رُوَيدَكَ يا هَذا المَليكُ الحَلاحِلُ | |
|
| فَما المَجدُ إِلّا بَعضُ ما أَنتَ فاعِلُ |
|
دَعِ الشِعرَ حَتّى يَشمَلَ الحَدَّ حِكمَةً | |
|
| وَشَأنَكَ وَالدُنيا فَأَنتَ المُقابَلُ |
|
فَقَد جُزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنَدى | |
|
| وَتِربُكَ في لِعبِ الصِبا مُتَشاغِلُ |
|
وَأَدرَكتَ ما فَوقَ الكَمالِ وَلَم يُقَل | |
|
| لِمِثلكَ في ذِي السِنِّ إِنَّكَ كامِلُ |
|
أَخَذتَ بِأَعضادِ العَشيرَةِ بَعدَما | |
|
| هَوَت وَعَلَت مِنها الرُؤُوسَ الأَسافِلُ |
|
وأَنقَذتَها مِن بَعدِ أَن لَعِبَت بِها | |
|
| يَدُ الدَهرِ وَاِستَولَت عَلَيها الزَلازِلُ |
|
فَأَنتَ لِناشِيها أَخٌ وَلِطِفلِها | |
|
| أَبٌ راحِمٌ وَاِبنٌ لِذي الشَيبِ واصِلُ |
|
عَلى أَنَّكَ المَولى الَّذي يُقتَدى بِهِ | |
|
| وَلَكِنَّ طَبعاً تَقتَضيهِ الشَمائِلُ |
|
أَطاعَت لَكَ الأَيّامُ كَرهاً وَسَلَّمَت | |
|
| إِلَيكَ مَقاليدَ الأُمُورِ القَبائِلُ |
|
فَقُل لِلّيالي كَيفَ تَجري صُرُوفُها | |
|
| فَما الفَضلُ شَيءٌ غَيرُ ما أَنتَ قائِلُ |
|
فَقَد أَذعَنت لِلخَوفِ مِنكَ وَأَهطَعَت | |
|
| إِلى قَولِ مَأمُولٍ تَلَقّاهُ آمِلُ |
|
زَهَت بِكَ آفاقُ البِلادِ وَأَخصَبَت | |
|
| رُباها وَطابَت في ذُراها المَآكِلُ |
|
وَنامَت عُيُونٌ رُبَّما عافَتِ الكَرى | |
|
| بِلا رَمَدٍ فيها وَقَرَّت بَلابِلُ |
|
تَرَكتَ الغُواةَ الغُثرَ فَوضى وَطالَما | |
|
| غَدَت وَلَها مِن قَبلُ فينا مَحافِلُ |
|
وَأَوليتَها مِنكَ الهَوانَ وَأَصبَحَت | |
|
| وَكُلُّ غَويٍّ خاشِعٌ مُتضائِلُ |
|
وَلَم يَبقَ مِن حِزبِ الضَلالِ اِبنُ غَيَّةٍ | |
|
| عَلى الأَرضِ إِلّا وَهوَ خَزيانُ خامِلُ |
|
رَفَعتَ عِمادَ المَجدِ مِن بَعدِ ما وَهى | |
|
| وَرثَّ وَأَضحى رُكنُهُ وَهوَ مائِلُ |
|
وَأَحيَيتَ رُوحَ الجُودِ مِن بَعدِ ما قَضى | |
|
| وَرَدَّ عَلَيهِ التُربَ حاثٍ وَهائِلُ |
|
وَقُمتَ بِأَحكامِ الشَريعَةِ فَاِستَوَت | |
|
| لَدَيكَ ذَوُو الأَجبالِ طَيٌّ وَوائِلُ |
|
وَأَوهَيتَ كَيدَ الفاسِقينَ فَأَصبَحُوا | |
|
| وَناصِرُهُم مِن جُملَةِ الناسِ خاذِلُ |
|
وَداوَيتَ قَرحاً كانَ في كَبدِ العُلى | |
|
| تَبَطَّنهُ داءٌ مِنَ الغِلِّ قاتِلُ |
|
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ أَنتَ إِذا اِلتقَت | |
|
| صُدُور المَذاكي وَالخِفافُ الذَوابِلُ |
|
وَنِعمَ المُرَجّى في السِنينِ إِذا اِستَوَت | |
|
| مِنَ الضُرِّ أَبناءُ السُرى وَالأَرامِلُ |
|
وَنِعمَ المُراعي لِلنَّزيلِ إِذا غَدا | |
|
| أَكيلاً وَأَفنى مالَهُ مَن يُنازِلُ |
|
وَنِعمَ الصَريخُ المُستَجاشُ إِذا اِرتَوَت | |
|
| لَدى الرَوعِ مِن هامِ الكُماةِ المَناصِلُ |
|
وَنِعمَ لِسانُ القَومِ إِمّا تَأَخَّرَت | |
