ما مَرَّ ذِكرَكَ خاطِراً في خاطِري | |
|
| إِلّا اِستَباحَ الشَوقُ هَتكَ سَرائِري |
|
وَتَصَبَبَتْ وَجداً عَلَيك نَواظرٌ | |
|
| باتَت بِلَيلٍ مِن جَفائكَ ساهِرِ |
|
بَلَغَ الهَوى مِنِّي فَإِن أَحبَبتَ صِل | |
|
| أَولا فَدَتكَ حشاشَتي وَنَواظِري |
|
قَسَماً بِحُسنكَ لَم أُصادفْ زاجِراً | |
|
| إِلّا وَحُسنك كانَ عَنهُ زاجِري |
|
أَوَ ما كَفاكَ مِن الَّذي لاقَيتَهُ | |
|
| وَلَهٌ كَساني الذُّلُّ بَينَ مَعاشِري |
|
وَضَنىً يَكاد يَشف عَن طَيِّ الحَشا | |
|
| حَتّى خَشيتُ بِهِ اِفتِضاحَ ضَمائِري |
|
أَخَذتْ عُيونك مِن فُؤادي مُوثِقاً | |
|
| وَعَلَيَّ عَهدُ هَواكَ لَستُ بِغادرِ |
|
كُن كَيفَ شئتَ تَجدْ مُحبّك مِثلَما | |
|
| تَهوى عَلى الحالين غَير مغايرِ |
|
صَبري عَلَيك بِما أَرَدت مُطاوعٌ | |
|
| أَبَداً وَلَكن عَنكَ لَستَ بِصابرِ |
|
عَذّبتَ قَلبي بِالصُّدودِ وَإِن يَكُن | |
|
| لَكَ فيهِ بَعض رِضىً فَدونَكَ سائِري |
|
وَأَضَعتُ عُمري بِالدَّلالِ وَحَبَّذا | |
|
| إِن صَحَّ عِندَكَ مَطمَعٌ في الآخرِ |
|
كُثُرَ التَقَوُّلُ بَيننا وَتَحَدَّثوا | |
|
| يا هاجِري حاشاكَ أَنَّكَ هاجري |
|
وَأَطالَ فيكَ معنِّفي فعذرتُهُ | |
|
| وَعَساكَ في كَلَفي فديتك عاذري |
|
حَسبي رِضاكَ إِذا مَنَنتَ بَزورةٍ | |
|
| يَدري المزورُ بِها رَقيقَ الزائرِ |
|
مالأتُ أَيَّامي فَقبَّح وَجهها | |
|
| جورُ الخطوبِ وَكُنتُ أَحسَن جائرِ |
|
بي يا وَقاك اللَهُ كُلّ مُلمَةٍ | |
|
| أَمسى بِها جِلدي كَجَرفٍ هائرِ |
|
غِيَرٌ يديرُ بِها الحَكيمُ لِحاظَهُ | |
|
| فَتردُّهُ عَنها بِطَرفٍ حائرِ |
|
بَكَرَتْ إِلَيَّ الحادِثاتُ فَلَم أَزَلْ | |
|
| مِنهُنَّ بَينَ نَواجِذٍ وَأَظافِرِ |
|
وَتَأَلَّفتْ عِندي الهُموم فَفَرَّقتْ | |
|
| هِمَمِي وَما بَرِحَ القَضاءُ مساوري |
|
نَزَلَتْ بِيَ الدُّنيا عَلى أَربابها | |
|
| فَأَفضَتُ بَينَ مَواردٍ وَمَصادرِ |
|
وَبَلوتُ مِن أَهلِ الزَّمانِ سَرائِراً | |
|
| هِيَ مَصرَعُ الساهي وَمُنجي السَّاهرِ |
|
فَسَمعتُ حَتّى لَستُ أَحمَدُ مُسمَعي | |
|
| وَنَظَرتُ حَتّى لَستُ أَحمَد ناظِري |
|
وَالعَينُ آذَى لِلبَصير وَرُبَّما | |
|
| سَلِم الضَّريرُ وَكانَ عَين العاثِرِ |
|
يا مَن يُطارِحُني المَودَّةَ غائِباً | |
|
| إِيهِ وَقاكِ اللَهُ شَرَّ الحاضرِ |
|
خَلقٌ يمرُّ بِها الكَريمُ وَوَجههُ | |
|
| في أَعيُنِ النُّظارِ أَغرَبُ سافرِ |
|
مِن كُلِ خَنَّاسٍ إِذا اِستَقبَلتَهُ | |
|
| فَإِذا اِنقَلَبَت رَنا بِمُقلةِ شاذرِ |
