جَلَلتَ فلمَّا دَقَّ في عَينِك الورَى | |
|
| نَهَضتَ إلى أُمِّ القُرى أيِّدَ القرى |
|
جَلبتَ لها قُبَّ البُطونِ وإنّما | |
|
| تَقودُ لها بالقودِ أُمَّ حبوكرا |
|
وَسُقتَ إليها كُلَّ أَسوَق لو بَدَت | |
|
| لَه معفر ظنَّتهُ بالرَّملِ جُؤذرا |
|
يَبيتُ عَلى أَعلى المصادِ كأنَّما | |
|
| يَؤمُّ وكونَ الفتخ يَلتَمِسُ القِرى |
|
يَفوقُ الرياحَ العاصفاتِ إذا مشى | |
|
| وَيسبقُ رَجعَ الطَّرفِ شدّاً إذا جرى |
|
جِيادٌ عَليها للوَجيه ولاحِقٍ | |
|
| دَلائلُ صِدقٍ واضحاتٌ لمن يَرى |
|
فَفيها سُلوٌّ للمُحِبِّ وَشاهِدٌ | |
|
| على حِكمةِ اللَّه المدبِّر للورى |
|
هي الرَّوضُ حُسناً غَيرَ أنكَ إن تَبِر | |
|
| لها مِخبراً تَسمج لِعينيكَ مَنظرا |
|
عليها كماةٌ من لَؤيِّ بن غَالِبٍ | |
|
| يَجرُّونَ أذيالَ الحديد تَبخترا |
|
رَمَيتَ أبا سفيان مِنها بِجحفَل | |
|
| إذا قيسَ عَدّاً بالثّرى كَانَ أكثراً |
|
يدبّره رأيُ النَّبي وَصارمٌ | |
|
| بِكِفِّكَ أَهدى في الرّؤوس منَ الكرى |
|
فَطارَ إلى أعلى السَّماءِ تَصاعداً | |
|
| فَلمَّا رأى أن لا نَجاةَ تَحدّرا |
|
وَحاذرَ غربي مشرفيٍّ مذكَّرٍ | |
|
| هَزَزتَ فَألقى المشرفيَّ المذكَّرا |
|
وَأعطى يَداً لَم يُعطِها عَن مَحبَّةٍ | |
|
| وقَول هُدىً ما قالهُ مُتخيرا |
|
فَكنتَ بذاك العفو أولى وبالعُلى | |
|
| أحَقّ وبالإحسان أحرى وأجدَرا |
|
لأَفصحتَ يا مُخفي العَداوَةِ ناطِقا | |
|
| بتَعظيمِ مَن عاديتَهُ مُتستِّرا |
|
وَحَسبُك أَن تُدعى ذَليلاً مُنافِقاً | |
|
| وتُبطن ضدّاً للّذي ظلت مُظهرا |
|
وجُستَ خِلال المروَتينِ فلم تدَع | |
|
| حَطيماً وَلَم تَترُك ببكةَ مَشعرا |
|
طَلعتَ عَلى البيتِ العتيقِ بعارضٍ | |
|
| يَمجُّ نجيعاً مِن ظبى الهِندِ أحمَرا |
|
فَألقى إليكَ السلمَ من بعدِ ما عَصى | |
|
| جُلندى وأعيى تُبَّعاً ثُمّ قَيصرا |
|
وَأظهرتَ نُورَ اللَّه بَينَ قَبائلٍ | |
|
| مِنَ الناسِ لم يَبرح بِها الشِّركُ نَيِّرا |
|
وَكسَّرتَ أصناماً طَعنتَ حُماتها | |
|
| بسُمرِ الوَشيجِ اللَّدنِ حَتى تَكسَّرا |
|
رَقيتَ بأسمى غارب أحدقت به | |
|
| مَلائِكُ يَتلونَ الكتاب المسطَّرا |
|
بغاربِ خَيرِ المرسلينَ وأشرف ال | |
|
| أنام وأَزكى ناعِلٍ وطئ الثَّرى |
|
فَسَبَّحَ جبريلٌ وَقَدّسَ هَيبةً | |
|
| وَهَلَّلَ إسرافيلُ رُعباً وكبّرا |
|
فَيا رُتبةً لَو شئتَ أن تلمسَ السُّها | |
|
| بها لَم يَكن مَا رُمتَه مُتعذِّرا |
