عَسى لَيلَةُ الدَّهناءِ تَسري بُدورُها | |
|
| فَقَد غابَ واشيها وَنامَ سَميرُها |
|
طَلَبنا الكَرى مِنها فَدَلَّت عَلَيكُمُ | |
|
| فَهَل عِندَكُم مِن فَضلَةٍ نَستَعيرُها |
|
وَبَدَّدَ حَرُّ الشَّوقِ شَملَ نَسيمِها | |
|
| عَذيرِيَ مِن وَجدي بِكُم وَعَذيرُها |
|
وَجَذوَةِ نارٍ دونَ ذِكرِ مَكانِها | |
|
| سَريرَةُ حُبٍّ لا يُخافُ ظُهورُها |
|
تَناهَيتُ في كِتمانِهِ فَنَسِيتُهُ | |
|
| فَلِلَّهِ نَفسٌ غابَ عَنها ضَميرُها |
|
رَفَعتُم سَناها لِلقِرى وَبَخِلتُمُ | |
|
| فَما شَبَّ إِلَّا في القُلوبِ سَعيرُها |
|
أَقولُ لِمَغرورٍ سَرى في طِلابِها | |
|
| وَما قَتلَ البَيداء إِلَّا خَبيرُها |
|
حَذارِ عُيوناً عِندَها بَدَوِيَّةً | |
|
| يُطيلُ فُتوراً في العِظام فُتورُها |
|
وَغَيرانَ لَو هَبَّت لَهُ الرّيحُ ظَنَّها | |
|
| رِسالَةَ مشغوفٍ بِها يَستَزيرُها |
|
وَلَمّا وَقَفنا في الدِّيارِ وَعِندَنا | |
|
| مَدامِعُ نُسديها لَكُم وَتُثيرُها |
|
شَكَونا إِلَيها ما لَقينا مِنَ الضَّنا | |
|
| فَعَرَّفَنا كَيفَ السَّقامُ دُثورُها |
|
وَقَد دَرَسَت إِلَّا إِمارَةُ ذاكِرٍ | |
|
| تَلوحُ لَهُ بَعدَ التَّمادي سُطورُها |
|
وَنُؤيٌ كَسِرِّ الكَفِّ عاف تَعاقَبَت | |
|
| عَلى طَيِّهِ ريحُ الصَّبا وَدُبورُها |
|
وَأَورَقَ في سُحم عَوارٍ كَأَنَّها | |
|
| بِهِ لَمَمٌ قَد لاحَ فيها قَتيرُها |
|
خَليلَيَّ قَد عَمَّ الأَسى وَتَقاسَمَت | |
|
| فُنونَ البِلى عُشّاقُ لَيلَى وَدُورُها |
|
فَلا دارَ إِلَّا دِمنَةٌ وَرُسومُها | |
|
| وَلا نَفسَ إِلَّا لَوعَةٌ وَزَفيرُها |
|
لَعَمرُ اللَّيالي ما حَمَدتُ قَديمَها | |
|
| فَيوحِشُني ذُهّابُها وَمُرورُها |
|
وَقالوا عَطاءَ الدَّهرِ يَبلى جَديدُهُ | |
|
| وَمَن لي بِدُنيا لا يَدومُ سُرورُها |
|
وَعاذِلَةٍ عابَت عَلَيَّ قَناعَتي | |
|
| كَأَنّي إِذا رُمتُ الغِنى أَستَثيرُها |
|
وَلَو أَنَّني خَبَّرتُها كَيفَ عَزمَتي | |
|
| عَلى بُعدِها حَنَّت مِنَ الشَّوقِ عيرُها |
|
رُوَيدَكَ حَتّى يَسحَب الرَّوضُ ذَيلَهُ | |
|
| وَتَنشُرُ أَعلامُ الفَيافي وَقورُها |
|
فَلي هِمَّةٌ لَو ابعَدَ اللَّهُ دارَها | |
|
| عَنِ الشّامِ لَم يُعرَف لِمِثلي نَظيرُها |
|
فَإِن أَعرَضَت مِن دونِنا هَضَباتُهُ | |
|
| وَوَدَّعَنا لُبنانُها وَسَنيرُها |
|
وَلاحَت ذُرى أَطوادِ مِصرَ وَفَرَّجَت | |
|
| سُجوفَ الدُّجى أَهرامُها وَقُصورُها |
|
فَقولي لِوادي المَحلِ أَينَ نَزيلُهُ | |
|
| وَلِلسَّنَةِ الشَّهباء كَيفَ فَقيرُها |
|
وَقومي اسأَلي عَن مِنَّةٍ تَغلِبِيَّةٍ | |
|
| سَرى بِشرُها قَبلَ النَّدى وَبَشيرُها |
|
إِذا بَلَغَت مِن ناصِرِ الدَّولَةِ المُنى | |
|
| فَما عُذرُها أَلَّا تُوَفّى نُذورُها |
|
وَأَبلَجَ مِن آلِ المُثَنّى تَأَلَّفَت | |
|
| لِناسِبِهِ شُهبُ العُلى وَبُدورُها |
|
تُناخُ عِتاقُ العِيسِ حَولَ قِبابِهِ | |
|
| وَقَد أَمِنَت شَدَّ الرِّحالِ ظُهورُها |
|
مِنَ القَومِ سَنُّو لِلمُلوكِ شَريعَةً | |
|
| مِنَ المَجدِ كانَت أَغفَلَتها دُهورُها |