|
| عَنِ القَولِ ساداتُ الرِجالِ المَعاوِلُ |
|
وَنِعمَ مُناخُ الرَكبِ أَهدى لَهُ السُرى | |
|
| سَنا النارِ في الظَلماءِ وَالعامُ ماحِلُ |
|
فَيَا سائِلي عَن شَأنِ فَضلٍ وَلَم يَزَل | |
|
| بَغيضاً إِليَّ العالِمُ المُتَجاهِلُ |
|
سَلِ القَومَ عَنهُ يَومَ جاءَت وَأَقبَلَت | |
|
| تَخُبُّ المَذاكي تَحتَها وَتُناقِلُ |
|
أَغارَت عَلى دَربِ الحَنائِدِ غارَةً | |
|
| يَطيرُ الحَصا مِن وَقعِها وَالجَراوِلُ |
|
لَها فَيلَقٌ بِالجَوِّ ذِي النَخلِ كامِنٌ | |
|
| وَرَيعانُها لِلمَسجِدِ الفَردِ شامِلُ |
|
وَطارَدَتِ الفِتيانَ فيها وَأَظهَرَت | |
|
| كُناها وَكُلٌّ عارِفٌ مَن يُجادِلُ |
|
فَوَلَّت حُماةُ القَومِ خَيلاً وَلَم تَزَل | |
|
| بَنُو الحَربِ في يَومِ التَلاقي تُحاوِلُ |
|
فَراحَت عَلَيها الخَيلُ فَاِنبَعَثَت لَها | |
|
| جَحافِلُ جَمعٍ تَقتَفيها جَحافِلُ |
|
فَحاصَت حِذارَ القَتلِ وَالأَسرِ خَيلُهُ | |
|
| وَسُمرُ القَنا فيهنَّ صادٍ وَناهِلُ |
|
فَأَورَدَهُم صَدرَ الحِصانِ كَأَنَّما | |
|
| لَهُ المَوتُ جُندٌ بِالمُعادينَ كافِلُ |
|
وَعاجَلَ طَعناً سَيِّدَ القَومِ فَاِغتَدَوا | |
|
| وَقَد عافَ كُلٌّ مِنهُمُ ما يُحاوِلُ |
|
بِها رَدَّ أَرواحَ التَوالي وَقَد غَدَت | |
|
| إِذا ثارَ مِنهُم راجِلٌ طاحَ راجِلُ |
|
أَقولُ وَقَد طالَ اِهتِمامي وَعَبرَتي | |
|
| عَلى الخَدِّ مِنها مُستَهِلٌّ وَجائِلُ |
|
وَقَد قَلِقَت مِنّي الحَشا وَتَتابَعَت | |
|
| ظَواهِرُ أَنفاسٍ وَأُخرى دَواخِلُ |
|
أَيا نَفسُ صَبراً لِلبَلايا فَرُبَّما | |
|
| أَتى فَرَجٌ لِلمَرءِ وَالمَرءُ غافِلُ |
|
فَكَم ضاقَ أَمرٌ ثُمَّ وَافى اِتِّساعُهُ | |
|
| وَما عاجِلٌ إِلّا وَيَتلوهُ آجِلُ |
|
وَقَد يَأمَنُ النَقصَ السُها لِاِحتِقارِهِ | |
|
| وَيَخشى الخُسوفَ البَدرُ وَالبَدرُ كامِلُ |
|
وَما بَينَ مَوتُورٍ وَلا بَينَ واتِرٍ | |
|
| لِفَصلِ القَضا إِلّا لَيالٍ قلائِلُ |
|
وَلَيسَ عَجيباً أَن يُحَقَّرَ عالِمٌ | |
|
| لَدى ضِدِّهِ أَو أَن يُوَقَّرَ جاهِلُ |
|
فَقَد رُبَّما لِلجَدِّ يُكرَمُ ناهِقٌ | |
|
| فَيُخلى لَهُ المَرعى وَيُحرَمُ صاهِلُ |
|
وَقَد يُلبَسُ الدِيباجَ قِردٌ وَلُعبَةٌ | |
|
| وَتُلوى بِأَعناقِ الرِجالِ السَلاسِلُ |
|
وَما الدَهرُ إِلّا فَرحَةٌ ثُمَّ تَرحَةٌ | |
|
| تَناوَبُها الأَيّامُ وَالكُلُّ زائِلُ |
|
فَقِرّي حَياءً وَاِطمَئِنّي جَلادَةً | |
|
| فَأَيُّ كَريمٍ سالَمتهُ الغَوائِلُ |
|
فَما أَنا بِالعَلِّ الجزُوعِ إِذا عَرى | |
|
| مِنَ الدَهرِ خَطبٌ أَو تَعَرّضَ نازِلُ |
|
وَما كانَ حَملي لِلأَذى عَن ضَراعَةٍ | |
|
| وَلَكِن لِأَمرٍ كانَ مِنّي التَثاقُلُ |
|
وَإلّا فَعِندي لِلسُرى أَرحَبِيَّةٌ | |
|
