باكِرْ صَبوحَكَ أَهْنَى العَيْشِ باكِرُهُ |
فَقَدْ تَرَنَّمَ فَوْقَ الأيْكِ طَائِرُهُ |
وَالَّليلُ تَجري الدّراري فِي مَجَرَّتِه |
كَالرَّوضِ تَطْفُو عَلى نَهْرٍ أزاهِرُهُ |
وَكَوْكَبُ الصُّبحِ نَجَّابٌ عَلى يَدِهِ |
مُخَلَّقٌ تَمْلأ الدُّنيا بَشائِرُهُ |
فَانْهَضْ إلى ذَوبِ ياقُوتٍ لَها حَبَبٌ |
تَنوبُ عَنْ ثَغْرِ مَن تَهوى جَواهِرُهُ |
حَمْراءُ فِي وَجْنَةِ السَّاقي لَها شَبَهٌ |
فَهَل جَناها مَعَ العُنقودِ عَاصِرُهُ |
ساقٍ تَكَوَّنَ مِن صُبْحٍ وَمِن غَسَقٍ |
فَابْيَضَّ خَدَّاهُ وَاسوَدَّتْ غَدائِرُهُ |
بِيضٌ سَوالِفُهُ لُعْسٌ مَرَاشِفُهُ |
نُعْسٌ نَواظِرُهُ خُرْسٌ أَساوِرُهُ |
مُفَلجُ الثغْرِ مَعْسولُ اللَّمى غَنِجٌ |
مُؤَنَّثُ الجَفْنِ فَحْلُ اللَّحظِ شاطِرُهُ |
مُهَفْهَفُ القَدَّ يَنْدى جِسْمُهُ تَرَفاً |
مُخَصَّرُ الخَصْرِ عَبْلُ الرَّدْفِ وَافِرُهُ |
تَعَلَّمَت بانَةُ الوادي شَمائِلَهُ |
وَزَوَّرَتْ سِحْرَ عَيْنَيْهِ جَإِذْرُهُ |
كَأَنَّهُ بِسَوَادِ الَّليْلِ مُكْتَحِلٌ |
أو رُكَّبَتْ فَوْقَ صُدْغَيهِ مَحاجِرُهُ |
نَبِيُّ حُسْنٍ أَظَلَّتْه ذُؤَابَتُهُ |
وَقامَ فِي فَتْرَةِ الأجْفانِ ناظِرُهُ |
فَلَوْ رَأَتْ مُقْلَتا هَاروتَ آيتَه ال |
كُبرى لآمَنَ َبْعَد الكُفْرِ ساحِرُهُ |
قامَتْ أَدِلَّةُ صُدْغَيهِ لَعاشِقِهِ |
عَلى عَذولٍ أتى فِيهِ يُناظِرُهُ |
خُذْ مِن زَمانِكَ ما أعْطاكَ مُغْتِنَماً |
وَأنتَ ناهٍ لِهذا الدَّهرِ آمِرُهُ |
فَالعُمْرُ كَالكَأسِ تُسْتَحْلى أوائِلُهُ |
لكِنَّهُ رُبَّما مُجَّتْ أواخِرُهُ |
وَاجْسُرْ عَلى فُرَصِ اللَّذاتِ مُحْتَقِراً |
عَظِيمَ ذَنْبِكَ إنَّ اللَّه غافِرُهُ |
فَلَيْسَ يُخْذَلُ فِي يَوْمِ الحِسابِ فَتىً |
والنَّاصِرُ ابنُ رَسولِ اللَّه ناصِرُهُ |
إمامُ عَدْلٍ لِتَقْوى اللَّه باطِنُهُ |
وَلِلْجَلالَةِ وِالإحْسانِ ظاهِرُهُ |
تَجسَّدَ الحَقُّ فِي أَثناءِ بُرْدَتِهِ |
وَتُوِّجَتْ بِاسْمِهِ العالي مَنابِرُهُ |
لَهُ عَلى سِرِّ سِتْرِ الغَيْبِ مُشْتَرَفٌ |
فَما مَوارِدُهُ إلاّ مَصادِرُهُ |