|
وَلَقد رَأَيتُ فَما رَأَيتُ أَشَدّ مِن | |
|
| مَرأى العَزيزِ عَلى حَسودٍ صاغرِ |
|
وَمِن المهانةِ أَن تُقابلَ هيِّناً | |
|
| يَقلاك إِلّا بِابِتسامةِ ساخرِ |
|
وَبِمَ اِعتدادُ الأَدعياء وَجُهدهُم | |
|
| سَردُ الدَعاوي وَهيَ أَضعَفُ ناصرِ |
|
كَذب الغَبيُّ أَيَبتَغي دَرك العُلى | |
|
| بِفُؤادِ مَزهوٍّ وَمَنطقِ هاذرِ |
|
أَم يَحسَب الرُّتب المُحسَّدِ فَضلُها | |
|
| عِدةٌ بِوَصلٍ مِن حَبيبٍ هاجرِ |
|
كَلا قَد اِنحَسَر الحِجاب وَإِنَّما | |
|
| أَبصار قَومٍ في حِجابٍ ساترِ |
|
وَكَذاكَ بَعضُ الجَهلِ يَسترُ بَعضهُ | |
|
| فَاعذرْ إِذا خَفيَتْ كِرامُ مآثرِ |
|
وَبِمُهجَتي مَن لَيسَ يَبرَحُ طَيفُهُ | |
|
| تَحتَ الظَّلامِ مسامري وَمُحاوري |
|
سَبَقتْ صَنائِعهُ إليَّ وَلطفهُ | |
|
| وَهُوَ السَّبوقُ بِكُلِّ فَضلٍ باهِرِ |
|
قَد أَذهَلتْ لبِّي الخَطوبُ بَوقعِها | |
|
| عَنهُ وَكانَ عَلى ذُهولي ذاكِري |
|
فَعَرَفتُ عَجزي فيهِ غَيرَ مُكذِّبٍ | |
|
| وَعَرَفتُ فَضلَ عُلاهُ غَيرَ مُكابِرِ |
|
ذِممٌ ظَفرتُ بِها لَديهِ وَإِنَّها | |
|
| إَرثٌ قَديمٌ مِن أَجلِّ ذَخائِري |
|
تِلكَ المَواثِقُ ما بَرَحنَ وَهَكَذا | |
|
| كانَ الوَفاء لَديهِ خَيرَ أَواصِري |
|
اللَّوذَعِيُّ الفاضلُ القطب الَّذي | |
|
| مَلَكَت يَداهُ الفَضلَ دونَ مَناظرِ |
|
أَدَبٌ حَكى زَهرَ الرُّبى وَشمائِلٌ | |
|
| رَقَّتْ فَكانَت كَالنَّسيم السائرِ |
|
وَمناقِبٌ تَتلو مَدائِحِها عَلى | |
|
| أَكبادِ أَهلِ الغيِّ سَورةَ فاطِرِ |
|
وَأَرى الزِّنادَ إِذا جَرَت أَقلامُهُ | |
|
| أَرَتِ البَصائرَ أَيُّ لَمحٍ باصِرِ |
|
يَجلو القَوافي في الطُّروسِ كَأَنَّها | |
|
| غِيدٌ جَلاها الحبرُ تَحتَ غَدائِرِ |
|
وَلَهُ الفُصولُ المُحكَماتُ كَأَنَّها | |
|
| شَذَراتُ دُرٍّ فَصِّلت بِجواهرِ |
|
وَلرُبَّ زائِرَةٍ جَعَلتُ مَحَلَّها | |
|
| قَلبي وَإِن باتَت مَناطَ الناظِرِ |
|
عَربيةُ النَفثاتِ وافَت تَنجلي | |
|
| بِفَصاحةِ البادي وَظَرفِ الحاضِرِ |
|
بسمت فَما كَذَّبتُ حينَ رَأَيتَها | |
|
| بَسمَ الثُّغورِ عَن الجُمانِ الناضرِ |
|
وَتَلَتْ عَليَّ حَديثَهُ فَوَجَدَتُ ما | |
|
| يَجدُ الطَروبُ لذكرِ دَهرٍ عابِرِ |
|
يا نائياً أَيَّانَ أَعرضَ ذِكرهُ | |
|
| تَركَ الفُؤادَ عَلى جَناحَيْ طائِرِ |
|
لَكَ ذمةٌ عِندي وَإِن عَزَّ اللُّقا | |
|
| تَبقى عَلى مَرِّ الزَّمانِ الغابِرِ |
|
هِيَ مَوثقُ الأُخرى فَدونَكَ عِقدها | |
|
| وَاللَهُ في القَلبينِ أَفضلُ ناظِرِ |
|