| وَعَزمٌ يَفُلُّ السَيفَ وَالسَيفُ فاصِلُ |
|
وَفِيَّ عَلى عَضِّ اللَيالي بَقِيَّةٌ | |
|
| وَإِن قُطِعَت مِن راحَتَيّ الأَنامِلُ |
|
وَلِي عَن مَكانِ الذُلِّ مَنأىً وَمَرحَلٌ | |
|
| وَذا الناسُ في الدُنيا غَريبٌ وَآهِلُ |
|
وَلَستُ غَريباً أَينَ كُنتُ وَإِنَّما | |
|
| مَعانِيَّ غُربٌ في الوَرى لا المَنازِلُ |
|
وَلَولا رَجائِي في الأَميرِ لَقَلَّصَت | |
|
| بِرَحلي عَنِ الدارِ القِلاصُ العباهِلُ |
|
وَلَكِن إِذا ما النَفسُ جاشَت وَعَدتَها | |
|
| بِما وَعَدَتني فيهِ تِلكَ المَخائِلُ |
|
فَيَسكُنُ مِنها الجَأشُ حَتّى كَأَنَّني | |
|
| بِها فَوقَ أَعلامِ المَجَرَّةِ نازِلُ |
|
وَحُقَّ لِمثلي أَن يُؤَمِّلَ مِثلَهُ | |
|
| وَفي الناسِ مَأمُولٌ يُرَجّى وَآمِلُ |
|
لِأَنَّ عَلِيّاً جَدَّهُ عَمِّيَ الَّذي | |
|
| يَطُولُ بِهِ بَيتي عَلى مَن يُطاوِلُ |
|
وَضَبّارُ جَدّي عَمُّهُ وَكِلاهُما | |
|
| خَليصانِ وَالعَمُّ المُهَذَّبُ ناجِلُ |
|
وَيَجمَعُنا في الأُمَّهاتِ اِبنُ يُوسُفٍ | |
|
| عَلِيٌّ وَنُعمان الأَغَرُّ الحُلاحِلُ |
|
وَلِيَ دُونَ هَذا عِندَ فَضلٍ وَسيلَةٌ | |
|
| إِذا اِنقَطَعَت فيما سِواهُ الوَسائِلُ |
|
وَعِندي مِنَ المدحِ الَّذي ما اِهتَدى لَهُ | |
|
| جَريرٌ وَلا تِلكَ الفُحولُ الأَوائِلُ |
|
أَقَرَّ بِفَضلِ الفَضلِ بادٍ وَحاضِرٌ | |
|
| وَساقَ إِلَيهِ الشُكرَ حافٍ وَناعلُ |
|
وَأَضحى سَريرُ المُلكِ يَختالُ فَرحَةً | |
|
| بِهِ وَتَجَلَّت عَنهُ تِلكَ القَساطِلُ |
|
فَيا نَحسُ سِر بُعداً وَسُحقاً وَلا تَجُز | |
|
| بِداري مَدى الأَيّامِ أُمُّكَ هابِلُ |
|
فَقَد حالَ فَضلٌ دونَ ما أَنتَ طالِبٌ | |
|
| لَدَيَّ وَذُو الإِحسانِ وَالجُودِ فاضِلُ |
|
وَأَصبَحَ دُوني راجِحٌ وَكَأَنَّهُ | |
|
| أَخُو غايَةٍ صَعبُ العَريكَةِ باسِلُ |
|
مُلوكٌ هُمُ الشُمُّ الرَواسي رَزانَةً | |
|
| إِذا ما اِستَخَفَّ الحِلمَ حَقٌّ وَباطِلُ |
|
وَإِن نَهَضُوا يَوماً لِحَربٍ رَأَيتَهُم | |
|
| كَأَنَّهُمُ فَوقَ الجِيادِ الأَجادِلُ |
|
نَماهُم إِلى العَلياءِ أَشرَفُ والِدٍ | |
|
| تَقُومُ لَهُ بِالمَأثُراتِ الدَلائِلُ |
|
أَبُو القاسِمِ المَلكُ الَّذي عُرِفَت بِهِ | |
|
| حِدادُ المَواضي وَالعِتاقُ الصَواهِلُ |
|
هُمامٌ لَهُ عَزمٌ وَحَزمٌ وَمَحتِدٌ | |
|
| كَريمٌ وَبَأسٌ لا يُطاقُ وَنائِلُ |
|
وَعَدلٌ تَساوى فيهِ سامٍ وَيافِثٌ | |
|
| وَحامٍ وَمُبدِي قطعِهِ وَالمَواصِلُ |
|
وَلا بَرِحَت تَسطُو رَبيعَةُ في العِدى | |
|
| بِمِثلِهِمُ ما طَبَّقَ الأَرضَ وابِلُ |
|
وَما ناحَ قُمرِيُّ الحَمامِ وَما دَعا | |
|
| أَخُو فاقَةٍ وَاستَجلَبَ المَدحَ باذِلُ |
|
وَعاشُوا جَميعاً في نَعيمٍ وَغِبطَةٍ | |
|
| وَحاسِدُهُم في غُمَّةٍ لا تُزايِلُ |
|