|
فَإِن يُمنَح الأَلقاب قَومٌ سِواهُمُ | |
|
| فَأَوَّلُها مِن عِندِهِم وَأَخِيرُها |
|
لَهُم سَيفُها وَسَعدُها وَسَعيدُها | |
|
| وَناصِرُها وَفَخرُها وَمُنيرُها |
|
كَأَنَّكُمُ وَالأَرضُ أَبناء لَيلَةٍ | |
|
| فَما عُرِفَت إِلَّا وَمِنكُم أَميرُها |
|
إِذا أَظلَمَت فيها اللَّيالِيَ جَلَوتُمُ | |
|
| عَلَيها وجوهاً يُخجِلُ الشَّمسَ نورُها |
|
وَما عَدِمَت مِنكُم يَداً رَبعِيَّةً | |
|
| إِذا أَمحَلَت عاذَت بِها تَستَجيرُها |
|
وَلا زالَتِ الأَمصارُ تُزهى بِذِكرِكُم | |
|
| مَنابِرُها حَتّى يَطولَ قَصيرُها |
|
سَبَقتُم إِلى الأَيام قَبلَ صُروفِها | |
|
| فَما ثَبَتَت إِلَّا عَلَيكُم أُمورُها |
|
وَصاحَبتُموها وَهيَ بَعدُ غَريرَة | |
|
| فَصَحَّت لَكُم ثُمَّ استَمَرَّ مَريرُها |
|
وَأَغذَيتُمُ الدُّنيا بِفَيضِ نَوالِكُم | |
|
| فَمِن عِندِكُم أَمطارُها وَبُحورُها |
|
وَلَمّا شَكَت فَقدَ الكِرام إِلَيكُمُ | |
|
| وَكانَ عَلَيكُم بَعثُها وَنُشورُها |
|
أَعَدتُم عَلَى طَيِّ حُمَيداً وَحازِماً | |
|
| فَأَمرَعَ واديها وَفاضَ غَديرُها |
|
وَقَد طَمِعَت في حاتِم فَلَعَلَّهُ | |
|
| بِسَعدِكُمُ يَشتاقُها فَيَزورُها |
|
صَنائِعُ إِن فادَت إِلَيكُم صِعابَها | |
|
| فَإِنَّ طَليقَ العارِفات أَسيرُها |
|
لَكُم ذَخَرَتها العَلاقاتُ وَأَجمَعَت | |
|
| عَلى مَطلِها أَعوامُها وَشُهورُها |
|
وَما ذَهَبَت عَن قادِرٍ قَطُّ نِعمَةٌ | |
|
| يَمُنُّ بِها إِلّا إِلَيكُم مَصيرُها |
|
شَهِدتُ لَقَد جادَت عَلى الأَرضِ مُزنَةٌ | |
|
| أَكُفُّكَ أَحيا كُلَّ أَرضٍ مَطيرُها |
|
وَأَنَّكَ لَو نادَيتَ ساكِنَةَ الثَّرى | |
|
| أَجابَ صَداها أَو أَصاخَت قُبورُها |
|
وَإِنَّ امرَأ يَسعى إِلَيكَ بِكَيدِهِ | |
|
| كَباحِثَةٍ عَن مُديَةٍ تَستَثيرُها |
|
يَمُدُّ إِلى نَيلِ السَّماءِ بَنانَهُ | |
|
| وَتِلكَ أَحاديثُ المُنى وَغُرورُها |
|
فَلَو أَضمَرَت فيكَ الكَواكِبُ غَدرَة | |
|
| تَحَيَّرَ هاديها وَضَلَّ بَصيرُها |
|
وَلَو خالَفَت أَفلاكُها ما تُريدُهُ | |
|
| لأَنزَلَها قَسراً إِلَيكَ مُديرُها |
|
وَلَو عَدِمَت مِنكَ الخِلافَةُ نَظرَة | |
|
| وَهَى تاجُها العالي وَمادَ سَديرُها |
|
وَلَو كَتَمَت عَنكَ القُلوبُ سَريرَة | |
|
| تُريبكَ ما ضُمَّت عَلَيها صُدورُها |
|
وَقَد ظَهَرَت آياتُ سَيفِكَ لِلعِدى | |
|
| وَقامَ بِأَمرِ اللَّهِ فيهِم نَذيرُها |
|
فَإِن أَبَتِ الحُسّادُ إِلّا عِنادَها | |
|
| فَقَد عَرَفَت سُمرَ العَوالي نُحُورُها |
|
وَكَم طالِبٍ أَمراً وَفيهِ حِمامُهُ | |
|
| وَسارِيَةٍ تَسعى إِلى ما يُضيرُها |
|
لَكَ الخَيرُ ما جُهدُ القَوافي بِبالِغ | |
|
| مَداكَ وَإِن بَذَّ الرِّياحَ حَسيرُها |
|
وَلَو نُظِمَت فيكَ النُّجومُ مَدائِحاً | |
|
| لَقَصَّرَ عَن حَدِّ الثَّناءِ مَسيرُها |
|
وَلي فيكَ آمالٌ طِوالٌ وَما سَمَت | |
|
| إِلى غايَةٍ إِلّا وَأَنتَ جَديرُها |
|
وَما فاتَني خَيرٌ نَداكَ كَفيلُهُ | |
|
| وَلا غِبتُ عَن نُعمى وَقَومي حُضورُها |
|