|
ويَا قدَميهِ أيّ قُدسٍ وطَئتما | |
|
| وأيّ مقامٍ قُمتُما فيهِ أنورا |
|
بحيثُ أَفاءت سِدرَةَ العرش ظلَّها | |
|
| بضوجَيه فَاعتدّت بذلك مَفخرا |
|
وَحَيثُ الوَميضُ الشعشانيُّ فائضٌ | |
|
| مِنَ المصدرِ الأَعلى تَباركَ مَصدَرا |
|
فليسَ سُواعٌ بَعدَها بمعَظَّمٍ | |
|
| وَلا اللاتُ مَسجُوداً لَها ومُعَفَّرا |
|
وَلا ابن نُفَيل بَعدَ ذاكَ وَمقيسٌ | |
|
| بأوَّل مَن وَسّدته عَفرَ الثَّرى |
|
صدَمتَ قُريشاً والرِمَاحُ شَواجِرٌ | |
|
| فقطَّعتَ مِن أرحامِها ما تشَجَّرا |
|
فَلولا أنَاةٌ في ابنِ عمِّك جَعجَعَت | |
|
| بِعَضبِك أجرى مِن دَمِ القومِ أَبحرا |
|
وَلكنَّ سِرّ اللَّه شُطِّرَ فيكما | |
|
| فَكنتَ لِتسطو ثمَّ كانَ لِيَغفِرا |
|
وردتَ حُنيناً والمنايا شواخِصٌ | |
|
| فَذلّلت مِن أركانِها ما توَعَّرا |
|
فَكم مِن دم أضحى بسيفِكَ قَاطِراً | |
|
| بِها من كميٍّ قَد تَرَكتَ مُقطَّرا |
|
وكم فاجِرٍ فَجَّرتَ يَنبوع قَلبهِ | |
|
| وَكم كافرٍ في التُّرب أضحى مُكفَّرا |
|
وَكَم مِن رُؤوسٍ في الرّماح عَقدتَها | |
|
| هُناكَ لأجسامٍ مُحلَّلةِ العُرا |
|
وَأَعجبَ إنساناً مِنَ القوم كثرةٌ | |
|
| فَلم يُغنِ شَيئاً ثُمَّ هَروَلَ مُدبِرا |
|
وضاقَت عَليه الأرضُ مِن بَعد رحبها | |
|
| وَلِلنَّصِّ حُكمٌ لا يُدافع بالمرا |
|
وَليسَ بنكرٍ في حُنينٍ فِرارُه | |
|
| فَفي أحدٍ قَد فرَّ خوفاً وَخيبرا |
|
رُوَيدَكَ إنَّ المجدَ حُلوٌ لِطاعمٍ | |
|
| غريبٌ فَإن مَارَسته ذُقتَ مُمقرا |
|
وما كلُّ مَن رَامَ المعالي تحمَّلت | |
|
| مَناكبهُ منها الرّكامَ الكنهورا |
|
تَنَحَّ عن العلياءِ يَسحبُ ذيلَها | |
|
| هُمامٌ تَردّى بالعُلى وتَأَزّرا |
|
فَتىً لَم يُعرِّق فيه تيمُ بن مُرّةٍ | |
|
| وَلا عَبدَ اللات الخبيثةَ أعصرا |
|
ولا كانَ معزُولاً غداةَ بَرَاءةٍ | |
|
| ولا عن صلاةٍ أمّ فيها مُؤخّرا |
|
ولا كانَ في بَعثِ ابن زيدٍ مُؤمَّرا | |
|
| عليه فأضحى لابنِ زيدٍ مؤمّرا |
|
وَلا كَانَ يَومَ الغارِ يَهفو جنانهُ | |
|
| حِذاراً وَلا يَوم العريش تستَّرا |
|
إمام هُدىً بالقرص آثر فاقتضى | |
|
| لَهُ القرصُ ردّ القرص أبيضَ أزهرا |
|
يزاحمهُ جِبريلُ تَحتَ عَباءةً | |
|
| لَها قيل كل الصيد في جانب الفرا |
|
حَلفتُ بِمثواهُ الشّريفِ وَتُربةٍ | |
|
| أحَالَ ثرَاها طيب ريَّاهُ عَنبرا |
|
لأستنفدنّ العمرَ في مِدَحي لهُ | |
|
| وإن لامَني فِيه العذولُ فَأكثرا |
|