِ |
|
يُصَرِّفُ إِلاَّ فِي الدَّنَايَا مِنَ المُنَى | |
|
| نَوَازِعَ قَلْبٍ مُولَعٍ بِالعَظَائِمِ |
|
وَيُرْضِيهِ فِي الإِعْسَارِ مُوْفُورُ مَجْدِهِ | |
|
| وَلَيْسَ إِذَا الإِيسَارُ فَاتَ بِنَاقِمِ |
|
قَضَى العُمْرَ مَيْمُونَ النَّقِيبَةِ لَمْ تُشَبْ | |
|
| طَهَارَةُ بُرْدَيْهِ بِوَصْمَةِ وَاصِمِ |
|
وَلَمْ يَأْلُ جُهْداً فِي رِعَايَةِ ذِمَّةٍ | |
|
| وَلَمْ يَنْسَ حَقاً لِلعُلَى وَالمَكَارِمِ |
|
أَحَاطَتْ بِهِ زِينَاتُ دُنْيَاهُ فَانْثَنَى | |
|
| وَلَمْ تُغْرِهِ زِيناتُها بالمحَارِمِ |
|
فَكَانَتْ لَهُ خَيْرُ الفَوَاتِحِ بِالتُّقَى | |
|
| وَكَانَتْ لَهُ فِي اللهِ خَيْرُ الخَوَاتِمِ |
|