راعٍ بِطَرْفٍ حَمى الإسلامَ ساهِرُهُ |
ساطٍ بِسَيْفٍ أبَادَ الكُفْرَ شَاهِرُهُ |
فِي صَدْرِهِ البَحْرُ أو فِي بَطْنِ راحَتِهِ |
كِلاهُما يَغْمُرُ السَّؤَّالَ زَاخِرُهُ |
تَقْضِي بِتَفضْيلِهِ ساداتُ عِتْرَتِهِ |
لِو كانَ صادِقُهُ حَيّاً وبَاقِرُهُ |
كُلُّ الصَّلاةِ خِداجٌ لا تَمامَ لَها |
إِذْا تَقَضَّتْ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ذاكِرُهُ |
كُلُّ الكَلامِ قَصيرٌ عَن مَناقِبِهِ |
إلاَّ إِذْا نَظَمَ القُرآنَ شاعِرُهُ |
مُحَجَّبٌ فِي سُجوفِ العِزِّ لَو فُرِجَتْ |
عَن نُورِ وَجْهٍ يُباهِي الصُّبْحَ باهِرُهُ |
رَأَيْتَ مَلكاً كَبيراً فَوْقَ سُدَّتِهِ |
جِبْريلُ داعِيهِ أو ميكالُ زائِرُهُ |
طُوراً أضاءَتْ لِموسى نَارَ جَذْوَتِهِ |
حَتَّى انْجَلَتْ لَمُناجاةٍ بَصائِرُهُ |
نَضاهُ سَيْفاً عَلى أعْداءِ دَوْلَتِهِ |
ما كُلُّ سَيْفٍ لَهُ تُثْنى خَناصِرُهُ |
فَضْلُ اصْطِفاءِ أتى مِن غَيْرِ مَسْأَلَةٍ |
يَغنَى بِهِ عَن أخٍ بَرٍّ يُؤَازِرُهُ |
تَهُنَّ نُعْمى أمير المُؤمِنينَ وَدُمْ |
يا أُيُّها الأشرَفُ المَيْمونُ طائِرُهُ |
بِحَدِّ سَيْفِكَ آياتُ العَصَا نُسِخَتْ |
إِذْا تَفَرْ عَنَ يَوْمَ الرَّوْعِ كافِرُهُ |
سَلِ الكُلَى وَالطُّلَى يا مَن يُساجِلُهُ |
فَالرُّمحُ ناظِمُهُ وَالسَّيفُ ناثِرُهُ |
تَنَجَّسَتْ بِدَمِ القَتْلَى صَوارِمُهُ |
وَطُهِّرَتْ بِيَدِ التَّقْوى مآزِرُهُ |
نَضُّ النَّوالِ سَريعُ البَطْشِ مُتَّئِدٌ |
كالدَّهْرِ تُرْجى كمَا تُخْشى بَوادِرُهُ |
إِذْا حَبا أغْنَتِ الأيدِي مَواهِبُهُ |
وَإنْ سَطا سَدَّتِ الدُّنْيا عَساكِرُهُ |
أيْنَ المَفَرُّ لِمَنْ عاداهُ مِن يَدِه |
وَالوَحْشُ وَالطَّيْرُ أتْباعٌ تُسايِرُهُ |
إنْ يَصْعَدِ الْجَوَّ ناشَتْهُ خَواطِفَهُ |
أوْ يَهْبِطِ الأرْضَ غالَتْهُ كَواسِرُهُ |
يا جامِعاً بِالعَطايا شَمِلَ عِتْرَتِهِ |
كَالقُطْبِ لَوْلاَهُ ما صَحَّتْ دَوائِرُهُ |
إنْ جادَ شِعْرِي فَهذا الفَضْلُ عَلَّمَني |
مَنْ غاصَ فِي البَحْرِ جاءَتْهُ جَواهِرُهُ |